الخميس 2020/12/31

آخر تحديث: 12:31 (بيروت)

مجرد أمنية..أو فكرة للنسيان

الخميس 2020/12/31
مجرد أمنية..أو فكرة للنسيان
Getty©
increase حجم الخط decrease
إختراع الأمل لن يكون صعباً هذه المرة: لأن العام الذي مضى، كان الأبشع والاسوأ والاقسى على الاطلاق، لذا لا بد أن يكون العام المقبل أقل بشاعة وسوءا وقسوة..مع أن هذا التقدير البسيط لا تسنده الوقائع، التي تشي بأن سنة 2021 ستكون سنة إنتقالية حرجة، تمهد لعام الحسم في ال 2022.

الغزو الوبائي، صار في مراحله الاخيرة، الأشد خطورة. واللقاح ما زال في تجاربه وعمليات إنتشاره الأولى. ولن يكون بالامكان إعلان النصر النهائي على كورونا قبل نهاية العام 2021، عندما يكون المضاد الحيوي قد بلغ آخر إنسان مقيم في أبعد مكان عن أرض المعركة الجرثومية الضارية.

في الأثناء، ستبدأ عملية ترميم الاقتصاد والاجتماع الانساني، وإعادة دورة الحياة الطبيعية الى سابق عهدها، بعد إزالة آثار العدوان الوبائي المدمرة. وهي عملية قد تستغرق العام الجديد كله، في بعض البلدان المتقدمة والنامية، لكنها يمكن ان تطول لسنوات عديدة في بقية بلدان العالم الأفقر والاضعف.

ولعل لبنان سيكون الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة العالمية. فالغزو الفيروسي، الذي أسهم بشكل أو بآخر، وبتواضع شديد، في إحياء دور الدولة المركزية التي تتولى إدارة الصراع الحاد مع كورونا، داخل الحدود الوطنية وعلى معابرها الرئيسية، سينتهي الى إجراء تقييم سريع لذلك الصراع ونتائجه، قبل ان  يعود البلد الى سيرته الاصلية، ككيان نابذ للدولة وكاره أو على الأقل يائس من إعادة بنائها، حسب التعبير الدارج منذ قيام لبنان قبل مئة عام.

في العام 2021 سيظل لبنان، الوطن-المحطة، الذي لا يحتاج إلا الى المزيد من المطارات والكثير من المرافىء والجديد من شبكات القطار، التي تخدم الجماعات اللبنانية المتمرسة في التقاليد والاعراف الغجرية، والتي لم يبق منها سوى أفراد متقدمين في العمر، تقطعت بهم السبل، أو وهنت صلاتهم مع العائلات والاقارب المنتشرين في مختلف أنحاء العالم، والذين تحولوا الى سياح يكتفون بزيارات متباعدة للمتحف اللبناني الكبير في الاجازات والاعياد.

المزيد من اللبنانيين ذوي الاحلام او حتى الطبائع الغجرية سيغادرون المحطة العتيقة، التي دخلت في مستهل مئويتها الثانية في طور التصدع والانهيار، فور أن تفتح لهم أبواب الهجرة التي كانت مقفلة بإحكام جراء الغزو الوبائي. ولن يجدوا متسعاً من الوقت ولا الجهد، للنظر الى الخلف ورؤية حصاد العام 2020 المرّ.. الذي تميز بسيل من الاهانات والشتائم والعقوبات والانذارات الموجهة من الاشقاء والاصدقاء، الى "المجموعة السياسية الحاكمة"، التي باتت تشكل خطراً على بقاء لبنان، والتي تبدو وكأنها "تدير دولة عدوة وشعب عدو"، حسب التعبير التوصيف الأدق والأجرأ الذي أطلقه البطريرك بشارة الراعي أخيراً.

ال 2021 هو عام الهجرة الكبرى، الموجة التي تتخطى جميع الموجات السابقة، والتي تزيد من صعوبة وحدّة الصراع بين المجموعة الحاكمة، وبين دولتها وشعبها العدو، حول سبل وقف عمليات النهب المنظمة لممتلكات الافراد ومقدرات الدولة، من قبل تلك المجموعة المتحالفة والمتواطئة مع المصارف الخاصة، التي باتت أقوى وأكبر مليشيا شهدها البلد، تنافس حزب الله ودويلته الخاصة وتغلبه بين الحين والآخر.

إذا سار كل شيء في هذا الاتجاه، فإن نهاية العام الجديد، ستشهد المزيد من التفكك في صفوف السلطة والمصارف معاً، وربما بعض التدخل من القدر، مقابل المزيد من الانتظام والتشكل والتقدم لجبهة الاجيال الجديدة، التي قادت ثورة 17 تشرين، والتي رسخت وعيها المدني والعلماني وطورت تجربتها السياسية في الشهور ال12 الماضية.. عندها لن يكون الفرز والاستقطاب أشد صراحة، ولن تكون القطيعة مع الماضي ورموزه وحمولته المنقولة من الحرب الاهلية أكثر جذرية، بل يمكن ان يكون النصر حليف تلك الأجيال الشابة في المعارك الانتخابية الرئاسية والنيابية المقررة في العام 2022 الحاسم.

هي مجرد قراءة في الغيب، أو أمنية في البال.. أو فكرة للنسيان، غداً أو بعد غد!

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها