في أول مقابلة له بعد تسلمه الإدارة العامة لـ"تلفزيون سوريا" خلفاً لحمزة المصطفى الذي تولى حقيبة الإعلام في الحكومة السورية الجديدة، تعهد علي حميدي بحفاظ التلفزيون على موقفه الداعم لتطلعات السوريين، مشدداً على إيمان القناة بـ"إمكانات التغيير الإيجابي نحو غد أفضل".
وفي مقابلة خاصة مع "المدن" أشار حميدي، إلى تغير ظروف عمل "تلفزيون سوريا" بعد سقوط النظام البائد، مبيناً أن "التحول الجغرافي (التغطية من الداخل السوري) رافقه تحول سياسي كبير تمثل بإسقاط النظام وولادة الإدارة السورية الجديدة".
وفي ما يخص قراءاته لمستقبل الإعلام السوري بعد تولي حمزة مصطفى وزارة الإعلام، أشاد حميدي بالوزير، معرباً عن أمله أن يشهد الإعلام السوري مع الوزير الجديد، تطوراً حقيقياً، وانفتاحاً أوسع، وارتفاعاً في سقف الحريات، بما يليق بسوريا الجديدة.
ومنذ انطلاقته كان "تلفزيون سوريا" داعماً للثورة السورية والحريات السياسية والاجتماعية ومناهضاً للاستبداد. وأوضح حميدي أن التلفزيون "ولد حاملاً قيم الثورة، ومُكرساً لمبادئ الدولة المدنية والمواطنة. ومنذ تأسيسه، وقف إلى جانب تطلعات السوريين للحرية والكرامة، وهو مستمر اليوم على هذا النهج في سوريا الجديدة".
وأكمل حميدي: "مع السوريين الذين حرروا أنفسهم من النظام المخلوع، وبدأوا مسار بناء وطنهم، يواصل التلفزيون إيمانه بإمكانات التغيير الإيجابي نحو غدٍ أفضل، ويسعى لإبراز الشخصية السورية الخلاقة التي أسقطت الاستبداد، وتمتلك القدرة على بناء وطن حر وحديث يليق بالتضحيات".
والحال أن الوضع السياسي اليوم بعد سقوط النظام البائد يختلف عما كان عليه عند افتتاح "تلفزيون سوريا" العام 2018، ويقول حميدي أن "ظروف العمل والتغطية تغيرت بشكل جذري. فبعدما كنا نغطي من الخارج، وفي مناطق جغرافية محدودة، أصبحنا اليوم نعمل من داخل سوريا، ومن معظم مدنها".
ويكمل: "هذا التحول على الصعيد الجغرافي رافقه تحول سياسي كبير تمثل بإسقاط النظام وولادة الإدارة السورية الجديدة وهذا يضع على عاتقنا مسؤولية مضاعفة، في مرحلة دقيقة تتطلب الكثير من الجهد والمهنية، والموضوعية، كي نكون مصدراً موثوقاً ومنبراً لكل سوري ومهتم بالشأن السوري، في نقل الأخبار، وإدارة الحوار، وطرح النقاشات البناءة. بالإضافة إلى إطلاق تلفزيون الثانية الذي يبث محتوى نوعياً، درامياً وبرامجياً مميزاً".
وفي وقت سابق، أعلن التلفزيون الذي ما زال يبث من تركيا، خططاً مستقبلية للانتقال إلى الداخل السوري. وهنا يقول حميدي أن ذلك يبقى هدفاً يعمل عليه التلفزيون، موضحاً أن "التلفزيون اليوم أصبح حاضراً بشكل أوسع على الأرض فعلياً من خلال شبكة واسعة من المراسلين، والمكاتب، والأستوديو في دمشق. أما الانتقال الكامل، كمؤسسة إعلامية متكاملة، فسيتم تدريجياً، بالتوازي مع استكمال البنية التحتية التقنية، وتوفير متطلبات العمل في الداخل".
وأطلق التلفزيون العام الجاري قناة جديدة تحمل اسم "الثانية". ويقول مدير "الثانية"، عمر الفاروق من جانبه أنها "حققت انطلاقة قوية وتفاعلاً جماهيرياً لافتاً منذ إطلاقها في الأول من رمضان هذا العام، حيث حظيت بترحيب واسع من الجمهور السوري خلال الأسابيع الأولى للبث، فيما تجاوز الأداء الرقمي للقناة التوقعات، مسجلاً أكثر من 1.6 مليون زيارة للموقع الإلكتروني الجديد، فيما بلغ إجمالي مشاهدات الفيديوهات عبر المنصات الرسمية من 1 إلى 18 آذار/مارس، نحو 364 مليون مشاهدة، إلى جانب أكثر من 10 ملايين تفاعل. كما شهدت قناة يوتيوب نمواً ملحوظاً، حيث تضاعفت المشاهدات بما يقارب أربع مرات خلال الفترة نفسها".
وأكمل الفاروق أنه "رغم النجاح الرقمي والتفاعل الجماهيري، نؤمن أن التقييم الحقيقي مرهون بقدرتنا على الاستمرار في تقديم محتوى نوعي، درامي وبرامجي، يحمل أثراً اجتماعياً وثقافياً. رؤيتنا تقوم على تقديم محتوى يحترم الذوق العام، ويعكس التنوع الثقافي والاجتماعي السوري، مع الالتزام بمعالجة المواضيع من منظور يعزز الانتماء والذاكرة الجمعية، لا من باب الترفيه فقط".
واليوم يتحمل "تلفزيون سوريا" مهمة ثقيلة في ظل غياب الإعلام الرسمي الحكومي وتأخر انطلاقة وسائل الإعلام الرسمية بعد سقوط نظام الأسد أواخر العام الماضي. وقال حميدي في هذا السياق: "نحرص على أن تكون أخبار سوريا والسوريين حاضرة دائماً، وأن نتيح لجمهورنا فرصة متابعة الأحداث والحوارات والأنشطة بشكل يومي. نلتزم في ذلك بالاستقلالية المهنية، وبأن نبقى مساحة جامعة، ومنبراً وطنياً حراً ومستقلاً لا ينحاز إلا للحق والحقيقة".
وعن آفاق الإعلام السوري بعد تعيين المدير السابق لـ"تلفزيون سوريا" حمزة المصطفى وزيراً للإعلام، يقول حميدي: "الدكتور حمزة شخصية أكاديمية ومهنية متميزة، يمتلك رؤية متقدمة لإعلام وطني حر ومسؤول. لدينا أمل كبير أن يشهد الإعلام السوري معه تطوراً حقيقياً وانفتاحاً أوسع وارتفاعاً في سقف الحريات، بما يليق بسوريا الجديدة".
وعن المرحلة الجديدة للتلفزيون قال حميدي: "نعد جمهورنا بأن نظل صوتهم ومنبرهم. تلفزيون سوريا والسوريين، سنكون قريبين من همومهم وتطلعاتهم، وسنعمل معهم ومن أجلهم لبناء سوريا تليق بتضحياتهم. نؤمن أن الإعلام الحقيقي لا يُبنى إلا بالشراكة مع الناس، وباحترام احتياجاتهم وتنوعهم، وتمكينهم من الوصول إلى المعلومة الدقيقة والتحليل المسؤول. سنبقى منصة للحوار الحر وجسراً للتواصل بين السوريين في كل مكان".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها