ووفقاً لنص القرار، يطلب من جميع رواد الشواطئ الالتزام بالآداب العامة ومراعاة الذوق العام والخصوصية للآخرين، وتجنب أي سلوك قد يعتبر "خادشاً للحياء ومنافياً للقيم العائلية"، دون توضيح محدد لطبيعة هذا السلوك، ما يترك مجالاً واسعاً للتأويل.
شروط صارمة للملابس في الشواطئ العامة
وتنص المادة الثانية من القرار على ضرورة التزام رواد الشواطئ والمسابح العامة من السياح والزوار بارتداء ملابس سباحة "تراعي الذوق العام ومشاعر مختلف فئات المجتمع، احتراماً للتنوع الثقافي والاجتماعي والديني في الجمهورية العربية السورية".
وتشمل الشروط الجديدة ارتداء ملابس أكثر حشمة مثل البوركيني أو ملابس سباحة تغطي الجسم بشكل أكبر بالنسبة للنساء، مع ضرورة ارتداء غطاء فضفاض للنساء فوق ملابس السباحة عند التنقل بين الشواطئ وأماكن أخرى. كما يتوجب على الرجال ارتداء قميص على الشاطئ عند عدم السباحة، ويمنع الظهور عاري الصدر في الأماكن العامة خارج مناطق السباحة مثل بهو الفندق وأماكن تقديم الطعام.
ويستثني القرار المنتجعات والفنادق المصنفة من المستوى الدولي والدرجة الثانية (4 نجوم) والشواطئ والمسابح والأندية الخاصة، حيث يسمح عموماً بملابس السباحة "الغربية"، مع الالتزام بالآداب العامة.
موجة انتقادات واسعة
فور انتشار القرار، اندلعت موجة عارمة من ردود الأفعل تراوحت بين الغضب والسخرية من قبل رواد وسائل التواصل الاجتماعي والشخصيات العامة والصحافيين.
وعلقت الكاتبة السورية يم مشهدي قائلة: "إذا كنت فقيراً فأنت ملزم بالتعاليم الإسلامية أما إذا كنت غنياً فممكن تكون أبو لهب عادي طبيعي... أه يا بلد فيها القانون بينقسم حسب الطبقة الاجتماعية!"، مضيفة إشارة إلى قضايا العدالة الاجتماعية الأوسع في البلاد حيث قالت: "بيندرج تحت هاد المفهوم كمان حوادث القتل بالساحل للناس الفقراء ويلي مالها علاقة، والغني بيناتهم ممكن يصير بلجان ويتعزز ويتكرم حتى لو كان جاني"، في إشارة إلى فادي صقر، المتهم بارتكاب مجازر حرب ومازال حراً طليقاً.
من جهتها، نشرت الإعلامية المستقلة آلاء عامر صورة تاريخية من شواطئ أميركا في ثلاثينيات القرن الماضي تُظهر شخصاً يقوم بقياس مدى قصر ملابس السباحة لدى النساء، معلقة: "هذه المظاهر المضحكة انتهت منذ عشرينيات القرن الماضي في العالم المتحضر الذي صار ينظر إلى العقول والأفكار بدل الأجساد... حتى بالسعودية كل يسبح/تسبح وفق ما يناسبه ومهمة الأمن حماية الحريات... تعليمات الأمن والسلامة الصادرة من وزارة السياحة بتأكد أننا على طريق سنغافورة بس بالعكس"، وأضافت عامر تحذيراً عملياً قائلة: "على فكرة الغلابيات واللباس الفضفاض خلال السباحة بتغرق، مالا علاقة لا بالأمن ولا بالسلامة ولا بالذوق العام وطبعاً طبعاً ولا بالسياحة!!! حلو عن سما الحرية!!"
ردود أفعال متباينة
وتداولت الصفحات المحلية الخبر مع تعليقات ساخرة، حيث كتبت إحدى الصفحات: "بعد ما شفنا قرار وزير السياحة حول آداب السباحة في البحر، صار فينا نقول بشكل واضح إنو الشواطئ السورية، في منها بلحمة، وفي منها بزيت... حسب أديش معك مصاري".
في المقابل، أعرب بعض رواد وسائل التواصل عن إعجابهم بالقرار، مستندين إلى كون سوريا دولة مسلمة وضرورة احترام ذلك، مستشهدين بالتجربة الفرنسية في منع البوركيني رغم التنوع الديني الموجود في فرنسا.
ويثير القرار إشكاليات جوهرية عديدة تستدعي التحليل، حيث يفتقر إلى تحديد واضح للسلوكيات المحظورة أو معايير "الذوق العام"، ما يترك مجالاً واسعاً للتأويل والتطبيق التعسفي من قبل المسؤولين عن الرقابة على الشواطئ. كما يكرس القرار نظاماً طبقياً واضحاً، حيث يتمتع القادرون مادياً بحرية أكبر في اختيار ملابسهم في المنتجعات الفاخرة، بينما تُفرض على غالبية السوريين في الشواطئ العامة قيود صارمة قد تتعارض مع عاداتهم المعتادة في السباحة. أي أن من هو مقتدر مادياً يمكنه أن يرتدي ما يشاء، أما من يذهب للشواطئ العامة، وهم غالبية السوريين، سيكونون مقيدين بملابس معينة، حتى وإن كانوا بالأصل معتادين على ارتداء ملابس سباحة تقليدية وليس البوركيني. كما أن القرار يعتبر تدخلاً في الحريات العامة، خصوصاً في بلد متنوع ثقافياً ودينياً مثل سوريا.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها