الإثنين 2025/06/02

آخر تحديث: 19:30 (بيروت)

الحملة على سلام تتراجع: تضارب داخل الحزب؟

الإثنين 2025/06/02
الحملة على سلام تتراجع: تضارب داخل الحزب؟
increase حجم الخط decrease
بردت حملة جمهور "حزب الله" على الرئيس نواف سلام. كانت تحتاج الى لقاء، مثل الذي حصل اليوم في عين التينة، لتبديد الاحتقان والافتعالات والتصورات المسبقة التي اجتاحت مواقع التواصل خلال الأيام الماضية.. وكان تحتاج الى تصريح، كمثل الذي خرج به النائب محمد رعد مساء، عبر قناة "المنار"، قائلاً: " شكرا لودّ دولة رئيس الحكومة، وسنلاقيه في أقرب وقت وندلي برأينا في ما نراه مصلحةً لشعبنا وبلدنا". 

لكن تبديد الاحتقان، لا يعني أن ما شهده الفضاء الرقمي، خلال الأيام الماضية، يمكن تبريره. وصلت الحملة على الرئيس سلام إلى مستوى غير مسبوق من التحريض الشخصي والسياسي. تكررت عبر عشرات الحسابات والمنابر الإعلامية عبارات تتهمه بأنه "يمثل المشروع الإسرائيلي في لبنان"، متجاوزة بذلك أطر النقد السياسي المشروع إلى مساحات أخطر، تتقاطع مع التحريض المباشر على الشخصية والموقع والدور.

ومع أن الدستور اللبناني يكفل حق النقد، لكن حين تتحوّل هذه المعارضة إلى وصم علني بالعمالة، أو إلى توصيفات تمس الانتماء الوطني لشخصية رسمية تقود السلطة التنفيذية، فذلك يتجاوز نطاق الاختلاف السياسي، ويندرج ضمن اطار "التهديد المعنوي". ويتطلب إيجاد آلية واضحة للتعامل السياسي مع الملفات، ضمن توجيهات داخلية في الحزب أو سواه، منعاً لاقتياد البلد الى انقسامات خطيرة. 

والحملة التي شُنّت على نواف سلام، لا يمكن فصلها عن النقاش المتجدد حول مسألة "حصرية السلاح" في يد الدولة، وهي قضية أعادها سلام إلى الواجهة بشكل واضح ومباشر في تصريحاته الأخيرة، سواء على المنابر اللبنانية أو في مقابلاته الدولية. لكن المفارقة أن خطاب سلام، لا يبدو خارجاً عن الإطار الذي رسمته قيادة حزب الله نفسها، وتحديدًا الشيخ نعيم قاسم، الأمين العام لحزب الله، الذي عبّر في أكثر من مناسبة عن استعداد الحزب لمناقشة موضوع السلاح في سياق شروط محددة تتعلق بوقف الاعتداءات الإسرائيلية والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة.

وإذا تمت مقارنة هذه المداولات بمطالب رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، فإن المطالب التي يُفترض أنها شروط للتفاوض حول السلاح، ليست موضع خلاف مبدئي، بل هي القاسم المشترك بين رئاسة الدولة وقيادة الحزب، مما يطرح علامات استفهام إضافية حول خلفية التصعيد ضد رئيس الحكومة تحديداً.

في مواقع التواصل، رأى البعض أن ما جرى، يشير إلى وجود تباين داخل الحزب نفسه، بين من يقول إن مناقشة هذا الملف (ولو بشروط)، هو تطور طبيعي في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، وبين من يعتبر مجرد طرح هذا الملف علناً "خيانة لنهج الحزب، ولدماء قادته وشهدائه، ولمنطق المقاومة الإسلامية التي تشكّلت بعد الاجتياح الإسرائيلي في 1982". 

ويذهب تحليل ثالث إلى اعتبار هذه الحملة، "منظمة"، وهدفها "خلق حالة من الترهيب السياسي لمنع أي صوت رسمي أو سياسي من الاقتراب الجدي من ملف السلاح"، وذلك عبر رفع السقف في الهجوم على نواف سلام كمثال وعبرة. ووفق هذا المنطق، فإن المطلوب، حسب هؤلاء، هو إرسال رسالة ضمنية بأن النقاش في هذا الموضوع هو مسار تفجيري، وقد يؤدي إلى فتنة داخلية أو حتى حرب أهلية، مما يستدعي تجميده ووضعه في "البراد السياسي" حتى إشعار آخر. 

تتصارع التصورات الثلاثة ضمن بيئة الحزب نفسه، وما لبث أن حسمها الجناح السياسي في الحزب الذي يمثله الشيخ نعيم قاسم والنائب محمد رعد، وهو جناح يرى أن الصوت الأعلى والأكثر إلحاحاً هو الموجّه إلى الحزب نفسه: لماذا لا يُخاض هذا النقاش ضمن مؤسسات الدولة، طالما أن الحزب جزء من الحكومة الحالية، وبعض نوابه الذين تحدثوا في هذا الموضوع من المفترض أن يكونوا ناطقين باسمه، لا مجرد مغرّدين أو معلّقين إعلاميين!

تتشابك الأسباب والنقاشات في داخل الحزب نفسه، وتنعكس على مغرديه وجمهوره، وهو أمر يتكرر، مما يزيد الحاجة الى خطاب جديد، وأدبيات مختلفة، لحماية الصورة والدور وتعزيز التضامن الوطني في هذه المرحلة.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها