النتيجة؟
لم يصل إلى "الهيئة العليا للتأديب" سوى ملف واحد يتعلق بدوام موظف متعاقد، أي ليس ثابتاً أو صاحب منصب أو موقع، بحسب ما جاء على لسان عبود في حديث تلفزيوني. عبود ليس راضياً "عن أداء التفتيش المركزي لسبب أن المحاسبة لا تطال إلا صغار الموظفين، وأنا أُصرح بهذا الموضوع منذ 5 سنوات، والأجهزة الرقابية لم يصلنا منها إلا ملف واحد يتعلق بدوام موظف متعاقد".
كان حرياً بعبود أن يُفيدنا بهوية هذا الموظف المتعاقد وانتمائه السياسي، وكيف انتهى به المطاف وحيداً في الهيئة العليا للتأديب؟ بل بإمكاننا انتاج فيلم سينمائي عن هذا الموظف ونشأته، وكيف يتدبر أموره براتب متعاقد زهيد بلا تغطية صحية ولا تأمينات اجتماعية ولا من يحزنون، وكيف انتهى به الحال في الهيئة العليا للتأديب. هو "أوليفير تويست" القطاع العام، من أيتامه الذين تقطّعت بهم السُبُل. هل نحتاج إلى التأمل للتوصل لاستنتاج بأن هذا الموظف سقط خارج رضا الأحزاب الرئيسية، وانتهى به الأمر وحيداً في الهيئة العليا للتأديب؟ حبذا لو يستضيفه برنامج تلفزيوني لإخبارنا بالقصة كاملة. هذه حسرة ستبقى تلاحقنا طويلاً.
كيف قررت الهيئات الرقابية مجتمعة مُحاسبة موظف متعاقد من أصل أكثر من ربع مليون موظف حكومي، ووزراء بينهم من جاهر على التلفزيون بالسرقة؟ قصة هذا الموظف المتعاقد عجيبة وتستحق أن تُحكى في جمهورية الموز اللبنانية.
باستثناء هذا الموظف اليتيم، رئيس الهيئة العليا للتأديب نفسه يدعو إلى إلغائها لتخفيف المصاريف لأنها متوقفة، إلا إذا قررت الدولة زيادة صلاحياتها، ذلك أن العدالة لا تستقيم بمحاسبة الصغار فقط، بل يجب محاسبة كل المستويات كي نكون "دولة قانون".
المشكلة الأساس أن "حزب الله" وحركة "أمل" من جهة، و"التيار الوطني الحر" من جهة ثانية، يتنازعون حول شعارات تفعيل الهيئات الرقابية تحت جناح كل منهم. لا ضمانات باستقلالية الهيئات من قبيل تعيين قُضاة يُشهد لهم بالاستقلالية عن نفوذ الأحزاب، ما يعني أن الهيئات الرقابية ستتحول الى أسلحة للتصفيات المتبادلة داخل القطاع العام، بعنوان "سأكافح فسادك لو كافحت فسادي". اسألوا الموظف المتعاقد، قد تكون في طيات قصته بعض الأجوبة المفيدة.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها