الأربعاء 2019/04/10

آخر تحديث: 17:13 (بيروت)

موسكو تثأر للقذافي

الأربعاء 2019/04/10
موسكو تثأر للقذافي
increase حجم الخط decrease

لم يتمكن النفي الروسي الرسمي للانحياز لأي من أطراف النزاع الليبي ، من تغطية انحياز الكرملين إلى جانب خليفة حفتر في هجومه المفاجئ على العاصمة طرابلس . ويندرج هذا النفي ضمن الخطة السياسية الروسية المرافقة للحرب الراهنة ، والتي تقوم على "حيادية" تنتظر نتائج المعركة لتنضم إلى "الغالب" فيها وتقطف ثمن "غلبته" .  وتبدو موسكو حتى الآن مقتنعة أن حفتر هو الغالب في هذه الحرب ، إذ تسميه صحيفة الكرملين "vz" "المنتصر المقبل في حرب ليبيا الجديدة" . ويعلق أحد القراء الروس على مقالة الصحيفة بالقول "إذا انتصرنا في ليبيا ، فالشرق الأوسط لنا" ، ويقول آخر " سوف يتم الثأر للقذافي ، ويُقضى على الأوغاد" ، ويضيف ثالث ساخراً "لقد نصب يوتين الفيلدمارشال منتصراً" .

وحول وظيفة الفيلدمارشال ، الذي تنتدبه لها موسكو في حال غلبته ، عنونت صحيفة "novaya" الليبرالية المعارضة مقالتها في 8 من الجاري بالقول " إذا وجد النفط ، فسوف يتم العثور على حفتر" ، أشارت فيها إلى أن المرتزقة الروس يتمددون إلى قرب حقول النفط . وتنقل الصحيفة عن المستشرق المعروف ألكسي مالاشنكو (كان له أكثر من إطلالة على "المدن" ) وصفه لحفتر بأنه واثق من نفسه لدرجة ، أن مؤيديه يقولون للسكان المحليين بألا يخشوا شيئاً ، وأن يبقوا في بيوتهم  ، وسوف يتولى هو أمر الخصوم.

ويقول مالاشنكو بأن روسيا ، بالطبع ، تؤيد حفتر في هذا النزاع ، على الرغم من قضائه 20 سنة من حياته في الولايات المتحدة. وهو يعرف الروسية ، إذ أنه تخرج من المدارس العسكرية الروسية، وله علاقات ممتازة في روسيا ، بما فيها علاقات جيدة مع سيرغي شويغو نفسه ، وتقدم له روسيا السلاح ، بما فيها منظومات الصواريخ "S-300". ويقول مالاشنكو بأن موقف موسكو في الصراع الليبي هو موقف مزدوج ، فهي إذ تؤيد حفتر ، تتحسب أيضاً لخسارته ( إنها ليبيا ، حيث كل شيئ ممكن ، على قوله) ، التي سترتب عليها المشاكل. وهو يرى بأن موسكو لن تفصح عن رأيها النهائي الحاسم ، إلا ، طبعاً ، "إذا استولى حفتر قريباًعلى كل شيئ" .

ويرى الرجل ، أن مصلحة روسيا الجيوسياسية في ليبيا هي استعراض الراية للقول : "نحن لسنا في سوريا فقط ، بل وهنا أيضاً" . وهذا ما كان يحصل على زمن القذافي ، إذ كان الضباط الروس، الذين يقودون الدبابات ، يلوحون بالأعلام السوفياتية ، حين كانت تجري الإستعراضات العسكرية .

من جانب آخر، وفي مقالة بعنوان " روسيا تتورط في حرب جديدة من أجل مساعدة حفتر على الإستيلاء على ليبيا" ، تنقل صحيفة القوميين الروس "SP" عن مصدر في الدوائر العسكرية الروسية قوله ، بأن أحد الأسباب الرئيسية لزيارات خليفة حفتر المتكررة إلى موسكو في السنة الماضية ، هو رغبته في إنشاء قوات جوية . وقد بحثت القيادة الروسية في الأمر ، وأعطت موافقة مسبقة على بعض متطلباته ، بما فيها الطائرات المروحية . إلا أن الأمر لم يتم بسبب اعتراضات دول على علاقة بالصراع الليبي ، رفض مصدر الصحيفة الإفصاح عن أسمائها، على قولها.

وتنقل الصحيفة عن خبير عسكري روسي قوله ، بأن الفيلدمارشال حفتر شخصية "قادرة على تثبيت استقرار ليبيا" ، لأنه يسيطر على جزء كبير من أراضيها ، وعلى القسم الأكبر من حقول النفط . ويقول هذا الخبير ، بأن زيارات حفتر المتكررة إلى موسكو أطلقت العنان لشائعات تقول ، بأن روسيا سوف تدخل ليبيا قريباً وتساعد الفيلدمارشال على " رمي أعدائه في البحر" . ويقول الرجل بأن هذه مجرد شائعات ، بالطبع ، "لكن روسيا قادرة على مساعدته في ظل ظروف مؤاتية" .

وحول "الظروف المؤاتية" هذه ، يقول الخبير المذكور ، بأن لا شيئ "يقدم  مجانا . يجب أن نحصل نحن على شيئ ما". ولا يبخل الرجل في الحديث بصراحة تامة عن "الشيئ ما" هذا ، الذي تريده روسيا مقابل خدماتها للفيلدمارشال ، حيث يقول ، بأن أول ما تريده روسيا هو بلد مستقر مع زعيم موال لها . ويذكّر بأن ليبيا غنية بالموارد النفطية ، مما يسمح لها بالتأثير في السوق في زمن السلم ، ونحن بحاجة إلى أن يتم ذلك بشكل عقلاني ومفيد ، ليس لليبيين وحدهم ، بل ولروسيا أيضاً. وهو يرى، بأن الأميركيين يتمكنون من التأثير على سوق النفط من خلال الصراعات في العراق وسواه من البلدان ، لكن هذا لن يتأتى لهم في ليبيا ، على الأرجح ، وهو ما يعتبره الخبير لصالح روسيا.  

واين يمكن للجيش الليبي أن يجد السلاح ، "إن لم يكن في روسيا" ، يقول هذا الخبير ، بأن حفتر لديه المال الآن ، الذي يحصل عليه من النفط . وليس من مشكلة ، برأيه ، في الحصول على السلاح في هذه المنطقة ، إذ يمكن لتركيا أن تبيعه منه ما يريد ، "وبكل سرور" .

وعن دور روسيا ، ورهان الكرملين المزمن على حفتر، يقول الخبير المذكور ، أن روسيا بحاجة لزعيم مستقل يمكن إجراء حوار معه ، وهذا ما لا يتوفر في حكومة فايز السراج ، لأنها خاضعة كلياً للغرب والولايات المتحدة ، ولذلك ليس من محاور آخر غير حفتر حتى الآن ، برأيه. وهو يرى أنه ، في حال تمكن حفتر من الإستيلاء على السلطة في كل ليبيا واستتبت الأمور له ، فلن يصيبه ما أصاب القذافي ، ولن تتمكن الولايات المتحدة من "ترتيب عام 2011 " آخر والقضاء عليه بالسلاح . فالظروف ، برأيه ، قد تبدلت ولم يعد الغرب موحداً ، ودخلت الصين إلى إفريقيا وتبدي اهتماماً خاصاً بليبيا ، مما يجعلها أحد العوامل ،  التي بوسعها صد العدوان . لكن بين أهم المتغيرات ، برأيه ، هو التغير الذي طرأ على وضع روسيا ، إذ أنها لم تكن في العام 2011 ما هي عليه الآن ، حيث لم يكن بوسعها دعم سوريا ، فكيف بالأحرى ليبيا .

ومن جانبه ، يتساءل موقع "rosbalt" المقرب من الشيوعيين ما إن كانت ليبيا "جائزة لروسيا أم مشكلة" . ويقول ، بأن الألعاب الجيوسياسية في مناطق الثروات النفطية ، هي ألعاب شديدة الجاذبية بالنسبة للنخبة الروسية ، كي تتخلى عنها بسهولة . وإذ يشير الموقع إلى انخراط روسيا النشط في النزاع الليبي عن طريق توريد السلاح إلى جيش حفتر ومشاركة المرتزقة الروس "فاغنر" معه ، يتساءل عن حاجة روسيا إلى مثل هذا الإنخراط في ليبيا ، بعد تلك "الحرب في سوريا" ، التي لم تحصل منها روسيا سوى على مكافآت مشكوك بها ، اللهم عدا اختبار الأسلحة الجديدة في ظروف المعركة ، الذي يفاخر به العسكريون الروس "بشكل علني ووقح". لكن الموقع يستدرك ساخراً ، بأنه يجب ان لا ننسى لدى الحديث عن مصلحة روسيا في الإنخراط بحروب "العظمة الإمبراطورية" و"النفوذ الجيوسياسي" بالنسبة للكرملين ، وكذلك الأرباح بالنسبة لشخصيات روسية محددة .

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها