لكن ألماتي، القريبة من روسيا ثقافياً وسياسياً وأمنياً، عضو مؤسس في "منظمة شنغهاي للتعاون" (البديل الآسيوي لحلف الناتو)، إلى جانب موسكو وبكين. لذا هناك تساؤلات أممية وسياسية حيال تأثيرات روسية في قرار المشاركة الكازاخية، ولو بهذه القوة الصغيرة، سيما على القطاع الشرقي حيث المثلث الحدودي بين لبنان وسوريا واسرائيل. هل بإمكاننا القول إن هذه القوة امتداد للنفوذ الروسي المتنامي في لبنان والمنطقة؟
من الصعب الآن وبالمعطيات الشحيحة المتوافرة، الجزم بدور روسي في إرسال القوة الكازاخية أو في تحديد دورها. ومن المهم التذكير أيضاً بأن القوة مهما كانت جنسيتها تبقى مُقيدة بالمهام المُحددة في قرار مجلس الأمن الرقم 1701، وهي بالتالي غير قادرة على تنفيذ أي نشاط مستقل عن بقية القوة، سيما لو أخذنا في الاعتبار أنها تُشكل واحد في المئة فقط من إجمالي عديد اليونيفيل.
مع ذلك، فتحت مشاركة القوة الكازاخية وتزامنها مع خفض لعديد الأوروبيين، باباً لتكهنات حول مبرر هذا الانتشار بينها وجود "عين روسية" في منطقة حساسة من الحدود. كما أن هناك تساؤلات حيال التغيرات في تركيبة القوة الأممية. تحديداً، يُطرح السؤال الآتي: هل سنرى مزيداً من الانسحابات في عديد الأوروبيين، مقابل ارتفاع في مشاركات "الدول الصديقة" لموسكو؟
يُبرر هذا السؤال أن القوة الكازاخية ملأت فراغاً تركه انسحاب القوة الاستونية (38 عسكرياً) وخفض الفنلندية من 300 إلى 200 عسكري. إذا تحولت هذه التغيرات إلى سياسة أو سياق متنامٍ، بالإمكان حينها التساؤل حيال احتمال تعيين قائد غير أوروبي لها، وبالتالي لمس تغييرات في أدائها. أول المؤشرات لمثل هذه التبدل لن يكون بعيداً، وبخاصة اثر الانسحاب الأخير للقوات الفيجية (134 جندياً). رحلت هذه القوة غداة مشاركة طويلة الأمد (40 عاماً) سقط خلاها 35 عسكرياً في حروب دامية مع اسرائيل. سيفتح هذا الإنسحاب الباب قريباً لمشاركة جديدة في اليونيفيل، وبالإمكان حينها الجزم حيال وجود تغير في مكونات القوة الأممية، من عدمه.
طرح بعض الأوساط الأممية والغربية هذه التساؤلات التي تربط بين النفوذ الروسي المتنامي في لبنان والمنطقة من جهة، ومشاركة قوة كازاخية عديدها العشرات في اليونيفيل من جهة ثانية، وحده مؤشر إلى وجهة العام المقبل سياسياً. ذلك أن السؤال الذي يشغل بال كثير من الساسة والدبلوماسيين في لبنان هو: ما الخطوة التالية لموسكو في لبنان؟
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها