الأربعاء 2018/09/19

آخر تحديث: 20:10 (بيروت)

تفاهم إدلب:إنتصار وتهديد لتركيا

الأربعاء 2018/09/19
تفاهم إدلب:إنتصار وتهديد لتركيا
اتفاق سوتشي يشكل مخاطرة كبيرة بالنسبة لتركيا (Getty)
increase حجم الخط decrease
دعونا نقولها بصراحة: بالنسبة لأنقرة، فإن مذكرة تفاهم سوتشي بين روسيا وتركيا حول إدلب السورية هي نصر دبلوماسي على الطاولة ومخاطر عسكرية ضخمة على الأرض.
يجب الاحتفاء بمذكرة التفاهم كنصر دبلوماسي لأنها منعت أو على الأقل جنبت لمدة معينة، واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية المحتملة للحرب الأهلية السورية.
المذكرة هي نصر دبلوماسي ولكن ليس فقط بسبب الجهود المستمرة لتركيا. هناك أسباب أخرى. لقد حظيت أنقرة بدعم الدول الغربية التي لا ترغب في رؤية لاجئ واحد بعد أمام أبوابها. المصالح الروسية أيضاً جعلت المذكرة ممكنة: إذا تم تنفيذها ستتم حماية القواعد العسكرية الروسية بالقرب من إدلب. لم يتم زيادة المنطقة الخاضعة لسيطرة النظام، ولكن المساحة الخاضعة لسيطرة المعارضة جرى تقليصها.
هذه الحالة ستجبر المعارضة على الذهاب إلى طاولة المفاوضات في موقف أضعف. بالإضافة إلى أن موسكو ستحصل على تعاطف الدول الأوروبية التي قد تكون أموالها مطلوبة لإعادة إعمار سوريا. وأخيراً، فإن امتنان أنقرة يزداد، وعلى الأرجح سيتم تصريفه على شكل صفقات تجارية جديدة لصالح روسيا.
ومع ذلك ، فإن المذكرة نفسها تشكل مخاطرة كبيرة بالنسبة لتركيا لأنها من الآن فصاعداً ستكون نوعاً ما الضامن لأعمال الجماعات الراديكالية التي من المفترض أن تغادر المنطقة المنزوعة السلاح في إدلب. من المفترض أن يتم تنظيف هذه المنطقة من الأسلحة الثقيلة أيضاً.
في البدء، يجب أن تكون هذه المنطقة منزوعة السلاح أو خالية من الجماعات الراديكالية بحلول 15 تشرين الأول/أكتوبر، أي بعد شهر واحد من الآن، ولكن حتى لم يتم تحديد أين هي هذه المنطقة بالضبط. جعل هذا الأمر ممكناً حتى 15 تشرين الأول يحتاج إلى جهد هائل، وتحركات عسكرية باهظة الثمن وعمل شاق. بالإضافة إلى ذلك، ليس سراً أن تعريف الراديكاليين يختلف بين موسكو وأنقرة. بعض المتطرفين يجري دمجهم مع غير المتطرفين.
لدى المعارضة السورية، سواء كانت راديكالية أم لا، بعض الأسباب الوجيهة لعدم ثقتها بالروس، وقد تفضل أن تكون حذرة، وهو ما يعني أنه يمكن إغفال الموعد النهائي. إذا كان الأمر كذلك، من يستطيع منع روسيا من اتخاذ أي إجراء؟
سؤال آخر، ماذا لو قررت المجموعات الراديكالية مغادرة المنطقة العسكرية، ولكن بأسلحتها الثقيلة؟ لأن الجلوس على طاولة المفاوضات من دون أسلحة ثقيلة يعني موقف ضعف.
ماذا سيحدث لـ"جبهة تحرير الشام"، "جبهة النصرة" سابقاً؟ ماذا لو رفضوا المغادرة إلى المنطقة المنزوعة السلاح، وهو أمر محتمل للغاية. ثم ستكون تركيا مسؤولة عنهم مع بعض المجموعات الأخرى المدعومة من أنقرة. إذا رفضت "جبهة تحرير الشام" المغادرة، سيكون العمل العسكري أمراً حتمياً.
وبغض النظر عن تلك الأسئلة التي تحتاج إلى أجوبة، فمن المؤكد أن هناك بعض الخاسرين في مذكرة التفاهم هذه، ولن يكون من المفاجئ أن يحاول هؤلاء الخاسرون التخريب أو إضفاء بعض الإثارة على العملية. على سبيل المثال، إيران رغم أنها أعربت عن دعمها للتفاهم، إلا أنها مستبعدة من هذه العملية. تأثيرها تضاءل ويمكن أن تلجأ إلى استفزاز ما عبر وكلائها. حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي خسر عفرين لصالح تركيا والجماعات المدعومة منها، قد يحاول الاستفادة من انشغال تركيا في إدلب ويمكنه مهاجمة عفرين لاستعادتها أو القيام بأعمال استفزازية.
لكن على الرغم من هذه المخاطر واحتمال انهيار العملية، فإن المذكرة تعد فرصة كبيرة لحكومة أردوغان إذا نجحت.
قبل كل شيء، لدى أردوغان الفرصة مرة أخرى لهزيمة المعارضة التركية التي كانت تجادل بأن الطريقة الوحيدة لإنقاذ إدلب هي عبر التحدث إلى النظام السوري. بالنسبة لسياسة حكومته تجاه سوريا، من المهم زيادة مساحة النفوذ الخاصة بتركيا وتحمل مسؤولية إدلب. منطقة النفوذ هذه تعطي فعالية أقوى لأنقرة في مفاوضات الوضع النهائي.
والأهم من ذلك في الوقت الحاضر، أن الهجرة الجماعية المتوقعة من إدلب نحو تركيا أو المناطق التي تسيطر عليها تركيا قد تم إيقافها وجرى إنقاذ بعض الأرواح في الوقت الحالي.
لكن على أردوغان أيضاً أن يضع في اعتباره أن سوريا هي المكان الذي لا تُنفذ فيه الاتفاقات ولا يتم الوفاء بالوعود.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها