الخميس 2016/11/17

آخر تحديث: 23:05 (بيروت)

مبعوث عون إلى صدام حسين

الخميس 2016/11/17
increase حجم الخط decrease

 

انتخاب العماد ميشال عون مناسبة لمراجعة مُفصّلة لمحطات بارزة في تاريخه، سيما المثير للإنتباه منها مثل علاقاته الدولية خلال سنتين أمضاهما في قصر بعبدا.

في مطلع عهده، وقبل انطلاق حرب التحرير، كلّف العماد عون العميد الركن فؤاد عون نائب رئيس الأركان لشؤون التجهيز، وصاحب كتاب ”ويبقى الجيش هو الحل“ (مانيفستو العونيين حينها)، ملف العلاقة مع العراق حيث التقى الرئيس الراحل صدام حسين ووزير خارجيته طارق عزيز (أبو زياد).

وكتاب فؤاد عون الصادر عن دار "أيبكس" مليء بتفاصيل عن تطور العلاقة، تحمل أحياناً أبعاداً كوميدية، لكنها دليل على العقلية السياسية والإدارية لكبار ضباط الجيش اللبناني، وخصوصاً المحيطين بالرئيس العماد.

المسألة الأولى هي القراءة السياسية. يبدأ فؤاد عون كتابه بقراءة شاملة للواقع الجيو-سياسي المرافق لصعود العماد عون. في الصفحة ١٣، يجزم بأن البابا يوحنا بولس الثاني ”أعطى الأميركيين ما يريدونه في لبنان مقابل تحرير بولندا من قبضة الاتحاد السوفييتي“. إذن، يرتبط الحدث الأبرز في الشطر الثاني من القرن العشرين، أي انهيار الاتحاد السوفييتي، بقرار البابا الراحل مقايضة الجنرال ميشال عون ببولندا.

آلية هذه التحليلات، تنسحب أيضاً على وصف فؤاد عون لصدام. الكتاب صادر عام ٢٠٠٨، أي أن هذه التحليلات جاءت اثر الانهيارات الكبرى. صدام “أقوى زعيم عربي” ”لأقوى دولة عربية تمكنت من الانتصار على عدو العرب التقليدي القديم، أي الفرس، وسجلت للعرب أول انتصار بعد معركة القادسية“. في الصفحة ٤٤، يعيد العميد فؤاد عون وصف قادسية صدام، بأنها ”انتصار لم يعرفه العرب منذ صلاح الدين“. 

بحسب فؤاد عون الذي زار بغداد برفقة مرافقين من الاستخبارات العراقية حينها، فإن في بغداد عرباً “يؤمون العراق للسياحة والتحرّر من القيود المفروضة عليهم في بلدانهم، والتي تحد من حرياتهم العامة والشخصية والسياسية”. بغداد، إذن، كانت محجة للعرب الساعين الى متسع من الحرية بكافة أنواعها.

الملاحظة الثانية لهذا الضابط اللبناني الرفيع المستوى، مصدرها مجموعة تساؤلات عن سبب حب العراقيين لقائدهم صدام رغم قساوة المخابرات العراقية: ”كيف بقي الشعب العراقي على صموده ودعمه لهذه السلطة الحاكمة؟“. 

والعميد فؤاد عون كان، قبل طرح تساؤلاته، خلص إلى أن العراقيين يُحبون زعيمهم. وبين أسباب ذلك، ”على سبيل المثال، لم أسمع أحداً يذكر اسم الرئيس صدام حسين إلا وأرفقه بعبارة حفظه الله. كما لفتني أن وسائل الاعلام العراقية المرئية والمسموعة تبدأ برامجها بالدعاء الى الله كي يحفظ السيد الرئيس وتختم برامجها بدعاء مماثل“.

والجنرال لم يكن وحده في العلاقة مع صدام، بل شاركته فيها ”القوات اللبنانية“ حينها عبر مبعوثها إلى بغداد حيث تبادلت المعلومات الأمنية مع الاستخبارات العراقية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وفقاً للكتاب. ومن خلال هذه البوابة، تشكلت علاقة بين مبعوثي القوات وعون من جهة، وبين الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وصلت الى ذروتها في خطة لارسال مئات المقاتلين الفلسطينيين بحراً للمشاركة في إعادة تنشيط المعارضة الاسلامية للاحتلال السوري حينها. بحسب الكتاب، فإن عرفات أسرّ لمبعوث عون بأن بعض القيادات الاسلامية على الجانب السوري، يتقاضى رواتب سرية من منظمة التحرير. وحدها تقلبات الاصطفافات السياسية الحالية في لبنان، تُواسي قارئ الكتاب عند المرور على تفاصيل اجتماعات عرفات ومبعوثي عون والقوات في حضور شخصيات مثل ”أبو العباس“. هم حُلفاء يُخططون لإطاحة عدو مشترك.

لكن تقلب التحالفات ليس العلاقة الوحيدة بين تلك الحقبة واليوم. نوعية المسؤولين أيضاً مشتركة بين الزمنين. بحسب الكتاب، فإن القيادة العونية حجزت تذاكر إحدى رحلات موفدها إلى بغداد عبر أثينا. لكن فؤاد عون فوجئ بهذا ”التفصيل“:

“وصلنا الى باب الطائرة (طيران أوليمبك) ولفتني فوقه لوحة كهربائية تحدد مسار الرحلة من أثينا إلى دمشق فعمّان، ما يعني أن الطائرة ستهبط في مطار دمشق لفترة ثم تُكمل رحلتها إلى عمان”.

عندما رفض فؤاد عون أن يستقل الطائرة، ”بدأ رفيقاي قد المراجل والبهورة وقالا لي عيب عليك أن تتراجع في آخر لجظة وتتركنا نذهب لوحدنا. يا عيب الشوم عليك“. في النهاية، استقل الضباط الثلاثة ٰالرحلة وهبطا في دمشق حيث صعد رجلا مخابرات الى الطائرة حيث دققا في لائحة الركاب التي لم ترد أسماؤهم فيها نتيجة وصولهم المتأخر.

مبعوث عون ذهب إلى بغداد صدام حسين عبر دمشق حافظ الأسد.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها