الجمعة 2025/06/06

آخر تحديث: 15:29 (بيروت)

سَقطة نادين الراسي: جزء لبناني "مارق"...وجزء مقبول؟!

الجمعة 2025/06/06
سَقطة نادين الراسي: جزء لبناني "مارق"...وجزء مقبول؟!
increase حجم الخط decrease
وقعت الفنانة اللبنانية نادين الراسي في خطأ كبير، حين صنفت اللبنانيين والمناطق، وحاولت تحييد فئة أو بقعة جغرافية، وأعطت ذريعة لجيش العدو الاسرائيلي للإمعان في "التفتيت الرمزي" للكيان اللبناني، بتصوير لبنان جزأين: جزء مارق، بزعمه، وجزء مقبول بالنسبة إليه!
والراسي التي بدت في الفيديو غير متزنة، استغلها الناطق باسم جيش الاحتلال، للبناء على سرديتها لتقسيم المناطق اللبنانية، وفئات الشعب اللبناني، في محاولة لإظهار لبنان شعوباً، وليس شعباً واحداً!


وبينما كانت الغارات الإسرائيلية لا تزال تهزّ الضاحية الجنوبية لبيروت وبلدة عين قانا جنوباً، فاجأت الممثلة اللبنانية نادين الراسي الرأي العام بظهور مصوّر عبر "إنستغرام"، خاطبت فيه الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي بشكل مباشر، متوجهة إليه بنبرة عتاب على طريقة إصدار التحذيرات قبل القصف.

وقال الراسي في أحد المقاطع: "كلما غادرت بيروت تُقصف... هذه المرة لن أعود، وابني في البيت، وأصدقاؤه عنده، ولن أعود". كما اعترضت على ما وصفته بـ"التعميم غير الدقيق" في التحذيرات الإسرائيلية، مضيفة: "سكان لبنان؟ هل أصبح لبنان عندك مجرد جلّ وتنّور؟ هناك جغرافيا واحترام، قُل سكان الضاحية أو النبطية... لا تعمّم، فهذا يُضر بصورة لبنان". 

لكن الموقف لم يُقرأ كاعتراض على القصف بحد ذاته، بل كاحتجاج على أسلوب الإعلان عنه، وهو ما فجّر غضباً واسعاً عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وانتقد مغرّدون بشدة الخطوة، معتبرين أن الراسي تعاملت مع ناطق باسم جيش محتل كجهة رسمية تُناقش وتُعاتب، بدل أن تُدان وتُرفض.

تنديد لبناني
وانطلقت موجة تنديد واسعة بأن ما قالته الممثلة ينطوي على خطأ أخلاقي ووطني فادح، لا سيما أنها تفادت التطرّق إلى العدوان نفسه، وبدت منشغلة بصورة لبنان الخارجية بدلاً من القصف على مدنييه. وقد ذهب كثيرون إلى القول إن حديثها يُفهم وكأنها لا تمانع الضربات الإسرائيلية على الجنوب والضاحية، طالما أنها "مدروسة" ولا تُسيء للسياحة، في خطاب وصفه البعض بـ"الخطير والمسيء لدماء اللبنانيين".

أدرعي يستغل الموقف ويردّ برسالة دعائية
المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي لم يتأخر في التقاط هذه الفرصة، فكتب عبر "إكس" (تويتر سابقاً) رسالة طويلة إلى نادين الراسي قال فيها: "تحية طيبة للسيدة نادين الراسي، تابعت ما ورد في تصريحك الأخير، وأود أن أوضح أن كلامي لم يكن موجهاً ضد 'سكان لبنان' كما فُهِم أو أُريد له أن يُفهم. نحن نفرّق، ونحن نُميّز. لم تكن لنا يوماً مشكلة مع الدولة اللبنانية، ولا مع الشعب اللبناني الكريم، ولا نملك أي مصلحة في ضرب السياحة اللبنانية أو المسّ بصورتها". 

وأضاف مهاجماً حزب الله: "عندما تُحاك ضدنا محاولات إرهابية واضحة، وتُستخدم أراضٍ وأطراف داخل لبنان للتآمر علينا، فهنا تصبح لدينا مشكلة لا يمكن تجاهلها. مشكلتكم ليست معنا، بل مع حزب إرهابي لم يتعلّم من تجارب الماضي". وختم بالقول: "أرجو أن نتمكن جميعاً من التحدث بعقلانية، بعيداً من التشنج، وأن نتذكر دائماً أن مصلحة الشعوب فوق الشعارات، وأن الكرامة لا تتجزأ". 

مخاطبة العدو... سقطة 
الحال أن الغارات الإسرائيلية الأخيرة، والتي زعم الاحتلال أنها استهدفت "مواقع تحت الأرض مخصصة لتصنيع طائرات مسيّرة بتمويل إيراني"، خلّفت دماراً واسعاً وحالة من الذعر في مناطق مدنية مأهولة، وأدت إلى موجات نزوح جديدة وتوتر شديد امتد من الجنوب إلى البقاع وضواحي بيروت.

وما زاد من وطأة المشهد أن هذه الغارات جاءت عشية عيد الأضحى المبارك، في وقت كان فيه اللبنانيون يستعدون لاستقبال العيد وسط ظروف معيشية وأمنية خانقة، لتتحوّل ليلة العيد إلى ليلٍ دامٍ مشحون بالخوف والقلق على الأرواح والمنازل، بدلاً من أن تكون لحظة فرح وأمان واجتماع عائلي.

وفي هذا السياق، رأى كثر أن ما قامت به نادين الراسي لا يمكن فصله عن واقع هذا العدوان المستمر. فمخاطبة شخصية تمثّل جيشاً يحتل أراضي لبنانية وينفذ غارات شبه يومية، تُعدّ تجاوزاً واضحاً للثوابت الوطنية، ومحاولة مرفوضة لتطبيع وجود العدو في الوعي العام، حتى وإن تم ذلك عن غير قصد أو بحسن نية.

وفي بلد ما زال يدفع ثمن الاعتداءات والدمار، بدا أن ما قالته الراسي لا يعبّر فقط عن سوء تقدير في توقيت الكلام ومضمونه، بل عن انفصال مقلق عن الواقع الوطني والوجداني، في نظر قطاع واسع من اللبنانيين الذين رأوا في خطابها ابتعاداً عن أبسط ثوابت التضامن مع أهلهم تحت القصف.


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها