وتعليقاً على الحادثة، أصدرت مطرانية حمص وحماه وطرطوس للسريان الأرثوذكس بياناً رسمياً دانت فيه ما وصفته بـ"الاعتداء الغاشم"، واعتبرته استهدافاً لحرمة دور العبادة، محذرة من خطورة هذه الأفعال على السلم الأهلي. وشدّد البيان على ضرورة فتح تحقيق فوري في الحادثة ومحاسبة الفاعلين، مع التأكيد على أن المسيحيين السوريين لن تثنيهم مثل هذه الاعتداءات عن التمسك بأرضهم وهويتهم الوطنية.
وأثارت الحادثة استياءً واسعاً، وتحوّلت إلى مادة للتجييش والتحريض في وسائل التواصل، رغم غياب أي دليل ملموس عن هوية الفاعل. في المقابل، عبّر عدد كبير من أهالي حمص، من المسلمين والمسيحيين، عن رفضهم لهذا الفعل الذي وصفوه بـ"الجبان"، مؤكدين تمسكهم بقيم التعايش وحرمة المقدسات الدينية، ومعتبرين أن من فعل ذلك، يسعى لإحداث فتنة بين أهالي حمص.
وكتب أحد المعلّقين:"الاعتداء على كنيسة أم الزنار لا من أخلاقنا كحماصنة ولا من أخلاقنا كمسلمين. فإننا في حمص وكل الحماصنة يستنكرون أي اعتداء على أي رمز ديني. من يسعى للفتنة لا يمثلنا لا كمواطنين ولا كمسلمين. ونثمن البيان الصادر من المطرانية الذي أكد على التمسك برسالة المحبة والسلام".
وعلّق آخر بالقول: "عملية إطلاق النار على كنيسة أم الزنار أمر مدان وخطير جداً. الجميع يعلم حرص السلطة الجديدة على أمن إخوتنا المسيحيين، لكن هناك بعض الموتورين المتطرفين لا يزالون يسرحون ويمرحون، ويجب على الحكومة أن تلاحقهم في كل شارع وقرية. نريد عقوبات صارمة، نريد أن نرى المشانق من جديد، كي تكون رادعاً لكل من يعبث بالسلم الأهلي".
من جهته، أطل
الأب بيتر حنا برسالة دعا فيها إلى التمسّك بالوحدة الوطنية، قائلاً إن "الرئيس أحمد الشرع يقوم بكل ما يستطيع لإعادة لملمة الدولة السورية، وهو أمر مشكور عليه تماماً"، وأضاف: "نرجو ألا تقتصر أولويات الدولة على تحسين الاقتصاد والعلاقات الدولية، بل أن تشمل تعزيز حماية المقدسات والأقليات، فالمسيحيون هم سوريون أولاً وأخيراً".
وتوحدت البيانات الرسمية، وردود الأفعال الشعبية المتنوّعة، في رفض هذا الفعل الفردي، الذي اعتبر تهديداً صريحاً للسلم الأهلي، كما عكست حجم القلق المشروع من أن يتم توظيف الحادثة سياسياً أو طائفياً، في توقيت تمر فيه البلاد بمرحلة انتقالية دقيقة، تسعى فيها السلطة الجديدة لترسيخ الاستقرار وبناء دولة تحفظ الحقوق وتحترم التعدد.
وتعد كنيسة "أم الزنار" من أقدم كنائس سوريا، ويعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي، وهي أحد أبرز معالم مدينة حمص، وتحظى بمكانة خاصة لدى سكان المدينة من مختلف الطوائف، ما يجعل الاعتداء عليها بمثابة استهداف للمدينة كلها، لا لطائفة بعينها.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها