الإثنين 2019/11/11

آخر تحديث: 19:05 (بيروت)

الدواعش الجدد قادمون

الإثنين 2019/11/11
الدواعش الجدد قادمون
© Getty
increase حجم الخط decrease
عندما توفي زعيم "داعش" أبو بكر البغدادي في عملية أميركية على بعد خمسة كيلومترات فقط من الحدود التركية، كان السؤال المطروح: هل علمت السلطات التركية أن البغدادي كان قريباً من الأراضي التركية؟
ستتم إضافة هذا السؤال إلى العديد من الأسئلة الأخرى حول "داعش" والتي تحتاج إلى إجابة. ومع ذلك، قالت تركيا في وقت لاحق إن بعض الأشخاص المقربين من البغدادي بمن فيهم ابنته، تم أسرهم قبل بضعة أشهر لكن كما قال الرئيس رجب طيب أردوغان: "تركيا لم تثر ضجة" حول هذا الموضوع. 
قيل لنا إن هؤلاء الأشخاص قد تم أسرهم في أعزاز بسوريا، وليس في تركيا. المعلومات الصغيرة الأخرى التي لدينا هي تبادل المعلومات الاستخباراتية الذي تحدثت عنه السلطات التركية مباشرة بعد العملية الأميركية التي قتلت البغدادي وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن امتنانه لأنقرة في ما يتعلق بالعملية.
نعلم أن هناك 1150 عنصراً من "داعش" في السجون التركية وقد يكون هناك المزيد منهم في البلد يسيرون بيننا ويمكن أن يشكلوا تهديدات أمنية، وهذه حقيقة تجبر تركيا على التصرف بحذر شديد ومعالجة القضايا بحكمة بدل القيام بضجة حولها.
تركيا هي البلد الأكثر تضرراً من "داعش" بعد العراق. وفي العديد من الهجمات، قتل أكثر من 300 مواطن تركي، أي أكثر من أي بلد أوروبي. هذا مرتبط بأيديولوجية "داعش"، على عكس تنظيم القاعدة، كان الهدف الرئيسي ل"داعش" هو الدول الإسلامية التي لها أولوية لإنشاء الخلافة في العالم الإسلامي.
يمكن لأي شخص كانت لديه الفرصة للنظر في منشورات "داعش" أن يرى بسهولة أن التنظيم يكره تركيا وطريقة عيش الإسلام فيها.
ومع ذلك، فإن الدول الغربية التي اتهمت تركيا دائماً بعدم اتخاذ تدابير كافية ضد "داعش"، زعمت أيضاً أن التوغل الأخير لتركيا إلى شرق سوريا سيؤدي إلى إلحاق ضرر بمكافحة التنظيم. بالنسبة لهم القضية بسيطة. كانت تركيا تهاجم القوة الوحيدة على الأرض التي تقاتل "داعش" وهي وحدات حماية الشعب الكردية، وبالتالي فإن أنقرة تمنع محاربة "داعش". لم يمانعوا أن تكون الوحدات هي فرع لحزب العمال الكردستاني الذي تم إدراجه كمنظمة إرهابية من قبل تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
لكن لا يمكن اعتبار شخص ما بريئاً في خطيئة لم يختبرها. العالم الغربي لم يجرب الجلوس في وسط منطقة تعاني من اضطراب مستمر.
عندما دعا البغدادي الأوروبيين للانضمام إلى "داعش"، اعتقدت الدول الغربية أنها فرصة جيدة للتخلص من جميع المواطنين الراديكاليين. هؤلاء الراديكاليون هم الذين شعروا أنهم مستبعدون من المجتمعات التي عاشوا فيها ولهذا السبب أصبحوا متطرفين.
لم تكن تركيا في ذلك الوقت قادرة، كما لم تكن تريد، تقييد أي شخص يريد عبور الحدود إلى سوريا.
ولكن دعونا نكون صادقين، إذا تم إبلاغ تركيا حول عنصر داعشي أجنبي محتمل، فستقوم بإيقافه. لكن الأمر استغرق بعض الوقت لإنشاء آليات تعاون استخباراتي بسبب القيود القانونية في العالم الغربي التي تحظر إطلاع بلدان ثالثة على حرية مواطنيها في السفر. كانت هذه واحدة من المشاكل القانونية العديدة التي لم يستطع العالم إيجادها أو لم يرغب في إيجاد حل لها عندما يتعلق الأمر بالتعاون ضد مجموعات مثل "داعش".
ولكن في النهاية، عندما بدأ العمل بهذا التعاون، حظرت تركيا 75 ألف مقاتل إرهابي أجنبي مشتبه به بحلول تشرين الأول/أكتوبر 2019.
هذا لا يعني أن تركيا بريئة أيضاً، فقد كان من الممكن أن تتصرف بشكل مختلف عندما هاجم "داعش" سنجار وقضى على الإيزيديين، ومع ذلك، فمن يدري إذا ما كانت "داعش" ستكون أضعف من أن تستولي على الأراضي لو كانت هناك "منطقة آمنة" كما اقترحت تركيا منذ بداية النزاع.
ولكن يبدو أن الأطراف ذات الصلة لم تكن قادرة على استخلاص الدروس من كل هذه الخطايا. لا توجد جهود جادة ملموسة لمحاكمة أعضاء "داعش" بسبب جرائمهم ضد الإنسانية. نعم، من الصعب للغاية تنظيم مثل هذه المحاكمات، لكن الجميع يتظاهر أنهم لا يعرفون تكلفة عدم استعادة الشعور بالعدالة. 
على العكس تماما، قامت الدول الغربية مثل بريطانيا وهولندا جنسية بتجريد عناصر "داعش" الذين باتوا تحت قبضة تركيا لمنع تسليمهم. إنهم يحاولون التظاهر بأنه من الممكن غسل الأيدي من هذه الخطيئة أيضاً.علما بأن تركيا بدأت ترحيلهم الى بلدانهم الاصلية. ولكن إذا كان العالم لن يغير رأيه وموقفه، فإن "الداعشيين" الجدد سوف يواصلون الظهور.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها