الإثنين 2019/05/06

آخر تحديث: 19:52 (بيروت)

"الجهاد" تتفوق على "حماس"؟

الإثنين 2019/05/06
"الجهاد" تتفوق على "حماس"؟
increase حجم الخط decrease
انطفأت شُعلة الحرب في قطاع "غزة" بعد يومين شهدا قصفاً اسرائيلياً أودى بحياة 25 فلسطينياً. حركتا "حماس" و"الجهاد الإسلامي" أطلقتا أيضاً حوالى 700 صاروخ باتجاه الجانب الإسرائيلي، وأوقعتا أربعة قتلى وعدداً من الجرحى. أسقطت القبة الحديد تقريباً نصف هذه الصواريخ، بكلفة عالية جداً تصل الى ثمانين ألف دولار للصاروخ الواحد.

مقارنة بالسنوات الماضية، يُعد هذا الرد الفلسطيني نوعياً لناحية عدد الصواريخ، والهجمات المرافقة لها، لكنه يُلقي الضوء أيضاً على ثنائية حركتي "حماس" و"الجهاد الاسلامي"، وتوازن القوة بينهما. رغم أن "حماس" تبقى الأقوى عديداً وتُمسك بمفاصل القرار في قطاع غزة، إلا أن "الجهاد" نمت خلال السنوات الماضية، وباتت تملك وفقاً للتقديرات الاسرائيلية ترسانة أكبر من الصواريخ (ثمانية آلاف مقارنة بستة فقط تملكها حماس).

والحقيقة أن حركة "الجهاد الإسلامي"، مع تنامي قدرتها العسكرية، تفرض نفسها كلاعب أساسي في قطاع غزة، وليس رديفاً أو شقيقة صغرى لـ"حماس" كما كان الحال خلال السنوات الماضية. ذاك أن هناك فرصة تطل برأسها في ظل الجمود الحالي في الواقع الفلسطيني، والشعور المتنامي بالعجز حيال الممارسات الاسرائيلية على الأرض، ومبادرة الولايات المتحدة لتدمير الآمال الفلسطينية بدولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية من خلال ما يُسمى "صفقة القرن". لا بد أن يلد كل هذا العجز، والإهانات العلنية، مخلوقاً سياسياً جديداً أكثر تشدداً في المواجهة العسكرية، وأقل قابلية للتفاوض والهدنة.

يعيش الفلسطينيون اليوم تحت قيادة تنظيمين. الأول ينخره الفساد ويلعب دور شرطي الإحتلال، وبات اليوم مُهاناً من دولة كانت ترعى مشروعه للسلام مع الإسرائيليين. والثاني يحكم قطاع غزة حيث فشل في ارساء معادلة تحمي الفلسطينيين ليس من القصف والعدوان الاسرائيلي فحسب، بل أيضاً من الحصار الخانق والفقر والعوز. جُلّ إنجازاته في المجال الاجتماعي. والأنكى من ذلك أن التنظيم، وبعدما ابتعد عن النظام السوري وايران عام 2012، اهتزت تحالفاته الاقليمية، وبات متمسكاً بالهدنة مع إسرائيل. ماذا يبقى من "حماس" لو تخلت عن مقاومة الاحتلال؟ هل يحتاج الفلسطينيون إلى تنظيمين يُفاوضان ويُنسقان مع الإسرائيليين في ظل اتساع رقعة الاستيطان وتدمير أسس حل الدولتين؟

في هذه المساحة، تطل "الجهاد" برأسها. أمام كثيرين من الفلسطينيين، تُمثل الحركة اليوم التنظيم الأكثر إقداماً على مواجهة الإحتلال، والأقل استعداداً للتفاوض. تحالفاتها الإقليمية لم تهتز، وما زالت حليفاً استراتيجياً لإيران على الأراضي الفلسطينية. وأي هدنة اليوم رهن موافقة "الجهاد". الأمين العام للجهاد زياد النخالة يُسافر الى القاهرة للتفاوض مع الجانب المصري، مثله مثل رئيس وزراء الحركة اسماعيل هنية. والنخالة دوماً أكثر تشدداً في التفاوض من هنيّة.

والجانب الاسرائيلي اليوم يُركز على "الجهاد" في عمليات الاغتيال، إذ أن ثمانية من أصل 11 كادراً فلسطينياً قضوا في قصف غزة، ينتمون إلى كتائب القدس، الجناح العسكري لـ"الجهاد الاسلامي". كما أن قيادات اسرائيلية حالية وسابقة ركزت في تصريحاتها على اتهام "الجهاد" بالوقوف وراء التصعيد المتكرر. هذه دعاية مجانية ومُفيدة في استقطاب المزيد من المؤيدين.

يبقى أن الحركة تفتقد الى أفق سياسي، بل تملك مشروعاً انتحارياً يُشبه ذاك الذي دخلت فيه حركة "حماس" الحلبة السياسية نهاية ثمانينات القرن الماضي، وبداية التسعينات. هل يحتاج الفلسطينيون إلى مغامرات جديدة بلا أفق سياسي؟

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها