الإثنين 2018/08/13

آخر تحديث: 07:31 (بيروت)

قطار العقوبات على ايران

الإثنين 2018/08/13
قطار العقوبات على ايران
increase حجم الخط decrease

قبل أسبوع تماماً، أقر الرئيس الأميركي حزمة عقوبات أعادت مستوى العقوبات الإيرانية بجزء مهم منها الى العام 2013، اَي الى ظروف الوضع الاقتصادي الحرج الذي دفع النظام الى طاولة المفاوضات لاقرار الاتفاق النووي. لكن اللافت الْيَوْمَ ان الحديث بدأ يطفو عن الحزمة الثانية المرتقب اقرارها في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وتشمل إجراءات لا تقل أهمية وستزيد الاعباء على الاقتصاد الإيراني.

ذاك ان الحزمة الاولى تضمنت استهدافاً لمبيعات النفط الإيراني المتوقع انخفاضها بما يقارب الربع او الخمس، وإيضاً للتداول بالمعادن الصعبة بما يضعف قدرة ايران على حماية عملتها. والتوقيت هنا أساسي اذ ان العملة الإيرانية هوت بأرقام قياسية 12.5 بالمئة في يوم واحد نهاية الشهر الماضي، وتشهد ايران احتجاجات على تردي الخدمات، وبخاصة المياه، والوضع المعيشي العام. أعقبت الاحتجاجات سلسلة إجراءات لحكومة الرئيس حسن روحاني من اقالة حاكم المصرف المركزي الى ملاحقة رجال أعمال ومصرفيين.

وبالتالي فإن العقوبات الأميركية تأتي في ظل وضع حرج في الداخل الإيراني، وتأمل واشنطن بأن يكون وقعها أكبر. لكن العقوبات، وعلى عكس سابقاتها عام 2010 و2011، لا تحظى هذه المرة بدعم دولي، بل ًيحاول الاتحاد الأوروبي تخفيف أثرها بحزمة إجراءات لحماية شركاته الراغبة بالعمل في ايران. كما ان سلوك الصين وروسيا والهند وتركيا مهم جداً في هذا السياق، ان كان لجهة شراء النفط أم للاستثمار في حقول جديدة.

إبان عهد الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما، تمكنت العقوبات بين السنوات 2011 و2014، من خفض مبيعات النفط الإيراني بنسبة 58٪؜، لكن ذلك حصل بمساعدة الحلفاء ومن غير المتوقع تكراره حالياً. لكن موقع وكالة بلومبرغ الاقتصادي المتخصص، رأى في انخفاض مبيعات النفط الإيراني بنسبة 15% مؤشراً الى ما سيأتي في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل من عقوبات تزيد الضغوط على المتعاملين مع ايران (التقرير توقع انخفاضاً بنسبة 1.5 مليون برميل يومياً اَي اكثر مِن نصف الصادرات).

بيد ان هذه الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية ستستهدف قطاعي المصارف والبتروكيماويات في ايران، وكلاهما مرتبط عضوياً بالنفط. وقطاع البتروكيماويات هو الثاني من ناحية الحجم في الشرق الأوسط حيث تبلغ صادراته حوالى عشرين مليار دولار سنوياً ويُشغل من خلال الشركة الحكومية المحتكرة للقطاع، 37 ألف موظف. وإيران تستثمر بقوة في هذا القطاع في خطط استراتيجية طويلة الأمد تهدف الى ريادة القطاع على مستوى عالمي. وتشمل العقوبات هذه المرة صادرات الغاز الإيراني، وهو قطاع حيوي أيضاً.

لدى الادارة الأميركية متسع من الوقت لانتظار نضوج الضغوط الاقتصادية على ايران وجرّها إلى طاولة المفاوضات للبحث في دورها الإقليمي بعد تقييد برنامجها النووي.

والتهديدات الإيرانية الحالية باستهداف شحنات النفط لدول أخرى، رداً على تقليص مبيعاتها، قد تصب في المصلحة الأميركية، لو ارتكبت طهران حماقة من قبيل الاعتداءات الإرهابية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، بحيث تمنح الأميركي هدية على طبق من فضة، وتُحرج حلفاءه الأوروبيين المتمسكين بالاتفاق النووي. عندها فقط تتضح النتائج.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها