وفقاً للإعلام الموالي، يُواصل الجيش السوري والميليشيات التابعة له طرد عناصر تنظيم "داعش" من مناطق بادية حمص الشرقية. وهذه المناطق ليست بالبعيدة جغرافياً عن الحدود الشمالية الشرقية للبنان مع سوريا. ولو أخذنا في الاعتبار الصفقات السابقة بين النظام والتنظيم في أكثر من مكان، لتجنب القتال بينهما، قد لا يكون توقع "تسرب" أو "تسريب" مئات العناصر باتجاه الحدود، بعيداً عن الواقع. ذلك أن أكثر من صفقة أبصرت النور بين النظام و"داعش"، كان آخرها لتحرير رهائن السويداء خلال الأسابيع الماضية. لذا، وفي ظل تاريخ هذا النظام في استخدام الجهاديين، من غير المستبعد انتقال هذا التهديد عبر الحدود، لا بل يجب احتسابه أمنياً على الجانب اللبناني. هذا في سوريا.
في لبنان، يكاد لا يمر أسبوع دون اعتقال أحد المنتمين إلى التنظيم. ورغم الطابع الدوري لهذه الإعتقالات بحق لبنانيين وفلسطينيين وسوريين على الأراضي اللبنانية، لم يتسرب حديث عن احباط مخططات كبرى لفترة شهور. بل بدت الإعلانات الأمنية مُنحصرة بتاريخ هؤلاء المعتقلين وقتالهم في سوريا، لا تحضيرهم لعمل ما على الأراضي اللبنانية.
لكن هذا السلوك بدأ يتغير. في 23 آب (اغسطس) الماضي، أوقفت شعبة المعلومات شابين في طرابلس، أحدهما (23 عاماً) أمضى 3 سنوات في سجن روميه. كان الشابان ينويان استهداف حاجز للجيش اللبناني وكنيسة، بناء على أوامر من تنظيم "داعش" داخل سوريا، وبإستخدام متفجرات مُهرّبة عبر الحدود أيضاً.
بعد شهر من هذه الحادثة، وتحديداً في أيلول (سبتمبر) الماضي، كشفت المديرية العامة للأمن العام عن إحباط خُطتين لتنظيم "داعش" تهدف إحداهما إلى تسميم صهريج مياه شفة للجيش اللبناني لقتل أكبر عدد من عناصره. الخطة الثانية تستهدف حفلة عامة في "إحدى الدول الأجنبية" التي لم تُحدد في البيان. المديرية اعتقلت شاباً من فلسطينيي لبنان في الـ27 من عمره كان يتواصل مع عناصر للتنظيم في الداخل السوري، من ضمنهم كادر أمني يُكنّى بـ"أبو جلاد". ذكر البيان أن الشاب تواصل مع عميل آخر يُقيم في "دولة أجنبية"، ويتردد دورياً إلى لبنان، وكان مُكلفاً بتنفيذ الشق الأجنبي من المهمة.
يوم أمس، اعتقلت السلطات الإيطالية هذا العميل الآخر لتنظيم "داعش" في جزيرة سردينيا الإيطالية. اسمه هو أمين الحاج أحمد (38 عاماً)، وفقاً للسلطات الايطالية، أمين هو ابن عمّ الشاب المعتقل في لبنان، والذي اكتفت المديرية العامة بتعميم الحروف الأولى فقط من اسمه (م. ح. أ.).
بحسب تصريحات الشرطة الايطالية، استخدم أمين شبكة هاتفه النقال للبحث عن شراء مواد كيماوية، وتصفح مواد دعائية لتنظيم "داعش". وسائل إعلام محلية في سردينيا تحدثت عن تخطيطه لدس مواد الأنثراكس والرايسين في مياه الشفة في بلدة ماكومر السردينية، وفي مصدر مياه قاعدة عسكرية قريبة منها، بما يُحاكي الخطة اللبنانية. لكن الأدلة ضد المتهم ما زالت هزيلة، إذ لم يشتر أو يحاول الحصول على هذه المواد، ما سيُضعف حُجة الشرطة خلال المحاكمة، سيما أن السلطات اللبنانية وفّرت المعلومة الأمنية المؤدية للاعتقال.
هذه المحاولات من تنظيم "داعش"، أو ما تبقى منه، تفشل بجهود أجهزة الأمن اللبنانية، لكنها تحتاج الى ثغرات أمنية أو تحول على الساحة اللبنانية، لتنجح. وهذا هدف ليس صعباً أو حتى بعيد الأمد في ظل التآكل الاقتصادي والفشل السياسي اللذين قد يكشفا الوضع الأمني لداعش وغيرها.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها