مع أن الكتاب الذي وجهه 34 موظفاً في قناة "الجديد" للإدارة، يحمل إشارات مخاوف أمنية، إلا أن خلفيات الكتاب تتخطى هذا البُعد، وتشير الى "إحتجاج" ورفض للتقرير الذي بثته القناة، الجمعة، عن ضريح الأمين العام الراحل لـ"حزب الله" حسن نصرالله، وأشعل حملة ضدها شنه جمهور الحزب.
والاحتقان الذي انفجر إثر التقرير، في مواقع التواصل الاجتماعي، رفع منسوب الخوف لدى العاملين من التعرض لهم خلال تغطيتهم للإنتخابات البلدية في مناطق نفوذ الحزب.. فوقّع 34 موظفاً، بينهم مراسلون ومصورون ومقدمة برامج، كتاباً وجّهوه الى الإدارة، طالبوها فيه بـ"التحرك في أسرع وقت ممكن لحل هذه المسائل لضمان سلامة كل العاملين فيها، وليبقى جو (تلفزيون) الجديد عائلياً بالفعل لا بالقول".
وأكدوا أنهم لا يتدخلون في سياسة القناة وتوجهاتها، ولا يتخطوها في عملهم، "إلا أن سلامتنا باتت في خطر نتيجة بعض الأداء وتبني المحطة توجهات لإحداث فتنة في البلد، وهذا ما لم نعتد عليه في مؤسستنا الوطنية". وإذ أشاروا الى أن التهديدات "تنسحب على عائلاتنا وأهالينا"، قالوا إن ضمان السلامة "هو عمل إداري استباقي وليس ملحوقاً عليه".
ويحمل الكتاب بذور إحتجاج على سياسة المحطة، عبر إتهامها بـ"توجهات لإحداث فتنة"، رغم تغليف الكتاب بالمخاوف من التهديدات التي يُنظر إليها بوصفها "مخرجاً" لتمويه الاحتجاج.. فهذه اللغة الواردة في البيان، تخرج للمرة الأولى الى العلن، وظهرت بشكل جماعي، لا فردي، وأُريد لها أن تصبح قضية رأي عام، بعد تسريب الكتاب بأسماء الموقعين عليه الى مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "واتسآب" الاخبارية. ذلك أن الاحتقان الناتج عن التقرير، يتجاوز القدرات على إحتوائه، من جهة. ومن جهة أخرى، يخالف توجهات بعض الموظفين في القناة، وبينهم من نشر تغريدة تتضمن صورة لضريح نصرالله، بعد التقرير المُذاع على شاشتها، علماً أن القناة أوضحت إن التقرير ليس من إنتاجها ولا تتبناه، لكن ذلك لم يطفئ جذوة القلق والغضب.
والتقرير الذي بُثّ الجمعة ضمن بنامج حواري تقدمه المذيعة جوزفين ديب، لم تنتجه قناة "الجديد". وصل التقرير جاهزاً الى المحطة لبثه، ويتضمن مزاعم بأن قبر نصر الله شُيّد بعشرات ملايين الدولارات، بتمويل إيراني. ويعرض العقارات التي تم شراؤها في وقت سابق، وهوية مالكيها الجدد، وأسماء المالكين القدامى، وأن هذه الأموال لم تدخل عبر القنوات المصرفية، بل تم توفيرها عبر أموال إيرانية غير شفافة، وحقائب مليئة بالدولارات المهربة.
ووفقًا للقناة، فإن كلفة شراء الأرض للمشروع تبلغ 50 مليون دولار، بينما تُقدَّر كلفة البناء بنحو 50 مليون دولار أيضًا. وأشارت إلى أن عمليات البيع والشراء والنقل لم تتم بشكل قانوني، ولم تكن وزارة المالية اللبنانية على علم بها، إذ حصل المشتري والبائع على التصريح فقط عبر بلدية برج البراجنة الخاضعة لنفوذ حزب الله.
ولفت جزء آخر من التقرير إياه، أن موقع ضريح نصر الله، قريب جدًا من مطار رفيق الحريري، مشيراً إلى مخاوف المنتقدين من أن يتحول هذا الضريح إلى موقع أمني في منطقة حساسة.
وأثار التقرير احتقاناً لدى جمهور الحزب ضد القناة، فنشطت حملة تحريض ضدها، على خلفية التقرير، ورأى بعض أنصار الحزب إن القناة تروج لدعاية إسرائيلية، وتحرض السكان على الحزب، خصوصاً أن معد التقرير قال فيه إن الحزب خصص الملايين للضريح، بينما أبقى جمهوره ممن هُدِمَت منازلهم بلا مأوى ولا تعويضات.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها