رئيس حكومة الانهيار السريع

مهند الحاج عليالجمعة 2019/12/20
images (1).jpeg
حجم الخط
مشاركة عبر

لم تتأخر وسائل الإعلام الغربية في اعتبار حسان دياب، مرشحاً لـ"حزب الله". ذلك أن الحسبة الرقمية تجعل الأميّ في السياسة، يستنتج بأن 69 نائباً يُمثلون القوى الحليفة لـ"حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، أو ما يُصطلح عليه بـ"الممانعة"، جاؤوا بدياب رئيساً لحكومة تتحدى الخارج والداخل على حد سواء. 

هذا الاستنتاج بأن هذه الحكومة تُمثل "الممانعة" وخطها السياسي، كاف وحده للبت في انعدام فرص سلة الدعم الخارجي لإنقاذ الوضع المالي في لبنان. ولكن القصة لا تنتهي هنا. يبدو أن هناك مؤشرات إلى تسارع الأزمة المالية والاقتصادية في المرحلة المقبلة.

ينطلق "حزب الله" في التسمية من موقف دفاعي، وهذا يجعله عُرضة لقرارات وسياسات غير منطقية مثل زيارة رئاسية الى سوريا، أو اتفاقات اقتصادية معها. سبب تسمية دياب، بدلاً من التنازل سياسياً للرئيس السابق سعد الحريري، أو القبول بالسفير نواف سلام، هو أن "حزب الله" يرى الثورة على الطبقة السياسية، ومعها الأزمة المالية، من منظار الخوف من انقلاب أميركي على العهد، وعلى نتائج انتخابات عام 2018. والحقيقة أن عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب حسن فضل الله، تحدث بصراحة عن مبررات قرار تكليف دياب، واعتبر أنه "ربما هناك من كان يراهن على تقديم هدية لمساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ​ديفيد هيل​" عشية زيارته للبنان من خلال الانقلاب على نتائج الانتخابات الماضية. لكن معادلة البلد، بحسب فضل الله، "لا تسمح لأميركا بفرض إرادتها وكانت هناك محاولة للانقلاب على هذه المعادلة الداخلية ولن ولم تنجح". ما زال منطق "حزب الله" أكثرياً، إذ يُسمي نفسه وحلفاءه "الفريق الذي يملك الأكثرية النيابية". وهذا منطق يُشبه كلام الرئيس المصري الراحل محمد مرسي عن "الشرعية"، ونكرانه الوضع العام المعادي لحكمه. ما قيمة الأغلبية النيابية في مثل هذه الأزمة العميقة؟

عملياً، أطلق "حزب الله" الرصاصة الوحيدة في مسدس الشرعية، من خلال تسمية رئيس حكومة وربما تشكيلها من دون موافقة أو رضى الأطراف الأخرى.

تتحكم حسابات ضيقة بمنطق التنظيم الذي يتساءل بعض قيادييه كم على "حزب الله" أن ينتظر ليفوز برلمان فيه غالبية لقوى "الممانعة" بعد خسارات متتالية منذ عام 2005؟ لذا من الضروري توقع ألا يتخلى التنظيم عن هذا البرلمان، بل الأرجح أن يدفعه التمسك بهذه الغالبية، إلى المماطلة واجتراح الأزمات لتأجيل ورفض أي انتخابات لا يضمن نتيجتها، تماماً كما تفعل حركة "حماس" وقوى عديدة تُفضل اليوم مصلحتها الخاصة على العامة. حتى في العراق حيث اتخذ المرجع الشيعي علي السيستاني موقفاً مؤيداً لانتخابات مبكرة للخروج من الأزمة الحالية، الأرجح أننا سنرى من القوى الشيعية تأجيلاً ومماطلة لتجنب الامتحان الصعب في صناديق الإقتراع.

المهم أن الانهيار الاقتصادي وصل الى نقطة اللاعودة، وليس دياب شخصية استثنائية قادرة على الإنجاز، لا بل يتشارك الرجل مع أركان الطبقة السياسية في تعريفه الفضفاض للنجاح. من يعتبر التوزير "نجاحاً" ويطبع ألبوماً للصور مع الساسة والفنانين ضمن اطار توثيق "انجازاته"، ليس غريباً عليه الانضمام إلى هذا العهد الذي يرى في إعداد الموازنة، خطوة تاريخية.

قرر "حزب الله" أن يحمل بنفسه هذه "القنبلة"، ولا بد أنها ستنفجر بوجه وحلفائه خلال أيام معدودة.





التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث