الخميس 2025/05/08

آخر تحديث: 15:55 (بيروت)

فايز قزق لـ"المدن": التلفزيون ينصف الفنانين أحياناً...والجَهلة باتوا كثيرين!

الخميس 2025/05/08
فايز قزق لـ"المدن": التلفزيون ينصف الفنانين أحياناً...والجَهلة باتوا كثيرين!
شخصية "إدريس" في مسلسل "الزند/ذئب العاصي"
increase حجم الخط decrease
بين التكريم في ليبيا بمناسبة توزيع الجوائز في نهاية الموسم الدرامي الرمضاني في التلفزيون الليبي الرسمي، وترؤسه لجنة تحكيم المسابقة الرسمية في "مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما"، يحصد الممثل السوري فايز قزق ثمار ما زرعه خلال 45 عاماً من عمله في الفن، مؤكداً أن "الشهية ما زالت كبيرة" وأن "هناك تحضيرات لأعمال جديدة من بينها تصوير ثلاثية في دمشق ومجموعة أعمال في دبي".

وقال قزق في حديث مع "المدن" حول الواقع الفني التجاري والأمنيات الفنية الشخصية: "المعادلة صعبة جداً بالنسبة لأي فنان سواء في التلفزيون أو المسرح أو السينما وحتى على مستوى الرواية والفنون التشكيلية والغناء. عندما يلتزم الإنسان بمجموعة من المبادئ تصعب عليه الخيارات وتضيق عليه المجالات ولا يستطيع أن يعيش بينما هو بحاجة إلى المال ومتابعة حياته كإنسان، وأعتقد أن الأمور ضيقة بالنسبة للفنان في المسرح والسينما لتقديم ما يمكن أن يقدم، خصوصاً أن وزارات الثقافة في الوطن العربي محدودة في وعيها لما يمكن أن يقدم لهذا الفنان الملتزم، ولذلك يكون التلفزيون هو المحطة الأقدر على تقديم ما يمكن أن يسهل عيشه، وجميعنا بتنا في الحاضنة التلفزيونية، وهي حاضنة إعلامية بالدرجة الأولى وفيها بعض الثقافة التي يمكن أن تقدم من حين إلى آخر".



ورغم أن المعادلات صعبة، رأى قزق أنه "هناك بعض الفرص التي يقدمها الإنتاج التلفزيوني عندما يبحث في مسائل ذات طابع حساس ومهم ولطيف، وتحقق هذا الأمر بالنسبة إلي في مسلسلات مثل كسر عظم وزند العاصي ومع وقف التنفيذ، وبعض المسلسلات التي قدمتها للناس خلال السنوات العشر الماضية. لكن ليس بإمكان التلفزيون دائماً تحقيق المعادلة التي تسمح لي بأن أتحدث عن المسائل ذات الطابع المهم لأسباب عديدة، من بينها طبيعة المنتج ومكانه، طبيعة القنوات التي تعرض، والمناخ العام المطلوب".

وأكمل قزق: "نحن في بورصة عرض وطلب وفي ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية تتغير وتتبدل بين لحظة وأخرى، لذلك ترتبط الأمور بالظرف العام والظرف الخاص للفنان ومدى قدرته على الانتقاء. وكل هذه الأمور وأمور أخرى تؤثر في إمكانية تحقيق الفنان المثقف والملتزم المعادلة المكتملة وعليه في بعض الأحيان أن يجاري الموجود أو ما يقدم له".

قزق الذي يحرص على تقديم الأدوار الصعبة والمركبة، لا تصله دائماً الأدوار التي تتساوى مع حجم موهبته ولذلك يجد نفسه مجبراً على تقديم تنازلات لا تمس جوهر مبادئه: "لا يستطيع الممثل أن ينتقي ما يريده إلا إذا كان هو منتج العمل أو له سطوة وسيطرة على المنتج، أو إذا كان هنالك مشروع فني بينهما. وعندها يمكنه أن يركب الأمور لمصلحته أكثر من بقية الممثلين".

وأكمل: "رغم أن العروض لا تكون دائماً على قدر الإمكانات التي يتمتع بها كل منا لكنني قدمت شخصيات مركبة واستطعت الوصول إلى حالات مهمة على مستوى فن التمثيل ووضعت بعضاً من قواعده في مسألة البحث وتقديم شخصيات مهمة من بينها عمر الخيام وشهرزاد وأبناء الرشيد وآخر أيام اليمامة، وبعض التاريخيات التي قدمت فيها جسدي المسرحي ضمن المسلسل التلفزيوني مثل الحجاج بشخصية عبد الملك بن مروان وهي أعمال فيها اللغة العربية الفصيحة، البحث الجسدي مهم، طبيعة الشخصية، مكانتها، أهميتها في التاريخ وأثرها في من حولها في ماضيها".

وأضاف قزق: "كل هذا يحتاج إلى دراسة وإلى الوصول إلى النبرة الصوتية واللياقة الجسدية والحساسية العالية للمشاعر والتركيبة الداخلية الروحية للشخصية وانعكاسها بالجسد بدءاً بالعين وطرفتها إلى الصوت وطبيعة نطق الكلمات لتذهب مباشرة إلى روح المشاهد من دون إعاقة سمعية أو خلل لغوي، والأمر نفسه ينسحب على الجسد بحيث يمضي في طريق ليونته، كثافته وثرائه العالي بوصفه منحوتة حية تقدم معنى أو لوحة أو فكرة ما للمشاهد أو أن تتسلسل الصور لتشكل في نهاية المطاف مخلوقاً حقيقياً أكثر منه مخلوقا مفبركاً ومستعجلاً عند تكوينه على خشبة المسرح أو أمام الكاميرا. هذه الأشياء تحتاج إلى عودة إلى قواعد فن التمثيل وهو فن وعلم في آن معاً".



ورأى قزق أنه من خلال الخبرة والتجربة يمكن أن يصبح الشخص ممثلاً بين مئات الممثلين التلفزيونيين لكن البحث عن أصول فن التمثيل وتقديم شخصيات مؤثرة تستطيع أن تدوم لفترة طويلة وتصبح قدوة بطريقة أو بأخرى يبقى أمراً مختلفاً ويحتاج إلى فهم قواعد فن التمثيل كعلم والبحث مع مخرج متمكن. واستدرك: "أصادف هذا النمط من المخرجين أحياناً وأفتقده في أحيان أخرى. هذا كله يرتبط بطبيعة الإنتاج، الشركة المنتجة وطبيعة المادة التي تقدمها، والهدف من المسلسل، الذي يلعب دوره في الوصول إلى النتائج النهائية لهذا المشروع أو ذاك".

وبين الفنان والنجم يصبح الحديث عن الفن طويلاً، ومن وجهة نظر قزق: "عندما نذكر الفن فنحن نتحدث عن قواعد وتراكمات، فن معين في التشكيل أو السينما أو المسرح أو الرواية، بينما الحديث عن الفن بالمعنى التلفزيوني يأخذ منعطفاً كبيراً نحو الإعلان والإعلام: إعلام عن فكرة وإعلان عن وجوه وأشخاص يتحولون إلى نجوم. التلفزيون يقدم نجوماً ولا يقدم فنانين بالمعنى المهم للكلمة الذي يمكن أن نراه في الفن السينمائي، لأنه لا يمكن التساهل أو العبث في محتوى الفيلم كما يحصل في التلفزيون حيث المسلسلات من 30 حلقة ولا يمكن أن تكون كل حلقة مهمة جداً وبأهمية فيلم سينمائي إذا اعتبرنا أن كل حلقة هي بمثابة فيلم سينمائي".

ويبدو قزق من أصحاب الرأي القائل بأن المال والشهرة هما من أهم الأسباب التي تجعل كثيرين يتجهون للعمل في التمثيل، وقال: "نعم ربما ينصف المسلسل هذا النجم أو تلك النجمة من خلال ما يؤمن لهما من مورد مادي كبير أو شهرة هائلة. أما الفنون في المسرح والسينما والآداب والرواية وتنوع أجناس الفنون وآدابها، فليس فيها إنصاف، خصوصاً في هذا الزمن الذي باتت فيه أعداد الأمّيين هائلة جداً، وأعداد الجهَلة بمعنى الفن هائلة أيضاً".

وأكمل: "ربما يتحسس المجتمع أهمية هذا الفيلم السينمائي أو هذه المسرحية أو هذه اللوحة التشكيلية أو هذه الرقصة أو هذه الأغنية أو هذه القصيدة، لكن الإنتاج التلفزيوني الإعلامي المرتبط بعشرات المسلسلات في كل موسم رمضاني يجعل من الصعب على فناني الفنون والآداب أن يكونوا في وضع منصف ضمن مجتمعاتهم بينما، يكفي أن يظهر الشخص في حلقتين تلفزيونيتين ضمن مسلسل ما، ليكون في الشارع نجماً في اليوم التالي، يتم التعامل معه كإنسان مهم لأنه بات شهيراً ولديه إمكانات مادية ضخمة ويختلف عن الآخرين من أبناء مجتمعه ويمكن أن يصدق كل رأي يقوله أو يدلي به في شأن من شؤون المجتمع أو الحياة، وهذه مشكلة كبيرة بالنسبة إلي لأن ليس كل مشهور من مشاهير التلفزيون يمكن أن يتحدث في أمور مهمة وخطيرة على المستوى الجتماعي والسياسي والاقتصادي والأخلاقي".


increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها