الإثنين 2019/05/20

آخر تحديث: 15:43 (بيروت)

أبابيل الإيرانية

الإثنين 2019/05/20
أبابيل الإيرانية
increase حجم الخط decrease
مراكب مائية مُسيّرة استهدفت ناقلات النفط في مرفأ الفجيرة أخيراً. هذه خلاصة تحقيق نروجي مستقل، نشرتها وكالة "رويترز" للأنباء. ولو أضفنا إلى هذا السلاح المائي غير التقليدي الذي بالكاد أحدث فجوة في الناقلات، تلك الطائرات المُسيّرة الرخيصة الثمن، نرى أنفسنا أمام مشهد متكامل للأدوات الإيرانية أمام القوة الأميركية في المنطقة. ورغم عدم التوازن الفاضح في القدرات بين الطرفين، يُسجّل تطور في القدرات الإيرانية.

في 18 شباط (فبراير) من العام الماضي، اعتلى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو منصة المتحدثين لإلقاء كلمته في مؤتمر ميونيخ للأمن. بعد إشارته الى "عدوان تنفيه إيران على إسرائيل الأسبوع الماضي"، فاجأ جميع الحضور ومن ضمنهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، برفعه قطعة حديد محترقة كان يحملها بيده اليمنى، وتعود لجناح طائرة مُسيّرة أسقطتها اسرائيل. "سيد ظريف"، خاطب نتنياهو الوزير الإيراني، سائلاً إياه "هل تعرف ما هذه؟". "يجب أن تعرف، هي تعود لكم".

لم تكن حادثة الطائرة الإيرانية في سوريا، المرة الأولى التي تتنبه إسرائيل والولايات المتحدة، إلى هذه القدرة الإيرانية المتنامية في الجو. ذلك أن الإيرانيين لديهم برنامج فاعل لتطوير الطائرات المُسيّرة منذ الحرب العراقية-الإيرانية. واستخدم حزب الله إحدى هذه الطائرات في حرب صيف عام 2006، ما أثار ضجة، ولو أنها فشلت في تحقيق نتائج ميدانية تُذكر. المهم أن الحزب جرّب الطائرة في الميدان، وواصل الإيرانيون تطويرها لزيادة قدرتها على الطيران وعلى حمل أسلحة ذكية تُصيب أهدافها. بعد عشر سنوات، وتحديداً في صيف عام 2016، قصفت طائرة إيرانية مسيّرة من طراز "أبابيل" موقعاً للمعارضة السورية في ريف حلب. "الإعلام الحربي" لـ"حزب الله" نشر حينها فيديو عن القصف، أثار فضولاً كبيراً ونقاشاً بين خبراء الحروب غير التقليدية. أشار الفيديو الى مستقبل الصراعات غير التقليدية. اللافت في الطائرة كان أنها رخيصة جداً، دون الألف دولار، لكنها فاعلة في ضرب أهدافها ولديها مدى أبعد مما لمثيلاتها التجارية المتوافرة في الأسواق.

المشكلة للجانب الأميركي والإسرائيلي، تكمن في الفارق الهائل في التكلفة بين صواريخ أرض-الجو المطلوبة لإسقاط الطائرة المُسيّرة وبين كلفة تصنيعها. هناك فارق مئة ألف دولار بين صواريخ القبة الحديدية، وبين الطائرات نفسها. والمسألة ذاتها مُضاعفة في صواريخ باتريوت التي تتراوح كلفتها بين المليون وبضعة ملايين الدولارات. لكن الإيرانيين ورغم تسليمهم طائرات مُسيّرة لميليشيات موالية أو حليفة لهم في العراق وسوريا واليمن، لم يصنعوا أعداداً هائلة منها (على مستوى صناعي، أي الآلاف). في المُحصلة، لن تكون كلفة إسقاط هذه الطائرات مرتفعة جداً.

إلا أن هذا هدف وضعته إيران نُصُب عينيها، وباتت في موقع متقدم، كما ألمح قائد وحدة الطائرات المسيّرة في القوات البرية الإيرانية شهرام حسن نجاد الشهر الماضي. نجاد تحدث عن دخول إيران نادي الدول الخمس الرائدة في مجال تصنيع الطائرات المُسيّرة. لكنه لم يُحدد مستوى الإنتاج.

من المنطقي توقع رد أميركي "في المنطقة الرمادية"، أي من صنف الهجوم الذي لا يُعرف مصدره بوضوح، وربما باستخدام الطائرات الذكية نفسها، سيما أن الأميركيين والاسرائيليين أكثر تقدماً في هذا المجال من الإيرانيين. سيكون التحدي حينها مرتبطاً بقدرة ايران على استخدام هذا السلاح على مستوى صناعي، بأعداد كبيرة وبشكل فاعل.

حتى ذلك الحين، تبقى هذه المغامرات الإيرانية محدودة الفاعلية ولا ترقى لأن تُشكل تهديداً بعيد المدى.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها