الأربعاء 2018/09/12

آخر تحديث: 07:50 (بيروت)

قمة طهران:أفراح أردوغان الثلاث

الأربعاء 2018/09/12
قمة طهران:أفراح أردوغان الثلاث
أردوغان ضغط بقمة طهران لتضمين بيانها دعوة لتجنب العملية العسكرية (Getty)
increase حجم الخط decrease
أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن سعادته بثلاثة أمور على الأقل حول قمة طهران التي ناقشت مصير إدلب. الفستق، البث المباشر للقمة ودعوة فاترة من نظرائه الإيرانيين والروس لتجنب العملية العسكرية. وعلى الرغم من أن الدعوة كانت مشابهة جداً لدعوات السلام العالمي في مسابقات الجمال، لكنها وُجهت فقط بسبب إصرار أردوغان عليها.
الله وحده يعلم لماذا قرر الإيرانيون أن يبثوا مباشرة على الهواء مناقشات القمة بين القادة، وهو أظهر أردوغان بشكل متكرر على الشاشة بينما كان يتناول الفستق (بالمناسبة نطلق عليه اسم "فستق دمشق" بالتركية). علمنا بالعاملين الآخرين اللذين يسران أردوغان من المحادثات التي أجراها مع الصحافيين على متن الطائرة في طريق عودته إلى تركيا.
أخبر أردوغان الصحافيين بأنه لم يتم إبلاغه بأن المناقشات يجري بثّها على الهواء، ولكن ذلك كان جيداً. لم يشرح لماذا يفكر هكذا. ومع ذلك، ليس من الصعب تخيل سبب سعادته، لأن هذه المناقشات على الكاميرا أظهرت أن للعالم كله من يريد حقاً حلاً غير كارثي في إدلب. في النهاية ، تتمتع مقاومته العميقة لعملية عسكرية واسعة النطاق بدعم من أوروبا والولايات المتحدة. وفي الواقع، لم يتم منح تركيا مثل هذا الدعم الكبير منذ فترة طويلة، وهو ما يجعل يد أردوغان أقوى خاصة تجاه روسيا، حيث إنه يمنح أنقرة مساحة للمناورة ويجعلها تتطلع إلى الاجتماع المخطط في اسطنبول بين روسيا وألمانيا وفرنسا وتركيا، لمناقشة الوضع في إدلب.
في خطابه في قمة طهران وعد أردوغان بأن تركيا ستبذل قصارى جهدها لتحييد التهديدات التي تواجه حلب والقاعدة الجوية للروس في حميميم. وأضاف: "يمكننا أن نحاول تحريك العناصر التي تزعج أصدقاءنا الروس إلى مناطق لن يكونوا قادرين على مهاجمة حلب وحميميم بعد الآن. وبالتالي ، فإن الأماكن الحرجة في إدلب لن تسيطر عليها إلا المعارضة المعتدلة". لكنه أكد أيضا أنه "في مكان مثل إدلب الذي يتشابك فيه كل شيء، نحتاج إلى تبني أساليب مختلفة لمحاربة الإرهاب تتطلب وقتاً وصبراً".
لقد عملت تركيا منذ فترة طويلة بصبر كبير على توحيد جماعات المعارضة المسلحة في إدلب وفصلها عن جبهة "تحرير الشام" المرتبطة بتنظيم "القاعدة". فقط في بداية أيلول/سبتمبر صنفت أنقرة الجبهة كمنظمة إرهابية لإظهار استعدادها لمحاربتها، وأيضاً كرسالة إلى المجموعات الأخرى في إدلب: "استخدم فرصتك الأخيرة لفصل نفسك عن هيئة تحرير الشام، وإلا لن تتمكن من الحصول على الحماية مني أكثر من ذلك".
قبل يومين فقط من قمة طهران، نشرت إحدى الصحف الموالية للحكومة في تركيا تقريراً يشير إلى أن أنقرة على وشك أن تخبر المجموعات المسلحة الإثنتي عشرة في إدلب (المصنفة متطرفة) بما في ذلك "تحرير الشام" أنه يجب فصلها عن المدنيين، وأن عليها مغادرة وإخلاء مناطق معينة. وسيتم منحهم ممراً آمناً إلى منطقة معينة وسيطلب منهم تسليم أسلحتهم للمجموعات المسلحة المدعومة من تركيا. وإذا رفضوا القيام بذلك، سيكون عليهم مواجهة العمليات العسكرية من قبل الجماعات المدعومة من تركيا.
لكن الظروف على الأرض تجعل تنفيذ مثل هذه الخطة أمراً صعباً. صحيح أن بعض الجماعات المتشددة في إدلب، التي تسمى جبهة التحرير الوطني والتي لها علاقات جيدة مع تركيا، قد اشتبكت في الآونة الأخيرة مع "تحرير الشام"، لكنها ليست مثل الجيش الوطني الذي تسيطر عليه تركيا بالكامل. ومع ذلك، طالما استمرت الهجمات الروسية على إدلب ، فقد يفضلون التنسيق مع "تحرير الشام" بدلاً من القضاء عليهم.
ما يزيد من تعقيد الأمور، هو وجود 12 نقطة عسكرية تركية وحوالي 1000 جندي تركي على طول الخط الأمامي في إدلب وفي عمق أراضي "تحرير الشام". أي استفزازات ضدهم قد تؤدي إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها.
خسارة إدلب تعني ضعف قبضة تركيا على طاولة المفاوضات. أنقرة تدرك أيضاً أنه بعد إدلب، ستكون المناطق التي تسيطر عليها تركيا في سوريا على جدول الأعمال. تركيا ليست مستعدة للانسحاب من هناك لأنها لا ترغب في إعادة الجماعات التابعة لحزب العمال الكردستاني إلى عفرين لتحجيم تركيا، وقطع روابطها الحدودية مع الشرق الأوسط وخلق المزيد من المشاكل الأمنية لها.
لا داعي لذكر تدفق اللاجئين المتوقع من إدلب إلى تركيا، الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الضغط على المجتمع التركي وسيضاعف التصدعات السياسية، خاصة أن معظم المواطنين الأتراك بمن فيهم ناخبو حزب "العدالة والتنمية" يسألون بجدية حول وجود اللاجئين السوريين في تركيا. كما أن الأسئلة حول إعادة إقامة العلاقات مع النظام السوري قد بدأت ترتفع، وهي خطوة يقول أردوغان بأنها ستكون مقبولة فقط بعد إجراء انتخابات حرة في سوريا.
لذا، على الرغم من كل هذه الصعوبات، تلزم تركيا نفسها بالتمسك بإدلب حتى مقابل ثمن باهظ. كما أخبر أردوغان المراسلين في الطائرة وهو في طريق عودته إلى تركيا من طهران: "لن نراقب من الخطوط الجانبية ولا نشارك في مثل هذه اللعبة، إذا غضّ العالم النظر عن قتل عشرات الآلاف من الأبرياء لتعزيز مصالح النظام السوري".
إنه حقا يعني ذلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها