الأربعاء 2019/03/27

آخر تحديث: 09:57 (بيروت)

لبنان "يورط" موسكو؟

الأربعاء 2019/03/27
لبنان "يورط" موسكو؟
increase حجم الخط decrease

في سياق العاصفة من التعليقات ، التي تجتاح الصحف والمواقع الإعلامية الروسية حول قرار الرئيس الأميركي بشان الجولان ، رأت الصحيفة الروسية "NG" ( الصحيفة المستقلة) أن لبنان يجر موسكو إلى نزاع أخطر من النزاع حول الجولان . فقد كتبت مساء الثلاثاء في 26 من الجاري تحت عنوان " يجرون موسكو إلى صراع أخطر من الصراع حول الجولان" تقول ، بأن "سلطات لبنان تنتظر وساطة في "احتكاكات الغاز" مع إسرائيل" . وقالت الصحيفة في تعليق لها على زيارة الرئيس عون إلى موسكو، بأن إعلان الرئيس الأميركي حول الإعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان ، جاء ليكمله جدول أعمال محادثات فلاديمير بوتين مع زميله اللبناني ميشال عون في موسكو . إلا أن الخلاف بين سوريا وإسرائيل بالكاد يكون الأمر الرئيسي ، الذي ينصب عليه اهتمام الحكومة اللبنانية ، حسب الصحيفة . بل هي ترى أن بيروت تنتظر من موسكو المساعدة في التوسط في نزاع إقليمي آخر يتفجر مع إسرائيل حول الجرف البحري في شرق المتوسط ، حيث تستعد شركات روسية وفرنسية وإيطالية لاستثمار حقل للغاز . وتري الصحيفة ، بأنه يمكن لروسيا كما للولايات المتحدة أيضاً أن تلعب دور الوسيط في هذا النزاع.

أما وأن لبنان يأمل بتدخل روسي "دقيق" في الوضع في الحوض البحري المشرقي ، فهو أمر تستنتجته الصحيفة من تصريح للرئيس عون عشية زيارته إلى موسكو قال فيه ، بأنه " لا يرى ىسبباً واحداً يمنع روسيا من ان تكون وسيطاً في النزاع بين لبنان وإسرائيل بخصوص الحدود البحرية" . وتستند الصحيفة إلى معطيات اختصاصيين فرنسيين ، لا تذكرهم ، لتقول بأن الحوض المذكور قد يحتوي على أكثر من 3 تريليون متر مكعب من الغاز و850 مليون برميل من النفط .

وتقول الصحيفة ان مسألة الحدود ينبغي على لبنان أن يحلها ، ليس مع الدولة العبرية فقط ، بل ومع سوريا أيضاً ، إذ ان هذه المسألة موجودة على جدول مفاوضات القيادة اللبنانية مع الحكومة السورية ، التي تطمح إلى مستوى علاقات "جيد" مع بيروت. وهي ترى أن روسيا ، كواحد من البلدان ، التي يدين لها الرئيس بشار الأسد بالإحتفاظ  بالسلطة ، بوسعها مساعدة لبنان هنا ايضاً ، وهو ما أشارت إليه الصحافة العربية غير مرة ، على قولها .

لقد اندلع النزاع بين لبنان وإسرائيل ، حسب الصحيفة ، إثر موافقة الحكومة اللبنانية ، في نهاية العام 2017 ، على منح كونسرتيوم الشركات الروسية والفرنسية والإيطالية رخصة العمل في البلوكين 4 و9 الموجودين في الحوض البحري المشرقي. إلا أن البلوك 9 الأكثر وعداً من حيث مخزون الخامات ، متنازع عليه مع لبنان من قبل الدولة العبرية . وعلى الرغم من النزاعات الإقليمية هذه ، تقول الصحيفة ، بأن وزير الطاقة اللبناني (السابق) سيزار أبي خليل أعلن أن التنقيب سوف يبدأ في النصف الثاني من العام 2019 ،  وبأنه وافق على خطة العمل وميزانية البرنامج المقدمة من قبل الكونسرتيوم.

وتقول الصحيفة ، بأن زيارة وزير الخارجية الأميركية الأخيرة إلى لبنان تشير إلى أن الولايات المتحدة تريد أن تأخذ على عاتقها معالجة النزاع بين لبنان وإسرائيل حول الجرف البحري . وتستشهد على ذلك بتصريح بومبيو لدى لقائه الرئيس بري ، الذي قال فيه بأن الولايات المتحدة ترغب مع الأمم المتحدة بمساعدة لبنان في حل النزاع الحدودي مع إسرائيل . إلا أنها تشير في الوقت عينه ، إلى أن الشروط الأميركية لتسوية النزاع ترمي ، بالدرجة الأولى ، إلى تلبية طموحات السلطات الإسرائيلية . وتذكر بأن وزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون اقترح خطة تسوية تنال بيروت بموجبها 60-65% من مناطق الجرف المتنازع عليها ، وهو ما رفضه الرئيس عون في حينه بقوله أن لبنان " لن يتنازل عن ملمتر واحد لإسرائيل" .

وترى الصحيفة أن الوضع ، لدى التدقيق به ، يبدو أكثر تفجراً من الإحتكاك السوري الإسرائيلي بخصوص الجولان . وتذكر بما كان قد أعلنه سابقاً وزير الطاقة الإسرائيلي حول هذا النزاع ، من أن إسرائيل تميل إلى الحل الديبلوماسي للمشكلة ، إلا أنه لم يستثن سيناريو استخدام القوة في حال تعرض الدولة اليهودية للهجوم. وتبرر الصحيفة المخاوف الإسرائيلية من خلال تذكيرها بدعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الحكومة اللبنانية في حينه إلى "الدفاع عن حق استثمار حقول الغاز البحرية من موقع القوة ، بالإستناد إلى الوحدة الوطنية" .  ونصح الحكومة اللبنانية "بعدم الثقة بوساطة الولايات المتحدة" .

وتقول الصحيفة أن أوساط الخبراء تعتبر أن التوسط في النزاع الإقليمي بين لبنان وإسرائيل ، من شأنه أن يساعد روسيا في تعزيز وضعها كقوة مهمة في الشرق الأوسط . وتنقل الصحيفة عن الخبير الروسي في الشؤون الدولية أنطون مادراسوف قوله ، بأن الأمر مرتبط ، كما يبدو، بمدى استعداد اللاعب الروسي لمواجهة المخاطر ، وهو يشارك في المناقصة حول هذا الجزء أو ذاك من الجرف البحري ، لأن نتائج المسح الجيولوجي قد تتفاوت كثيراً في ما بينها. ويقول مادراسوف ، أنه في حال التوصل إلى نتائج ملموسة في استثمار حقول الطاقة ، فإن الموارد سوف تخصص ، على الأرجح ، "لدعم دمشق الرسمية" ، حسب الصحيفة.

وتنقل الصحيفة عن هذا الخبير قناعته ، بأن العامل السياسي يلعب دوراً كبيرا في الوضع حول الحوض البحري. وهو يقول بأن موسكو تستغل الموقف الملتبس لكل من السعودية والولايات المتحدة من التشكيلة الحالية للحكومة اللبنانية وعلاقاتها مع إيران وحزب الله . كما تستخدم موسكو في الوقت عينه في المفاوضات مع الإيرانيين الحديث عن إمكانيات احتوائهم وعزلهم ، حسب الصحيفة.

لا بد من الإشارة إلى ، أن حرص "الصحيفة المستقلة" هذه على عدم تورط روسيا في صراع جديد في الشرق الأوسط ، يبدو منسجماً كلياً مع السياق العام للرد الروسي على خطوة ترامب حيال الجولان . فقد ذهب بعض الإعلام الروسي إلى اعتبار خطوة ترامب بمثابة "هدية" لروسيا ، كما ذكرت صحيفة "kommersant" المستقلة ، بل ودعت روسيا إلى الإقتداء بالخطوة الأميركية حيال الجولان. واعتبرت صحيفة الكرملين "vz " أن موقف ترامب من الجولان موقف مفيد لروسيا بسبب القرم ، وقالت بأن إسرائيل تسيطر على الجولان منذ العام 1967 ، وليس من أساس للقول بأن هذه السيطرة سوف تزول .

ونقلت الصحيفة عن أحد الخبراء الروس نفيه لمقولة أن الإعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان يسيئ إلى سمعة روسيا ، بوصفها الضامن لوحدة الأراضي السورية . وقال بان روسيا ، صحيح أنها ترعى سوريا، لكنها لا ترعى هضبة الجولان ، التي فقدتها سوريا ، وليس لدى روسيا اية نية أو طموح لإعادة حدود سوريا إلى ما كانت عليه قبل العام 1967 . فهذه المشكلة هي مشكلة قديمة ، وليس لها أية علاقة بمصالح روسيا ، حسب قوله .



increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها