الجمعة 2019/07/26

آخر تحديث: 16:54 (بيروت)

ما علاقة إيران بالقصف الروسي؟

الجمعة 2019/07/26
ما علاقة إيران بالقصف الروسي؟
increase حجم الخط decrease

لن تترافق المجازر شبه اليومية في الشمال السوري، مع عملية عسكرية برية، وبخاصة أن النظام السوري لا يملك القدرة على شن مثل هذه الهجمات من دون مساندة من الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران. وهذه حلقة ناقصة جديدة. كانت مشاركة هذه الميليشيات طوال سنوات الحرب، من ثوابت أي مواجهة بين النظام وخصومه، حتى في ظل الدعم الجوي الروسي بعد عام 2015.

يستدعي هذا الغياب اللافت، سؤالين: أولاً، ما أسبابه؟ وثانياً، كيف سينعكس هذا الغياب على الساحة السورية بمجملها؟

بداية، ليس الحديث عن وعود إيرانية لأنقرة، على لسان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وغيره، بعدم الدخول في معركة إدلب، كافياً لتفسير هذا الغياب. ربما من الحكمة أن لا تُقحم إيران جنودها ووكلاءها على الأرض في معركة دموية مثل هذه، لأنها ستحمل أكلافاً مادية ومعنوية لا طائل لها.

هذا صحيح. لكن من المفيد النظر في المتغيرين الأساسيين اليوم: الأزمة المالية الإيرانية، والتوتر الروسي-الإيراني. وصلت الأزمة المالية الى مستوى غير مسبوق. كما يبدو من تصريحاتهم خلال السنة الماضية، لم يتوقع القادة الإيرانيون هذا النقص الحاد في القدرات المالية نتيجة العقوبات الأميركية. وذلك جليّ أيضاً في توقعات الموازنة الايرانية. في نهاية عام 2017، وضعت حكومة الرئيس حسن روحاني موازنة بقيمة 104 مليارات دولار. بعد عام، في نهاية عام 2018، ونتيجة العقوبات الأميركية، وضعت الحكومة موازنة بقيمة 43 مليار دولار، على فرضية أنها ستبيع مليون ونصف المليون برميل. لكنها اليوم تُعيد هيكلة الموازنة على أساس بيع 300 ألف برميل نفط يومياً. الأرجح أن نصف الموازنة سيطير على الأقل.

ولهذا انعكاسات على القدرات الايرانية في الداخل السوري. في مقابلات وتسريبات اعلامية، مقاتلون وقياديون في الميليشيات الموالية لإيران بدأوا يتذمرون من عدم الحصول على رواتبهم، واقتطاع العلاوات والتقديمات المختلفة لمن يُقاتل بعيداً عن بلاده. الموارد المالية لإيران تنخفض، ومعها القدرة على القتال في كل مكان. طهران ستحتاج الى المقاتلين العراقيين في العراق، والهزارة الأفغان في أفغانستان. ومن يبقى في سوريا، لديه مهمات أفضل من إدلب والشمال السوري، تحديداً في الجنوب حيث اسرائيل، والشرق حيث الحدود.

والتوتر الروسي-الإيراني أساسي هنا أيضاً. لماذا تستثمر ايران مواردها الشحيحة لمساعدة روسيا شمالاً. لماذا على الإيرانيين وحلفائهم لعب دور المشاة في حملة تقودها روسيا، والأخيرة تُنسق مع اسرائيل في ضرباتها على مواقع ايرانية؟ عندما تتناقص الأموال والموارد، تضيق معها الخيارات أيضاً. وما كان يصح قبل سنة أو اثنتين، لم يعد قابلاً للتنفيذ اليوم. 

وقد يحمل الضعف أو التراجع الإيراني في سوريا، تبعات أخرى من قبيل ترهل على الجبهات. في الجنوب على سبيل المثال، ما زال النظام وحلفاؤه يُواجهون مقاومة على الأرض، كما بدا في الاغتيالات لضباطه خلال الأسابيع الماضية. لهذا ربما يرى النظام وروسيا ضرورة لرفع وتيرة القصف على مناطق الشمال. انكفاء الميليشيات الشيعية قد ينعكس على أداء قوات النظام، حتى في ظل التفوق الجوي. ومثل هذا القصف الروسي والسوري يُخفي ضعفاً في مكان آخر، والمراد منه بعث رسالة تحذيرية أبعد من الشمال، إلى من يرى فرصة سانحة في التراجع الإيراني، ويرغب في إعادة فتح جبهة ضد النظام.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها