الخميس 2019/10/24

آخر تحديث: 06:41 (بيروت)

"نبع السلام": من الفائز؟

الخميس 2019/10/24
"نبع السلام": من الفائز؟
Getty ©
increase حجم الخط decrease
ليس من الواضح ما إذا كانت العملية العسكرية التركية الأخيرة في شمال شرق سوريا ستستمر ولكن هناك بالفعل عواقب تغيير اللعبة على الجميع. أولاً، يمكننا أن نقول إن الولايات المتحدة تغادر اللعبة وإن تركيا يجب أن تتعامل مع روسيا من الآن فصاعداً، على الرغم من مصالحهما المتضاربة.
كانت تركيا تحاول إيجاد مساحة لنفسها بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا. بالنسبة لأنقرة، لم يكن وجود الجنود الأميركيين في سوريا مشكلة، لكن المشكلة كانت دعمهم لوحدات حماية الشعب الكردية.
لوقت طويل كانت أنقرة تقول أيضاً إنها ستدخل الضفة الشرقية لنهر الفرات لتدمير ما تعتبره تهديداً كبيراً لها في المستقبل؛ دولة تقوم الوحدات الكردية بتشغيلها تحت حماية الولايات المتحدة.
حاولت الولايات المتحدة، بعد هزيمة "داعش" بمساعدة وحدات حماية الشعب، وبينما كانت تزعج تركيا حليفتها في حلف "الناتو"، تحديد مهام جديدة لنفسها من أجل خلق أسباب للبقاء في سوريا. أن يكون لها رأي في مستقبل البلد على طاولة المفاوضات عبر الوجود العسكري للوحدات هناك؛ للتأكد من أن وكلاء إيران يغادرون من أجل أمن إسرائيل وتحقيق التوازن بين روسيا في المنطقة. لكن الأداة الوحيدة لواشنطن هي وحدات الحماية، التي لم تكن قادرة على تحقيق كل هذه النتائج.
لا شك أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي ينتمي لنفس طراز نظيره التركي رجب طيب أردوغان، هو تاجر جيد للغاية. لقد لاحظ أنه مع القليل من الاستثمار، أي وحدات حماية الشعب، لا يمكن لبلاده الحصول على هذه الفوائد العالية. لقد أدرك أيضاً أن الإصرار على هذا الاستثمار الذي انتهت مدة صلاحيته بالفعل وهو تراث سلفه باراك أوباما، سيكلف الكثير مثل خسارة تركيا.
لذلك استسلم وسحب قواته. لكن في الوقت نفسه، لتخفيف المعارضة في الكونغرس، جعل تركيا تقبل "التوقف" عم العمل. ترفض تركيا تسمية الاتفاق وقف إطلاق النار. الآن سيحاول بيع قراره بالقول: سوريا ليست بهذا القدر من الأهمية، لقد وجهت تركيا لمحاربة "داعش" (كان هذا أحد شروط الولايات المتحدة، بينما كانت تنسحب قواتها).
ربما لم يعد الأميركيون يقفون عائقاً أمام إنشاء المنطقة الآمنة التي تريدها تركيا في سوريا. لكن الآن هناك حقائق جديدة على الأرض.
المنطقة الآمنة التي تريدها تركيا هي بعمق 30 كيلومتراً وبطول 440 كيلومتراً. لكن الولايات المتحدة أعطت أنقرة 120 كيلومتراً فقط على طول الحدود. الباقي يعتمد على روسيا الآن، وهذا سبب زيارة أردوغان لنظيره الروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء.
عندما يتعلق الأمر بروسيا فهي لم تعطِ السلاح للوحدات الكردية كما فعلت واشنطن، لكن موسكو لم تتردد أيضاً في إبقاء الوحدات كورقة. بينما كانت العملية التركية تسير، توسطت روسيا مجدداً بين وحدات الحماية والنظام السوري وهذا ما سمح لقوات النظام بالدخول إلى منبج وعين العرب (كوباني)، أو ربما وحدات الحماية غيروا لباسهم من الأميركي إلى الروسي.
من الآن وصاعداً، ليس هناك شك بأن روسيا هي اللاعب الرئيسي في سوريا. يمكن للروس اللعب كما يريدون، خصوصاً في غياب التوازن بخروج الولايات المتحدة.
بالتأكيد، تريد روسيا الإبقاء على علاقات جيدة مع تركيا، ففي النهاية، علاقات جيدة مع أنقرة تساعد موسكو على تحقيق أهدافها العالمية مثل خلق الشقوق داخل "الناتو"، الاستمرار في كونها المزود الرئيسي لأوروبا بالغاز وهكذا. كذلك عندما يتعلق الأمر بسوريا أولويتها هي إعادة سيطرة النظام على كل أنحاء البلاد.
لكن باختصار، في الوقت الحالي، الفائز الحقيقي في العملية التركية في سوريا، هو النظام السوري. كل هذه التطورات تطرح سؤالاً افتراضياً؛ لو كانت تركيا قادرة على حل مشكلتها الكردية، فهل كانت كل هذه الأشياء ستحدث؟ هل كان يمكن أن تكون الأمور مختلفة؟
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها