الأربعاء 2020/04/29

آخر تحديث: 08:36 (بيروت)

تركيا:السوريون خارج نسيج الأمة

الأربعاء 2020/04/29
تركيا:السوريون خارج نسيج الأمة
© Getty
increase حجم الخط decrease
لن يكون هناك أحد آمناً حتى يصبح الجميع بأمان. هذا هو واحد من أهم الدروس التي يحاول فيروس كورونا تعليمنا إياها.
جميع التدابير التي نتخذها، مثل الحجر الصحي، في محاولة للبقاء في المنزل، والامتناع عن الاتصال الجسدي، وغسل اليدين، كلها مفيدة لحماية أنفسنا، ولكنها ليست كافية على المدى الطويل؛ إذا أردنا حياة خالية من فيروس كورونا، فيجب أن يتمكن الجميع من اتباع هذه القواعد.
السؤال هو: هل لدى الجميع هذه الفرصة؟ خاصة أربعة ملايين لاجئ يعيشون في تركيا.
قبيل تفشي فيروس كورونا كان السوريون خاصة، الموضوع الرئيسي في جدول الأعمال التركي. لكن الآن، لا يتم ذكرهم على الإطلاق، ليس من قبل السياسيين الذين يحاولون استخدامهم كبطاقة أساسية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، ولا من قبل المجموعة الأخرى من السياسيين الذين يحاولون استغلال المواقف السلبية من المواطنين تجاه اللاجئين من أجل الإضرار بالحكومة. الصحافة كذلك ليست مهتمة بهم، سوى ببعض القصص مثل: تم إرسال لاجئ ليس لديه مكان للإقامة خلال حظر التجول إلى مخيم للاجئين؛ صدر إعلان حظر التجول باللغة العربية في غازي عنتاب وهاتاي؛ اللاجئون ينتجون الأقنعة.
ولكن هناك حقيقة أخرى نضيء عليها بسبب الوباء، وهي أن فيروس كورونا قد يصيب الجميع، ولكنه يصيب الفقراء والضعفاء والمهمشين بشدة. أولئك الذين ليس لديهم ما يكفي من الوسائل لرعاية أنفسهم. في تركيا هذا يعني الفقراء، ولكن حتى أكثر منهم، اللاجئين.
قد يستفيد المواطنون الأتراك المحتاجون من المساعدات الحكومية أو البلدية، لكن اللاجئين لا يحظون بهذه الفرصة في معظم الأوقات.
صحيح أنهم إذا أصيبوا ب"covid-19"، فسيتم علاجهم مجاناً ولكن هذا بالطبع لا يكفي لحمايتهم أو لحماية الصحة العامة.
بعد تسع سنوات من وصول اللاجئين السوريين، تم إرساء الاستقرار بشكل أو بآخر. تمت تلبية الاحتياجات الأساسية من طعام ومأوى، وتم تأمين تعليم الأطفال ولم تكن مشكلة البطالة ضخمة للغاية بل كانت كبيرة. وأطلقت مبادرات لدعم اللاجئين في شكل مساعدات نفسية وأنشطة ثقافية وظروف معيشية أفضل واندماج. ولكن الآن كل ذلك يتراجع بسرعة.
فقد الآلاف من الأشخاص وظائفهم بسبب الوباء في المقام الأول، ثم أصدرت الحكومة قانوناً جديداً وحظرت تسريح العمال ووعدت بدفع مبلغ صغير من المال لمن توقفت أماكن عملهم عن الانتاج. وقد أدّى ذلك إلى إنشاء شبكة أمان للفقراء إلى حد ما ولكن معظم اللاجئين الذين يتشاركون الظروف نفسها لم يتمكنوا من الاستفادة من هذه الإجراءات لأنهم كانوا يعملون بشكل غير رسمي. إلى جانب ذلك، كانوا أول من فقدوا وظائفهم. 
نظراً لأنه لا يُسمح لهم بالخروج أو حتى إذا استطاعوا، فمن شبه المستحيل العثور على وظيفة جديدة. يستطيع نصف اللاجئين الأربعة ملايين فقط الحصول على كمية صغيرة من المساعدة المالية التي يدفعها الاتحاد الأوروبي. حاجتهم إلى الغذاء والموارد الصحية في ازدياد.
منظمات المجتمع المدني التي تحاول مساعدة اللاجئين على حل جميع أنواع المشاكل غير قادرة على العمل كما كانت تفعل، بسبب قيود الفيروس. كما توقفت المشاريع المصممة لصالح اللاجئين.
عندما يتعلق الأمر بالتعليم، كانت هناك تطورات تبعث على الأمل مرة أخرى في هذا الصدد، حيث تمكن معظم الأطفال اللاجئين من الالتحاق بالمدرسة، وكانت هناك دروس داعمة خاصة لهم لضمان اندماجهم في نظام التعليم التركي. الآن، مثل جميع المرافق التعليمية الأخرى التي يستخدمونها هم أيضاً ضمن برامج التعليم عبر الإنترنت، ولكن ليس من السهل على الأطفال اللاجئين متابعتها لأن وصولهم إلى الإنترنت محدود.
منذ وصولهم لأول مرة، تعرض اللاجئون السوريون للتمييز من قبل الثقافة العامة السائدة، لكن إحصاءات كورونا في تركيا لا تميزهم، يتم تضمينهم في عدد الحالات والوفيات والشفاء، وهم يعانون أيضاً مما يعاني منه بقية المجتمع.
قضية أخرى قد يجلبها كورونا هي مفهوم جديد للأمة. بدلاً من الجنسية القائمة على الدم والمواطنة، يمكن أن يعلمنا تعريفاً جديداً للأمة على أساس "الجنسية الإقليمية"؛ كل الناس الذين يعيشون داخل حدود محددة ويتشاركون الظروف نفسها. إذا كان هذا هو التعريف الجديد للأمة، فلا شك في أن اللاجئين السوريين الذين يعيشون في تركيا هم الآن جزء من الأمة.
في الواقع ، هم كانوا حتى قبل فيروس كورونا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها