الأحد 2018/09/16

آخر تحديث: 10:58 (بيروت)

تسييس التحرش أخطر من تبريره!

الأحد 2018/09/16
تسييس التحرش أخطر من تبريره!
increase حجم الخط decrease

ليس بالتبرير وحده يحيا المتحرش، ولا بالذكورية وتحميل الأنثى المسؤولية وحدهما يضيع حق المتحرش بها، إنما باستغلال القضية لتصفية حسابات سياسية مع المتهم، أو الانتقام منه والتشفي من "شخصه"، على خلفية اتهامه، وأيا كانت "وجهة" المتحرش، وانحيازاته، فإن "الانحراف" بالقضية عن مسارها، بالتسييس أو التديين، أو الحكم (النهائي) بالإدانة قبل (ثبوت) التهمة، واستغلال غضب الرأي العام، وتوظيفه لمآرب أخرى، كل هذا أخطر من التبرير الذكوري وربما أخطر - على المتحرش بها - من فعل التحرش ذاته!

لا يقل انتهاك حق الأنثى في الأمان، والخصوصية، عن انتهاك حقها في معاقبة الفاعل - واستغلالها - بتسييس القضية، وخلق أسباب أخرى للإدانة، وهي الأسباب التي ستتطور على امتداد الخط لتصبح "أداة" المتحرش، المتورط بالفعل، في الدفاع عن نفسه والإفلات من العقوبة تحت دعاوى "المؤامرة" التي اشتركت فيها "المدعية" مع خصومه السياسيين للنيل منه!

في قضية دندراوي الهواري، صحافي اليوم السابع، المتهم بالتحرش بزميلته، في صالة التحرير، محل العمل، وقعنا في الأخطاء الثلاثة، حيث رأى الكثيرون في القضية فرصة للنيل من "ماكينة كذب" في هيئة آدمي، طالما تورط في أكاذيب وادعاءات باطلة على كل من يعارض السيسي، نال من شرف الناس وسمعتهم، خاض في أعراضهم، دينهم ووطنيتهم، اتهمهم، زورا، بالعمالة والخيانة والتآمر، طالب بقتلهم واعتقالهم، وبرر ذلك، شمت وتشفى في دماء خصوم النظام، طالما أجرم دون عقاب، محتميا بسلطة استبدادية تحميه لتستخدمه، فلمَ لا؟، لم يعاقب على ما اقترف، فليعاقب على غيره، هذه بتلك، أو كما يقول عمك وحيد حامد على لسان "حسن سبانخ"، (دي بدل غيرها)، هو يستحق، يستاهل، ثم إن شخصا بأخلاقه، إن جاز التعبير، "مرشح بقوة" أن يكون متحرشا، "بالبلدي كده": يعملها!

لم يخل الأمر من الكلام عن العقاب الإلهي، وعدل الله فيه، وشفاء صدور قوم مؤمنين، الله أكبر، سقط الهواري، نسينا الجريمة الأصلية، محل النقاش، واستدعينا سوابق المتهم، لنحاسبه عليها دفعة واحدة، و"ناخد بحقنا"، ولا يهم حق المدعية، أو حقنا في التوثق من صدق مدعاها، أو حقه هو - كسر حُقه - في الدفاع عن نفسه، فهو بالأخير، ورغم كل التحفظ، (لا مؤاخذة يعني)، "بني آدم"، أو هكذا أظن، وبعض الظن إثم، ثبتت التهمة وصدر الحكم، واعتمدت الحيثيات، وسواء صدقت "الرؤية" أم لا، فالهواري متهما (وإن لم تثبت إدانته) ..

الأمر نفسه تكرر مع يسري فودة، التسييس من قِبل النظام، التديين من قبل الإسلاميين، والاتهام (الفوري) دون تحقق، من قطاع كبير من الرأي العام، والغريب أن "يسري" ناله من التسييس والتديين أكثر مما نال "دندراوي" رغم الفارق "الشاسع" بينهما، على الأقل، مهنيا، وهو ما لا يتنطح فيه صحافيان، بربع عقل، فهو متحرش لأنه مؤيد للثورة (خائن)، مؤيد للسيسي (انقلابي)، خصم للإخوان (مشروع علماني كافر)، أما أن يكون متحرشا لأنه "متحرش"، فهذا آخر همنا!

أزعم أن الخاسر الوحيد هو "المجني عليهن"، لاحظ معي أن "كل" دفوع المتهمين، إلى الآن، تركن، بشكل أساسي، إلى التسييس، فالهواري - المسكين - يقول أن الإخوان ومعارضي النظام أدانوه لأنه خصمهم، أما يسري فودة فهو يحيلنا إلى مؤامرة "مفتوحة" على كل الاحتمالات، في صياغة سائلة وملتبسة، لم يكن "الصحافي الشاطر" ليجد لها سبيلا لولا خطاب التسييس، غير المسؤول، وسواء كانا قد فعلا أم لا، فلن يماري أحد في أن معهما الآن "ورقة" قد تحسم القضية لصالحهما!

إذا كنا نريد للقانون أن يكون سلاحا في يد المرأة، تستحقه، في مجتمعات "وأد الإناث"، فلنضمن لها، ومعها، أن رصاصات هذا السلاح لن ترتد إلى صدرها. أولى بمن يدعو إلى دولة القانون أن يتجرع سم الحياد، لينجو.   

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها