الجمعة 2021/01/08

آخر تحديث: 21:58 (بيروت)

موسكو تحلل المصالحة الخليجية

الجمعة 2021/01/08
موسكو تحلل المصالحة الخليجية
increase حجم الخط decrease
قد تكون الدهشة والمفاجأة أكثر ما توحيه نصوص المواقع الناطقة بالروسية ، التي تتحدث عن صلح الخليج . فقد كان من الصعب على هذه المواقع التصديق، كما يبدو ، أن الجو المكفهر ، الذي ساد الخليج أكثر من ثلاث سنوات ، قد انقشع بهذه السرعة . هكذا تساءل موقع راديو "Sputnik" الروسي الرسمي في نص عنونه "نهاية الصراع؟ البلدان العربية وقعت وثيقة مهمة بشأن قطر" ، واكتفى الموقع في نصه المقتضب بذكر الدول ، التي وقعت الوثيقة ، والتذكير بحضور مستشار الرئيس الأميركي الحالي وصهره جاريد كوشنير.

موقع الأسبوعية الأوكرانية "Korrespodent" الناطقة بالروسية ، نشر نصاً بعنوان "تصالح الخليج وقطر . ما هي الأسباب" ، قالت فيه ، بأن زعماء الدول الست الأعضاء، في مجلس التعاون الخليجي وقعوا إتفاقية "التعاون والإستقرار" ، التي أنهت المواجهة الدبلوماسية بين السعودية وحلفائها وبين قطر . ويقول الإعلان ، الذي أذيع في ختام القمة ، أنه مقابل العودة الكاملة  للعلاقات الدبلوماسية ، التي قُطعت مع قطر،  تتخلى الأخيرة عن الحقوق المالية ، التي أقرتها لها المؤسسات القضائية الدولية على الدول الخليجية الأخرى.

ويقول الموقع ، أن الإعلان في ختام القمة تحدث عن تعزيز التعاون بين بلدان المنطقة ، بما فيه التكامل العسكري وإنجاز كافة المشاريع الإقتصادية . كما يتحدث أيضاً عن تعهد بلدان المنطقة عدم إنتهاك سيادة بعضها البعض والنضال معاً ضد الإرهاب وجائحة كورونا . ويشير الموقع إلى حضور كبير مستشاري الرئيس الأميركي الحالي وصهره جاريد كوشنير القمة ، ومساعدته في التوصل إلى الإتفاقية بين السعودية وقطر . كما يشير الموقع إلى قيام ولي العهد السعودي وبقية المشاركين في القمة بالتعبير عن الإمتنان لجهود الوساطة من قبل الكويت والولايات المتحدة.

وينقل الموقع عن "Wall Street Journal" قولها ، بأن صفقات بيع الأسلحة للسعودية ومصر ، هي التي ساهمت في موافقة الولايات المتحدة على التوسط بين أطراف المصالحة.

وبعد أن يُذكِّر الموقع بقائمة المطالب 13 ،  التي قُدمت إلى قطر في ذروة تفجر الأزمة ورفضها لها، يشير إلى أن السعودية هي الممر البري الوحيد لقطر ، وأنها هددت في أيلول/سبتمبر 2018 بحفر قناة مائية واسعة على حدودها مع قطر و"تحويل قطر إلى جزيرة".

ويفترض الموقع ، أن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع قطر ، قد تكون الخطوة الأخيرة في إقامة تحالف معاد لإيران في المنطقة ، تشارك فيه إسرائيل والدول العربية . ويذكر بتصريح الامير محمد بن سلمان بشأن خطر البرنامج النووي الإيراني وبرنامج الصواريخ الباليستية ، وكذلك "مشاريعها التخريبية والتدميرية ، بما فيها النشاطات الإرهابية والدينية الرامية لزعزعة أمن المنطقة وإستقرارها".

بين العوامل الأخرى للمصالحة ، يقول الموقع ، بأن الخبراء يشيرون إلى مشكلة إنتقال السلطة من ملك السعودية إلى محمد بن سلمان ، إذ من المهم بالنسبة لولي العهد تسجيل إنتصارات في السياسة الخارجية.

لكن على الرغم من الأهمية الرمزية لمصالحة قطر مع جيرانها ، إلا أنهم يبقون على الجانبين المختلفين من الصراع في عدد من الصراعات الإقليمية ، بما فيها الحرب الأهلية في ليبيا ، إذ أن قطر وتركيا تدعمان حكومة طرابلس ، التي تضم ممثلين عن الإخوان المسلمين ، بينما تؤيد الإمارات العربية الجنرال خليفة حفتر.

كان من اللافت في تغطية المواقع الناطقة بالروسية لقمة المصالحة الخليجية ، تركيزها على التفاصيل ، التي رافقت اللقاء ، مثل التوقف عند لقاء أمير قطر وولي العهد السعودي عند سلم الطائرة ، وكيف وضع أمير قطر يده على صدره ، بينما مد الأمير السعودي يده و"عانق ضيفه في ظل الجائحة" ، ومن وصل اللقاء أولاً ، وكيف قام الأميران بجولة في واحة العلا وسواها من تفاصيل لقاء القمة . ومن بين مثل هذه التفاصيل ، ما ركز عليه موقع المجمع الإعلامي الروسي الكبير "RBK" ، واقتصرت تغطيته للقمة على ما نقله عن Bloomberg ، بأن "السعوديين حذفوا من YouTub أغنية بعد رفع الحصار عن قطر" . ويقول ، بأن شركة "Rotana" السعودية حذفت بعد المصالحة أغنية "Teach Qatar" ، التي تتحدث عن "أخطاء قطر” وأسباب عداء دول الخليج لها . الأغنية كتبها كبير مستشاري الديوان الملكي السعودي تركي الشيح ، كما ينقل الموقع عن الوكالة.

الصحيفة السياسية الروسية الكبرى "Kommersant" علقت على القمة الخليجية بنص مطول بعنوان "أضافوا التوافق إلى الخليج" . وتقول ، بأن الصحافيين ، الذين كانوا يتولون تغطية القمة ، كانوا يريدون أكثر من التعابير العامة الواردة في بيان القمة ، وسألوا ما إن كان الصراع في الخليج قد توقف كلياً ، أم أن الأمر يقتصر على إحياء التعاون القطري السعودي فقط . وزير الخارجية السعودي رد على الصحافيين بالتأكيد ، أن ما جرى في القمة هو "إنتهاء كلي للصراع مع قطر واستعادة العلاقات الدبلوماسية معها بالكامل".

وبعد أن تشير الصحيفة إلى إنزعاج إدارة ترامب من النزاع الخليجي ، الذي كانت تعتبره عقبة في وجه إقامة تحالف مناهض لإيران ، تقول بأن الاراء تتعدد حول الأسباب ، التي تقف وراء تحقق المصالحة في الواقع . لكن ، إذا كان ضغط واشنطن قد لعب في البداية دوراً مهماً في تبلور المصالحة ، لم يعد لهذا العامل الآن أهمية تذكر بعد هزيمة ترامب في الإنتخابات . من جانب آخر ، تنتظر السعودية ومصر مرحلة "ليست سهلة" في العلاقات مع إدارة جو بايدن ، الذي سيولي إهتماماً كبيراً  لمسألة حقوق الإنسان ، إضافة إلى أن واشنطن عازمة على التواصل مع إيران ، مما يجعل النفح في الصراع الخليجي أمراً غير مستحسن.

وتنقل الصحيفة عن نيكولاي كوجانوف ، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط في معهد الإقتصاد الدولي (كان يعمل في الدوحة حتى وقت قريب) قوله ، بأنه ، إذا كانت المصالحة مهمة بالنسبة لقطر من وجهة النظر الإقتصادبة ( مع أن الدوحة تمكنت من تذليل عواقب الحصار، حسب قوله ) ،  فهي تمثل أهمية سياسية بالنسبة للأطراف الآخرين ، وخاصة بالنسبة للسعودية ، التي تسعى لتوحيد الدول العربية ضد إيران ، وتحاول تخفيض النفوذ التركي في المنطقة ، مع العلم ، أن أنقرة كانت ، وستبقى الحليف الأساسي للدوحة في المنطقة.

لكن خيبة الأمل من الولايات المتحدة تبقى ، برأي كوجانوف، "العامل الأساسي هنا" ، سيما وأنه ، ليس من الواضح ، حتى الآن ، كيف ستكون عليه خطوات الإدارة الجديدة . لكن من الواضح أن مصالح دول الخليج لن تكون في المكان الأول من إهتمامات واشنطن ، وسيتعين عليها حل مشاكلها بنفسها.

ويرى كوجانوف ، ان مسألة إنتقال السلطة في السعودية من الملك سلمان إلى ولي العهد ، هي أحد العوامل ، التي تقف وراء المصالحة . فمن المهم بالنسبة للأمير محمد بن سلمان تسجيل إنتصارات في الساحة الدولية ، وضمان دعم الدوحة له ، بما فيه تخفيض إنتقادات قناة الجزيرة له ، سيما وأنه أخذت تبرز أكثر في الفترة الأخيرة التناقضات بينه وبين حليفه الرئيسي في المنطقة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها