الجمعة 2019/08/02

آخر تحديث: 19:30 (بيروت)

جنوب سوريا يعود للواجهة

الجمعة 2019/08/02
جنوب سوريا يعود للواجهة
increase حجم الخط decrease

بعد عام على ولادتها، ذابت التسوية في الجنوب السوري. باتت الاغتيالات والاعتداءات المتبادلة شبه يومية، تطال قياديين كباراً، ودخلت اسرائيل مباشرة على خط المواجهة بضربات مُحددة أودت إحداها بمسؤول محلي على ارتباط ب"حزب الله".

والحقيقة أن الضربات الإسرائيلية أساسية في فهم التحول جنوباً، ذلك أنها ناجمة عن قلق متزايد حيال نشاط لـ"حزب الله" وميليشيات موالية له، في ظل الوتيرة المرتفعة للتصعيد في المنطقة. "حزب الله يُحوّل قرى سورية على حدود إسرائيل، إلى قلاع"، كتب عاموس هارئيل في صحيفة "هآرتس"الجمعة، رابطاً بين الضربات الاسرائيلية جنوب سوريا من جهة، وبين عمليتين مماثلتين في العراق (نُسبتا الى الجانب الاسرائيلي، وراح إيراني ضحية إحداهما). إسرائيل ما زالت قلقة من محاولة إيران تشكيل طوق من التهديدات يمتد من غرب العراق حيث انتشر الحشد الشعبي في مناطق حدودية، باتجاه سوريا حيث "حزب الله" وحلفاؤه المحليون. 

هذه الجبهة الطويلة تعج بالنشاط الإيراني، لجهة التحصينات، أو نشر صواريخ متوسطة الأمد (بخاصة في العراق) قادرة على ضرب أهداف في الداخل الإسرائيلي. مثل هذا الطوق يعني قدرة ايرانية على توسيع دائرة الصراع، وتوزيعه على مجموعة بلدان، لا حصره في جبهة واحدة. من أهم ما ذكره تقرير الصحيفة الاسرائيلية، هو تراجع روسيا عن وعودها العام الماضي بإبقاء الإيرانيين بعيداً عن الحدود. بيد أن الروس اليوم يجيبيون بأنهم وعدوا بإبعاد الإيرانيين، لا وكلائهم العرب عن الحدود. والأرجح أن روسيا فشلت في المهمة، نظراً لتشعب دور الميليشيات الموالية لإيران وحلفائها، وعلاقاتها بأجهزة النظام واختراقها لها، وتحديداً اعتماد الأخيرة عليها. أو ربما أقر الجانب الروسي بأن مثل هذه العملية تحتاج إلى مجهود وموارد تُفضل موسكو صرفها في أماكن أخرى بالداخل السوري.

والاغتيالات هنا حرب بعينها، ربما أكثر تأثيراً من قصف الأهداف. والنظام والقوى الموالية له، ومن ضمنهم معارضون انضموا إلى الجيش والمخابرات في اطار التسوية. قبل أسبوع، اغتال مسلحون في بلدة اليادودة غرب درعا فراس عبد المجيد المسالمة، وهو معارض سابق يقود حالياً مجموعة في "الفرقة الرابعة". بالتزامن مع هذا الاغتيال، قضى عبد الجاعوني من الفرقة ذاتها، وأيضاً شاب سوري من مقاتلي التسويات.

في الوقت ذاته، نشرت مواقع اسرائيلية تفاصيل جديدة عن اغتيال مسؤول يُدعى مشهور زيدان قبل عشرة أيام بغارة لطائرة اسرائيلية من دون طيار في القنيطرة، قرب المنطقة المنزوعة السلاح في محاذاة القوات الاسرائيلية في الجولان.

وفقاً لهذه المعلومات المنسوبة الى "ناشطين" معارضين لم تسمّهم، كان مشهور "ناشطاً في حزب الله من سكان قرية هدار الدرزية، المتاخمة لمرتفعات الجولان السورية، كان يعمل بهوية مزورة لسنوات … واستُدعي إلى لبنان قبل أربعة أشهر وعاد إلى سوريا بمهمة جديدة وبطاقة هوية". 

واللافت أيضاً أن مواقع للنظام السوري نشرت صورة لزيدان وأطفاله، وبالخلفية وجه القيادي السابق في "حزب الله" عماد مغنية.

لكن الاغتيالات ليست فقط على ارتباط بالصراع مع اسرائيل قرب الحدود، بل تقودها مجموعات وقوى أخرى، من ضمنها تنظيم "داعش" الذي نُسب له تنفيذ عملية انتحارية للمرة الأولى منذ عام على الأقل. وقعت سلسلة هجمات ضد حواجز ومجموعات الاستخبارات الجوية والفرقة الرابعة وحلفائها من مقاتلي التسوية. حتى إن دورية روسية - يُفترض أنها راعية للتسوية في المنطقة- تعرضت لمحاولة تفجير بعبوة في الريف الشرقي لدرعا في 14 تموز (يوليو) الماضي. في المقابل، يرغب النظام في فرض سطوته بالتصفيات وعمليات الاعتقال والإخفاء. تردد مثلاً أن المخابرات الجوية وراء اغتيال القيادي المعارض محمد ياسر الزعبي. 

المهم أن الجنوب عاد ليشتعل مجدداً، وبشكل أمني وغير تقليدي كالمرات السابقة، بما يُنذر أن هذه الجولة أطول أمداً، وقد تتسع دائرتها الى مناطق مجاورة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها