الإثنين 2020/09/21

آخر تحديث: 07:10 (بيروت)

المالية كواجهة للعرقلة

الإثنين 2020/09/21
المالية كواجهة للعرقلة
increase حجم الخط decrease
من الصعب تفكيك عقدة وزارة المالية من دون التفكير في السؤال الأساسي: هل الدافع هو حقيبة المالية ومكانتها المفترضة في اتفاق الطائف؟ في الحسابات الداخلية الصرف، لا يُبرر أي موقف التمسك بالحصول على وزارة المالية، وعلى ثلثٍ ضامنٍ أو مُعطلٍ، بعد انفجار مرفأ بيروت والكلفة البشرية والمادية الباهظة له، وفي ظل الأزمة المالية والاقتصادية الخانقة والمتفاقمة، وفيما يلوح رفع الدعم في الأفق.

الحكومة المنوي تأليفها "مُصغرة" من 14 وزيراً، وفيها مستقلون بالإمكان تسجيل اعتراض على أسمائهم في حال كانت لديهم انتماءات سياسية أو لو اختارهم رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، كما تردد. وفقاً للأوساط السياسية المتابعة للمسار المتعثر لتشكيل الحكومة، رفضت القوى الأساسية ومنها الثنائي الشيعي عشرات الأسماء خلال الفترة الماضية. كما رفضت الحل المتمثل بتسمية وزير من خارج الطائفة، أو ترك الرئيس المكلف يختار اسماً شيعياً للحقيبة.

لو افترضنا صحة أن لدى بعض الساسة ومنهم الحريري "مونة" إما على لبنانيين أو فرنسيين قريبين من الدائرة الضيقة لصنع القرار، وأن أطرافاً خارجية حليفة لعبت دوراً في التشكيل، ما هي المخاطر المترتبة على مثل هذه المقاربة، سيما لو كانت الأسماء من الاختصاصيين، والتركيز اقتصادي فحسب؟

هل تُعيد الحكومة خطأ الخامس من أيار (مايو) عام 2008؟ بالتأكيد لن تفعل ذلك، وليس هذا الأمر من ضمن صلاحياتها واختصاصات أعضائها. كما أن "حزب الله" وحلفاءه ما زالوا يُمسكون بالغالبية في البرلمان على عكس عام 2008.

والواضح أيضاً أن المهمات الملقاة على عاتق الحكومة المقبلة، ليست بالهينة، وأولها التعامل مع قضية رفع الدعم عن المحروقات والخبز والأدوية، وثانيها إعادة اعمار المرفأ والمناطق المدمرة حوله، وأخيراً اجراء إصلاحات جذرية لا بد أن تُثير احتجاجات سياسية وشعبية لو اقترنت بتخفيض عديد موظفي القطاع العام.

خلاصة الأمر أن من الصعب إيجاد مبرر داخلي حقيقي لعملية المماطلة والعرقلة، إذ تغرق البلاد ببطء في فوضى الحوادث الأمنية والعوز والمخاطر بالهجرة بحراً. ليس مُقنعاً الحديث عن حقوق لطائفة ما والثلث الضامن لها وغير ذلك، ولا فتح مسألة المؤتمر التأسيسي وإثارة النعرات المذهبية.

الواضح اليوم هو أن أسباباً خارجية لا داخلية تحول دون التقدم في الملف الحكومي. نحن على بعد أسابيع فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستُقرر مسار التفاوض الإيراني مع واشنطن، ونتائجه على "حزب الله" وحلفائه في لبنان. كما نشهد اليوم مساراً تصعيدياً متسارعاً قررت إدارة الرئيس دونالد ترامب، أن تسلكه خلال الحملة الانتخابية، ربما لاستدراج طهران إلى رد. ستتواصل العقوبات الأميركية على طهران وعلى "حزب الله"، خلال الأسابيع المقبلة (وهي منفصلة تماماً عن مسار المبادرة الفرنسية في لبنان).

هناك خياران أساسيان اليوم، إما المضي بالمبادرة الفرنسية وتشكيل حكومة قبل الانتخابات الأميركية، بما يُحيّد لبنان عن نتائجها واحتمالات التصعيد بعدها (في ولاية ثانية لترامب)، أو تعليق التأليف والاحتفاظ به ورقة للتفاوض مع أي إدارة مقبلة.

حينها، ستتنازل ايران و"حزب الله" لمصلحة طرف خارجي قادر على تسديد الثمن برفع العقوبات أو وقفها. لماذا رمي الأوراق قبل استحقاقها اذا كان الانتظار أسابيع ممكناً قبل استحقاق رفع الدعم؟ ولماذا يمنح الحزب وايران، الرئيس ترامب انجازاً انتخابياً محتملاً له (اخراج الحزب من الحكومة وتقويض نفوذه)؟

الأرجح أن سبب التأجيل ليس المالية ولا الميثاقية ولا الرغبة في المثالثة، بل الخارج. لبنان الورقة سينتظر الخارج. ولكن ايران لا يجوز أن "تعلق مسائلها الاقتصادية على انتخابات الدولة الفلانية، وما يجري فيها من تطورات"، كما أبلغ مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، الرئيس حسن روحاني وحكومته قبل أسابيع، "بل يجب أن نرسم خططنا الاقتصادية بالاعتماد على قدراتنا وإمكاناتنا الذاتية والداخلية، بغض النظر عن نتائج الانتخابات في أي مكان". 

هذا هو الفارق الأساسي بين الورقة وبين من يُمسك بها.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها