السبت 2018/12/29

آخر تحديث: 09:29 (بيروت)

الفراغ الممتد.. الى الابد

الفراغ الممتد.. الى الابد
increase حجم الخط decrease

لأنعاش الذاكرة في هذه المحنة المتمادية، اشير إلى أرقام مذهلة ومخجلة تتشكل منها مساحة الفراغ الذي ابتدأ بانتهاء ولاية فخامة الرئيس لحود في الثاني والعشرين من تشرين الثاني من العاام 2007ولما تنتهِ بعد.

مئة وخمسة وثمانون يوماً انقضت بين ولاية الرئيس لحود وانتخاب فخامة الرئيس ميشال سليمان، حيث تخللت هذه الفترة أحداث جسام، بدأت بإقرار المحكمة الدولية الخاصة وانتهت بمؤتمر الدوحة، بعد أن وُصِفَتْ حكومة الرئيس السنيورة بالبتراء، وحوصرت السراي الحكومي، وجرى احتلال الوسط التجاري، ومن ثم اجتياح بيروت في ذلك اليوم الذي أسموه مجيداً وأغراً.

أما المدة الفاصلة بين انتهاء ولاية الرئيس سليمان وانتخاب فخامة الرئيس ميشال عون فهي بالتمام والكمال ثمانمئة وستة وسبعون يوماً، حيث قامت حكومة الرئيس تمام سلام مجتمعة بمهمات الرئيس، علماً أن الرئيس سلام كان يفتتح كل جلسة لمجلس الوزراء بالدعوة لانتخاب رئيس، كما انه رفض زيارة القصر الجمهوري رفضاً باتا بحجة أن الزيارة لا تسوغ إلا لسيد القصر بعد وجوده، أي أن الحكومة التي حلت محل الرئيس حافظت على مكانه خالياً من التطفل وادعاء الرئاسة، ورغم هذا لم يتورع احد الوزراء جهاراً نهاراً عن اتهام رئيس الحكومة باغتصاب سلطات رئيس الجمهورية.

وفي الخامس والعشرين من الشهر الأول، تكلف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، ولكنها لم تر النور إلا في الثالث عشر من الشهر السادس من العام نفسه أي  بعد مدة 140 يوماً، علماً أن حكومة الرئيس الحريري الأولى استغرق تشكيلها 135 يوماً.


كلف الرئيس تمام سلام بتشكيل الحكومة في 6/4/2013، ولم تتألف الا في 15/2/2014، أي بعد ثلاثمئة وعشرة أيام.


أما الآن فالتكليف تم في 24/5/2018 من غير أن يدري أحد نهاية لهذا النفق، فتكون الحسبة النهائية لأيام العطل السياسي 1864 يوماً حتى الآن أي خمس سنوات ومئة وستة أيام، ما بين 2007 إلى 2019، أي ما يدنو من نصف المدة الزمنية التي تعاقب عليها ثلاثة رؤساء الجمهورية وأربعة رؤساء للحكومة، وعدد فائض من الوزراء.

اللافت، أن أيا ممن ذكرت او من النواب، لم يقصر لحظة عن تقاضي مخصصاته بانتظام وفي الوقت المحدد، فيما يحق لأي رب عمل أن يحسم من رواتب عماله الأيام التي يغيبون فيها عن عملهم بلا عذر شرعي، فكيف بالذين يتعمدون زعزعة أركان السلطة ولا يزالون هم..هم، في واجهة المشهد السياسي المعيب، كأنهم الباقون إلى الأبد وما إلى أبعد من ذلك.

أما إذا احتسبنا الـ 1864 يوماً بحساب المال فإنها كفيلة بالقاء الحجز على أموال المعطلين والحجر عليهم لفقدانهم الأهلية الشخصية، أو محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى لفقدان الأهلية الوطنية.

ولكن الدقة تقتضي ان تحتسب تلك السنوات بمعايير الأجيال التي استهلكت ومعايير الخسائر الاقتصادية وفقدان الثقة الائتمائية والاحترام الدولي،  وتقتضي أيضاً ملاحقة المعطلين بتهمة قلة الذوق، لأنهم يجرؤون على الخروج على الشاشات بوجوه باسمة، فيرشحون شخصاُ مقرباً منهم، ثم يسحبون ذلك الترشيح بوجوه واجمة لأنه أتضح أنه مقرب من غيرهم، فأين كانت  حصافتهم حين أسموه من غائب علمه، وأين هي حصافة الذي دس إسمه عليهم، ثم كشف أمره قبل صدور المراسيم، وقد كان بامكانه الانتظار قليلاً توخياً للحصول على ثلثه المعطل-عليك أن تلاحظ التمسك بصفة التعطيل المستدامة-

لقد وصف غبطة البطريرك الراعي هؤلاء، بأنهم أصحاب قلوب خالية من المحبة، وقد أحسن الوصف الدقيق، واستأذنه أن أضيف إلى أنه لظلم كبير على لبنان أن يكون نهباً للحكم ممن لن يبلغوا سن الرشد السياسي، او لمن خلوا الرشد وراءهم، فتخلوا عن لعبة لا ينبغي ان يديرها إلا الكبار والراسخون في الوطنية.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها