الإثنين 2018/10/29

آخر تحديث: 19:24 (بيروت)

سوريا بلا إيران

الإثنين 2018/10/29
سوريا بلا إيران
increase حجم الخط decrease
من الضروري قراءة الغياب الإيراني عن قمة إسطنبول في سياق الدور المستقبلي لطهران خلال المرحلة المقبلة، مع الانتباه الى أن صراعها مع واشنطن قد يُقوّض ما تبقى من الإستقرار في المشرق.

بداية، يعكس الغياب عدم جدوى الحضور، وأيضاً الانشغال الإيراني في مواجهة العقوبات وتداعياتها على الداخل الإيراني وعلى قدرة طهران على المحافظة على الوجود والنفوذ. إنها مرحلة الحفاظ على المكتسبات، وبالتالي ليست مزاحمة الروس والأوروبيين على الطاولة على الإطلاق، أقله في المرحلة المقبلة، وهي طويلة الأمد.

الألمان والفرنسيون والأتراك والروس اتفقوا عملياً على آلية للمضي قدماً في إعداد تسوية طُبخت بأغلبها في الأستانة وسوتشي بإدارة موسكو وأنقرة، وستُنقل بعد تعديلات إلى جنيف لتحظى ببعض الرعاية الدولية.

إيران هنا، بغيابها عن هذه القمة، تبدو للوهلة الأولى كأنها أعادت توكيد دورها كجندي مشاة في التدخل الروسي. تغيب عندما يجلس الكبار، وتحضر في المعارك تماماً كما يفعل الجنود المطيعون.

لكن هذا ليس تسليماً نهائياً بمجرى الأمور، بل قد تتبدل هذه الاستراتيجية بعد شهور من العقوبات الأميركية، وفقاً لقاعدة "كلما زادت الضغوط، ارتفعت احتمالات التشدد والتصعيد"، ومعهما يغيب المنطق السياسي.

وبحسب بعض الحسابات الإقليمية، سيتسم رد الفعل الإيراني بالحذر والصمود في المرحلة الأولية، بانتظار بعض الحماية الأوروبية والصينية من العقوبات. وإذا لم تر هذه الإجراءات النور، ولم تفعل فعلها في حماية ايران من آثار العقوبات، ستنخفض مبيعات النفط بشكل رهيب. بعض المسؤولين الأتراك الأتراك يتوقع انخفاضاً لما دون النصف مليون برميل يومياً. هذه كارثة، ومستوى منخفض من الإنتاج لم تصل اليه ايران حتى في ذروة الحصار الدولي والحرب عام 1980.

هل تبقى ايران في موقف دفاعي فيما تتآكل مالياً واقتصادياً من الداخل؟ من الصعب رؤية ذلك المسار يطول، حتى لو تمسكت به إدارة الرئيس الحالي حسن روحاني. هناك من يملك قدرة الدفع باتجاه التصعيد من الداخل.

صحيح أن القوات الإيرانية بدأت انسحابها من سوريا، لكن مفاتيح الرد والتصعيد ما زالت متوافرة فيها الى حد ما، وفي العراق ولبنان على حد سواء. ورغم أن الرد عبر سوريا قد يكون خارج المعادلة نظراً الى احتمال التصادم مع روسيا، هذه الاعتبارات قد تتساقط كأوراق التوت كلما ازدادت الضغوط المالية.

ومن الممكن أيضاً تحليل الأحاديث عن انسحابات لإيران والميليشيات الموالية لها من مناطق سورية، من خلال منظار اعادة التموضع استعداداً للأسوأ. تنسحب هذه الميليشيات استعداداً لمواجهة تحتاج فيها الى العناصر على الأرض وبعيداً عن الوجود الروسي واحتمالات الاحتكاك سلباً به، وهذا توتر وصُداع تبقى ايران بغنى عنه في الشهور والسنوات المقبلة.

ذاك أن هناك اعتقاداً صحيحاً في ايران، بأن الهدف النهائي من هذه العقوبات والتصعيد الاميركي المرافق لها، ليس احتواء ايران وتقليم أظافرها في المنطقة عبر إضعاف قدرتها على تمويل القوى الموالية لها في دول عربية ضعيفة، بل إسقاط النظام برمته وتفجيره من الداخل. وهذا الهدف وضعته نُصُب عينيها المجموعة الإقليمية الكاملة المساندة للحصار الاميركي ضد ايران، والتي تقودها اسرائيل.

وبالتالي، وفقاً لتسلسل التفكير الايراني، أي تنازل من جانب ايران، سيخدم الهدف النهائي لواشنطن، وهذا يُحتم التصعيد لو طالت العقوبات الأميركية أسس النظام الإيراني وقدرته على الإستمرار.

الكلام أعلاه يطرح سؤالين أساسيين. أولاً، ما هي نُقطة الانفجار؟ وثانياً، كيف ستُدير ايران حلفاءها في الأقاليم باتجاه التصعيد؟ الى أي مدى بإمكان حزب الله المنشغل بالملفات اللبنانية، مقاومة الاندفاعة الإيرانية نحو التصعيد؟ هذان سؤالان يطرحهما مسؤولون أوروبيون يشعرون بقلق بالغ حيال احتمالات التصعيد في منطقة مُثقلة بالأزمات، ولا تحتمل مغامرات جديدة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها