الثلاثاء 2018/10/09

آخر تحديث: 20:33 (بيروت)

لغز خاشقجي:صعوبات تركيا

الثلاثاء 2018/10/09
لغز خاشقجي:صعوبات تركيا
أردوغان لم يرغب في مزيد من التوتر في العلاقات مع الرياض (Getty)
increase حجم الخط decrease
في معظم الحالات بالنسبة لأنقرة، فإن العلاقة مع الرياض تعني الكثير من الجهد والصبر والحذر، وأحياناً تعني غض الطرف عن بعض التصريحات والبيانات السعودية.
لكن عندما يتعلق الأمر بالصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي فُقد بعد دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول الثلاثاء الماضي، كان رد الفعل الأولي من أنقرة هادئاً، لكن الجرعة تتزايد تدريجياً كما يحصل في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
أردوغان في أول تصريح له حول الاختفاء القسري لخاشقجي، قال إن هناك تحقيقاً حول هذا الأمر. لكن في بيانه الأخير الاثنين، بعد ساعات قليلة من مطالبة السلطات التركية بإذن من المملكة للدخول إلى مبنى القنصلية للتحقيق، كان أكثر قسوةً وقال: "لا يمكن للمسؤولين السعوديين في القنصلية في إسطنبول أن يفلتوا ببساطة بالقول إن خاشقجي غادر القنصلية". وأضاف أن "المدعين ملزمون بإثبات ادعاءاتهم. إذا غادر المبنى، فأنت بحاجة إلى إثبات ذلك". وتابع أنه شخصياً يتابع القضية عن كثب، لأنه واجب إنساني وسياسي بالنسبة له ولبلده.
بين التصريحين أرسل أردوغان رسالة إلى العالم. وقال إن الذين يحرصون على حرية التعبير سيلاحقون بالطبع الحدث وستتقاسم تركيا نتائج التحقيق مع العالم.
أردوغان الذي لم يرغب في مزيد من التوتر في العلاقات مع الرياض، انتظر على الأرجح رد فعل العالم وخاصة الولايات المتحدة، قبل اتخاذ خطوات أكثر جرأة، لأنه إذا كان السعوديون هم قتلة خاشقجي، فإن هذا يمكن أن يتطور إلى أزمة دبلوماسية كبيرة، قد تصل حتى إلى حد تعليق العلاقات بين أنقرة والرياض.
الدعم الذي كان أردوغان يبحث عنه جاء من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ثمانية أيام من اختفاء خاشقجي. لم يكن رد فعل قوي، لكن الرئيس الأميركي على الأقل قال إنه قلق. حسناً، لو كان ذلك يحدث في قنصلية إيرانية، فإن رد فعله سيكون أبعد من ذلك بكثير.
لكن كما لاحظنا في الماضي، على الرغم من عدم وجود دعم عندما تعتقد أنقرة أنها محقة، فإنها لا تتردد في إظهار رد الفعل تجاه القضايا الدولية. قضية "أسطول الحرية" مع إسرائيل، رد الفعل على إدارة السيسي في مصر هي أمثلة لذلك. قد يكون الأمر كذلك مرة أخرى عندما يتعلق الأمر بالمملكة العربية السعودية؛ إذا لم يتعاونوا مع التحقيق وامتنعوا عن إظهار الشفافية، فلن تتردد تركيا في اتخاذ إجراء.
قضية خاشقجي لن تكون أول نزاع بين البلدين. فالعلاقات الثنائية كانت تقليدياً متحفظة، لكن بعد الثورات العربية بشكل خاص، أصبحت العلاقات متقلبة. بعد تغيير النظام في مصر، دعمت كل من الرياض وأنقرة بشكل واضح فريقاً من الأطراف المتصارعة. السعوديون الذين أرادوا تصوير أنفسهم كزعيم للعالم الإسلامي، سياسياً ودينياً، شعروا بتحدي تركيا.
إضافة إلى ذلك، فإن علاقات تركيا مع قطر تزعج الرياض. إن عدم رغبة أنقرة في مواجهة إيران، وفوق ذلك التعاون مع طهران في أجزاء مختلفة من العالم، بما في ذلك سوريا على الرغم من المصالح المتضاربة، يزعج الرياض. كما أن الجهود التركية لوضع قدم في أفريقيا ليست موضع ترحيب من قبل السعوديين.
وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عندما تحدث إلى الصحافيين المصريين في آذار/مارس لم يتردد في الإشارة إلى تركيا كجزء من "مثلث الشر" إلى جانب إيران والمتطرفين الإسلاميين. لكن على الرغم من ذلك، ما زالت أنقرة تحتفظ بالأمل في شرح نفسها للرياض، لأنه في الواقع، بالنسبة لأنقرة، يمكن للدولتين أن تتعاونا بسهولة بشأن العديد من القضايا الإقليمية من قضية القدس إلى النفوذ الإيراني في العراق.
ومع ذلك، لا يمكن لتركيا أن تغض الطرف عن قضية خاشقجي لأن ذلك سيضر بشكل خطير بالموقف التركي، ليس فقط في الساحة الدولية بل أيضاً في نظر المعارضين العرب. تركيا التي تدعي في كثير من الأحيان أنها لا تقف مع الحكومات ولكن مع الناس، عليها أن تثبت هذا الادعاء من خلال معرفة ما حدث لخاشقجي.
إذا لم يتعاون السعوديون مع التحقيق أو إذا ثبت أنهم يقفون وراء هذه الجريمة، فلن يكون على تركيا سوى اتخاذ جميع الخطوات اللازمة وإلا فإن ذلك يعني أن تركيا هي مسرح لأعمال القتل القذرة والعمليات الدولية المشبوهة. وأكثر من ذلك، فإن قانون الشرف يتطلب حماية أي شخص يلجأ إلى منزلك، وتركيا التي تم تحدي شرفها، يجب عليها التصرف وفقاً لذلك.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها