السبت 2018/08/25

آخر تحديث: 21:24 (بيروت)

إدلب:العقدة الأشد

السبت 2018/08/25
إدلب:العقدة الأشد
تركيا قد تفقد سيطرتها على جماعات المعارضة في إدلب (Getty)
increase حجم الخط decrease
توحي النظرة الأولى بأن إدلب هي العقدة الأشد في سوريا، لكن ما تعلمناه من الحرب الأهلية السورية منذ سبع سنوات، هو أن الأمور قد لا تكون كما تبدو للوهلة الأولى.
يريد النظام السوري استعادة السيطرة هناك في أقرب وقت ممكن. مثل هذه الخطوة ستجلب كارثة إنسانية أخرى وموجة جديدة من تدفق اللاجئين إلى تركيا. لذلك تريد أنقرة منعها ومحاولة التفاوض على حل مع موسكو غير الصبورة.
يوم الجمعة في 24 آب/أغسطس، عقد وزيرا الخارجية التركية والروسية اجتماعهم السادس هذا العام وللمرة الأولى كان موضوع الاجتماع هو إدلب. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، قال وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف إن الوضع في إدلب متعدد الطبقات.
لديه وجهة نظر. عندما يتعلق الأمر بالعلاقات بين أنقرة وموسكو في العمق، هناك أدلب، لكن فوقها هناك سوريا والعلاقات الثنائية والطبقات الإقليمية. على مستوى الطبقة السورية، تعتمد روسيا على تركيا لإدارة المعارضة وتحتاج تركيا إلى روسيا لإدارة الأسد.
وعلى مستوى الطبقة الثنائية، فإن المصالح المتبادلة بين أنقرة وموسكو "ستصبح أكثر عمقاً وفاعلية" كما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى لقائه جاويش أوغلو ووزير الدفاع التركي خلوصي أكار (بالمناسبة كان أكار يقوم بزيارته الثانية إلى موسكو هذا الأسبوع). كان لدى بوتين سبب واحد على الأقل ليقول ما قاله: في اليوم الذي ناقشوا فيه الوضع في إدلب، قرروا إلغاء نظام التأشيرة بين البلدين.
أيضاً على المستوى الإقليمي والعالمي، تتمتع أنقرة وموسكو بعلاقات جيدة. وقد وصف جاويش أوغلو روسيا كشريك استراتيجي، وهو وصف كان يستخدم في يوم من الأيام عنواناً للعلاقات بين تركيا والولايات المتحدة التي تمر بأزمة عميقة في الوقت الحاضر. أوغلو أضاف دون تسمية أي بلد، أن بعض البلدان والأفراد كانوا يشعرون بالغيرة من تركيا والتعاون الوثيق والصداقة الروسية.
كما نقل إلى بوتين دعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان لعقد اجتماع في مطعم يقدم ثمار البحر في اسطنبول. لكن مرة أخرى، كل هذه المغازلة بين البلدين تعتمد على إدلب كما حذر الوزير التركي: "الحل بالقوة في إدلب من شأنه أن يقوض الثقة بين روسيا وتركيا". وأضاف أن الحل العسكري سيكون بمثابة كارثة ليس فقط بالنسبة لإدلب وإنما أيضاً لمستقبل سوريا.
بالنسبة إلى تركيا إدلب ليست فقط مجرد محافظة سورية، بل هي رافعة مهمة على طاولة المفاوضات الدبلوماسية. إلى جانب ذلك، إنها نوع من الدرع بين النظام السوري والمناطق التركية الواقعة في شمال سوريا. لذا تطلب تركيا المزيد من الوقت. ومن الأمور الأساسية ، كما تفعل موسكو، أن أنقرة تعتبر حركة "تحرير الشام" إرهابية وتريد إضعاف قبضتها على إدلب بفصلها عن جماعات المعارضة الأخرى كما تطلب روسيا.
رغبة أنقرة بمزيد من الوقت خيار مقبول بالنسبة لموسكو. فمن ناحية، تريد روسيا الحفاظ على زخم تصدع المعارضة في سوريا، ولكنها في الوقت نفسه لا تريد أن تدخل في معركة قد تطيل أمد الحرب الأهلية، ومن الواضح أنها لن تكون سهلة بسبب وجود 70 ألف مسلح، هم ناجون من الحروب الصعبة في الأجزاء الأخرى من سوريا جرى نقلهم إلى إدلب.
هكذا، تستطيع موسكو حتى الآن التظاهر بأنها تمنح الوقت لأنقرة. فضاء زمني يمكن استخدامه من قبل النظام السوري لتحضير الهجوم الكبير ضد إدلب. تستطيع أنقرة استخدام الفضاء نفسه لإقناع مجموعات المعارضة الأخرى بالقبول بحل تفاوضي. إذا لم تتمكن من إقناع هذه الجماعات بالتوحد ضد "تحرير الشام" وتصفية قوتها، فإن أنقرة لن تعارض هجمات محدودة النطاق ضد الجبهة والجماعات المتطرفة من قبل النظام، وسوف تقبل بفقدان بعض المناطق على أطراف إدلب، الواحدة تلو الآخرى، بشرط منع تدفق اللاجئين إليها والحفاظ على سيطرتها على الشمال السوري. إذا كان الأمر كذلك ، فإن موسكو لن تعارضها أيضاً، لأن غزلها مع تركيا يتطلب ذلك.
إذاً قد لا تكون إدلب العقدة الأشد في سوريا ولكن ما تعلّمناه من الحرب الأهلية السورية منذ سبع سنوات أنه ليس من السهل السيطرة على الوكلاء. ورغم وجود الروس، فإن النظام قد يشن هجوماً واسع النطاق يمكن أن يكون كبيراً بما يكفي لتقويض الثقة بين روسيا وتركيا كما قال جاويش أوغلو أو أن المعارضة يمكن أن تخرج عن سيطرة تركيا، وبدلاً من القتال ضدها يمكن أن تنضم إلى قوات جبهة "تحرير الشام" وهو التحرك الذي سينهي صبر موسكو.
احتمال حصول نوع من الاستفزاز الذي قد يؤدي إلى إنهاء التفاهم المتبادل بين أنقرة وموسكو حول إدلب وارد أيضاً. لذا قد تكون إدلب هي حقاً العقدة الأشد في سوريا.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها