الثلاثاء 2020/11/24

آخر تحديث: 13:15 (بيروت)

ترامب.. من الرئاسة إلى الزعامة

الثلاثاء 2020/11/24
ترامب.. من الرئاسة إلى الزعامة
جماعات اليمين المتطرف المؤيد لترامب خلال تظاهرة صِدامية في واشنطن (غيتي)
increase حجم الخط decrease
لم يعترف ترامب بهزيمته الانتخابية، حتى الآن، وعلى الأغلب لن يعترف حتى تُعلن النتيجة رسمياً من قبل المجمع الانتخابي. موقف توقعه الجميع قبل الانتخابات، لكن ما لم يتوقعه أحد هو موقف الحزب الجمهوري الذي كانت قيادته قد التزمت الصمت وأعلن بعضها تأييده لجهود حملة ترامب في الطعن في نتائج الانتخابات في عدد من الولايات.

الحزب الجمهوري مُختطف من قبل "الترامبية" الجديدة، وحتى الآن يجد نفسه مجبراً على الاحتفاظ بالثوب "الترامبي"، على الأقل حتى يناير/كانون الثاني المقبل. الموقف حالياً أن الحزب الجمهوري لا يملك الغالبية في الكونغرس. خسروا انتخابات الرئاسة، أما في مجلس الشيوخ فالنتيجة إلى الآن هي التعادل بين الحزبين، لكن يُنتظر أن تجري إعادة الانتخابات في ولاية جورجيا، والحزب الذي سيفوز بمقعدى جورجيا هو الحزب الذي سيضمن السيطرة على مجلس الشيوخ. لذا، لا ترغب قيادات الحزب الجمهوري في التنصل من ترامب والترامبية، لأن الحزب في حاجة، حتى يناير/كانون الثاني المقبل، لذلك الدعم، والزخم، والهستيريا الترامبية. لكن، في الوقت ذاته، تهدد الادعاءات بتزوير الانتخابات، التي يطلقها ترامب وحملته، العملية الديموقراطية التي أدت إلى فوز العدد من ممثلي الحزب الجمهوري.

تجري الانتخابات الأميركية في ورقة واحدة. فالورقة التي تختار فيها رئيس الولايات المتحدة، هي نفسها تختار فيها قضاة المحاكم المختلفة في مقاطعتك، ممثلي المجلس المحلى، النائب العام، أعضاء مجلس الشيوخ والكونغرس، وأي انتخابات أخرى يصادف موعدها مع موعد انتخابات الرئاسة. بعض الولايات حيث فاز جو بايدن، هي ولايات جمهورية فاز فيها نواب وممثلون للحزب الجمهوري. لذا، فإن طعن حملة ترامب في شرعية الانتخابات في تلك الولايات، هو أيضاً طعن في شرعية فوز نواب الحزب الجمهوري الآخرين.

عدد من رموز الحزب الجمهوري، بدأ مبكراً، وحتى من قبل الانتخابات، في التنصل من ترامب. حتى روبرت مردوخ، صديقه وامبراطور الاعلام ومالِك شبكات "فوكس نيوز"، ظهر قبل الانتخابات بأسبوعين وصرح بأن الرئيس المقبل سيكون ديموقراطياً في الأغلب، وانتقد بشدة تعامل ترامب مع جائحة الكورونا. لذا، لم يكن غريباً، أثناء الانتخابات، الانحياز والانقلاب المفاجئ لشبكة "فوكس نيوز" لصالح بايدن، حتى أنها كانت من أوائل الشبكات التي أعلنته فائزاً بالانتخابات.

لكن ترامب لن ينتهى. فهو ليس سياسياً تقليدياً، ما إن يخسر الانتخابات، حتى يذهب للعتمة ويمارس الرسم مثل جورج بوش. لن يتوقف عن الصياح وكتابة التغريدات والإدلاء بتصريحات جنونية وشتم الآخرين. كما أنه سيخرج من البيت الأبيض ومعه 70 مليون ناخب أميركى صوّتوا له، ويرونه منقذ أميركا والزعيم الذي أتى ليبعث الحياة في روح الجنس القوقازى الأبيض.

تنتاب الحزب الجمهوري موجة قلق من المستقبل، ومما قد يفعله ترامب، فهو لن يتوقف، وسيسعي للترشح في 2024، وإذا قاومه الحزب أو حاول التنصل منه، فقد يعلن ببساطة خروجه منه آخذاً معه جزءاً كبيراً من قاعدة الحزب الانتخابية والشعبية.

يعلم ترامب أن الحزب الجمهوري سيبيعه، وأن الشبكات الاخبارية والإعلامية ستنتقم منه بالتجاهل، والنبذ، وعدم بث أخباره. لذا، فأول المشروعات التي أعلن عنها هو تأسيس شبكة قنوات ومنصات إعلامية تعبّر عن اليمين الأميركى "الحقيقي"، بعد اكتشاف خيانة "فوكس نيوز" التي ما عادت تعبّر عن توجهات اليمين هذا.

شهدت الأسابيع الماضية، ظهور مواقع وقنوات تلفزيونية كانت شبهه مغمورة، لكن ترامب وجماعاته يشترون تلك المنصات ويستثمرون فيها فترتفع أرقام مشاهدتها. ما يعنى أنه، بعد خروجه من المكتب البيضاوي، سيستمر ترامب في استخدام الإعلام لنشر نظريات المؤامرة، والعنصرية، ومجمل الأفكار الفاشية البيضاء الأخرى التى كانت تختبي في الحديقة الخلفية للحزب الجمهوري ستخرج للواجهة مع ترامب الجديد. والسؤال هنا: ما الذي سيفعله الحزب الجمهوري؟ هل سيمتلك الجرأة للوقوف في وجه ترامب وآلته الإعلامية التي يبنيها الآن؟ أم سيفتح ذراعيه لتلك التيارات، التي لم تعد تكتفي بالجهاد الإلكترونى في المنتديات الالكترونية، بل سيخرجون إلى الشارع ويحملون السلاح ويشاركون في الانتخابات ويفوزون بمقاعد برلمانية لصالح الحزب؟

من الصعب التكهن، لأن المشهد السياسي في حالة سيولة وإعادة تشكيل، والجميع يتحرك ضد ومع الجميع. وفي الوسط، ترامب، الذي اكتسب الكثير من الأعداء خلال فترة رئاسته، ويواجه العديد من القضايا والاتهامات بداية من التهرب الضريبي وصولاً إلى التحرش. ومهما وضعنا من سيناريوهات، فقد نُفاجأ، بعد مغادرته الرئاسة، بصدور حكم عليه بالسجن، أو هروبه خارج البلاد.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها