الإثنين 2018/10/08

آخر تحديث: 09:53 (بيروت)

لبنان بين الابتزاز الاميركي والايراني

الإثنين 2018/10/08
لبنان بين الابتزاز الاميركي والايراني
increase حجم الخط decrease

على هامش الخلاف المسيحي-المسيحي المستفحل حول الحكومة المقبلة وما بعدها (الانتخابات الرئاسية)، يزداد الحديث عن عُقدة منح وزارة الصحة إلى "حزب الله"، والتهديدات والتحذيرات الأميركية المبطنة في هذا الشأن.

و"حزب الله" مصرٌ على الحقيبة، لا بل يُطالب بدور لبناني في مكافحة العقوبات الأميركية على إيران. مصادر الحزب تستثني حقيبة الصحة من أي نقاش، لأن حصولها عليها حسمه اتفاق مع الرؤساء ميشال عون وسعد الحريري ونبيه بري.

وترويج الحزب لهذا الاتفاق يترافق أيضاً مع إدانة أي تدخل أميركي "سافر" في هذا الخصوص، وربطه بمجمل السياسة الأميركية في المنطقة. لذا لا تنازل من الحزب في هذا الخصوص، لا بل بإمكاننا توقع تصعيد يتمثل بترشيح حزبي لا مستقل قريب منه، لنيل هذا المنصب.

في مقابل جمود موقف الحزب، تشدد أميركي مقابل. ذلك أن الدبلوماسيين الأميركيين لا يحصرون رد فعل واشنطن بوقف المساعدات الأميركية والدولية للصحة في حال حصول الحزب عليها، بل يؤكدون أن الإجراءات ستتجاوزه.

والحقيقة أن التهديد أو التحذير الدبلوماسي الأميركي، يحمل وجهين.

أولاً، تُحاول السفارة الأميركية الضغط للتخفيف من حضور الحزب في الحكومة اللبنانية، لإضعافه عموماً، وأيضاً للحؤول دون استخدامه الدولة اللبنانية غطاء لبعض النشاطات المالية إذ تأمل الولايات المتحدة وإسرائيل تجفيف موازنة التنظيم عبر العقوبات على إيران.

ثانياً، تعجز الدبلوماسية الأميركية عن توقع رد فعل هذه الإدارة الموالية تماماً للوبي الاسرائيلي، على تولي الحزب حقيبة خدماتية أساسية في المرحلة المقبلة. وليس مستبعداً أن تكون السفارة هنا وبعض ديبلوماسييها، أكثر قلقاً من "حزب الله" من الرد الأميركي غير المتوازن.

ذاك أن السفارة أقرب إلى منطق بناء مؤسسات الدولة بانتظار اللحظة السانحة اقليمياً لاحتواء الحزب أو حتى ابتلاعه. وجود جيش ومؤسسات أمنية قوية نسبياً (على تنظيم مثل حزب الله، لا على اسرائيل)، يُساعد في ايجاد الأرضية المطلوبة. وفي الوقت ذاته، تحول هذه المؤسسات القوية دون المزيد من التراجع في الدولة لمصلحة "حزب الله". لكن هذه استراتيجية طويلة الأمد، وفوائدها السريعة معدومة، وبالتالي لا تتوافق مع طريقة عمل هذه الإدارة.

ويزيد من المخاوف أن اللوبي الاسرائيلي ومراكز الأبحاث القريبة منه في واشنطن، يعمل منذ سنوات على وقف المساعدات الأميركية للمؤسسات اللبنانية، وأيضاً على زيادة منسوب العقوبات ضد حزب الله لتشمل حلفاء له. وهذه الكتلة تتحين فرصة تولي أحد أعضاء الحزب أو قيادييه حقيبة الصحة، لإطلاق حملة اعلامية في واشنطن مفادها أن المساعدات الأميركية والتلكؤ في مجال العقوبات، أسهما في تعزيز موقع التنظيم المدعوم من إيران، بدلاً من تقويضه، كما يُروّج بعض الدبلوماسيين.

والتوقيت مناسب أيضاً، إذ من المفترض أن يُراجع الكونغرس المساعدات العسكرية للبنان. كما ترغب الإدارة الحالية في تحقيق نتائج سريعة من الدفعة الجديدة من العقوبات على ايران، والمقرر تمريرها في الرابع من الشهر المقبل. ومن يرغب في النتائج السريعة فحسب، لا قدرة لديه على الانتظار سنوات طويلة لتحقيق انتصارات بالإمكان صرفها مع جمهوره في معركة الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2020.

يبقى أن لبنان اليوم باستحقاقه الحكومي وتحدياته الاقتصادية بات بين فكي كماشة الابتزاز الأميركي والإيراني، ويحتاج الى وعي في تشكيل الحكومة ووضع سياساتها. وعي نعجز عن رؤيته وسط تفاهات الجدل حول الحصص والحقائب.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها