السبت 2025/04/05

آخر تحديث: 01:37 (بيروت)

إقصاء محجبة "تلفزيون لبنان": تجميد القوانين عند الحاجة...والصليب مسموح؟

السبت 2025/04/05
إقصاء محجبة "تلفزيون لبنان": تجميد القوانين عند الحاجة...والصليب مسموح؟
زينب ياسين تقدمت باستقالتها احتجاجاً (مواقع تواصل)
increase حجم الخط decrease
كان يمكن لاستقالة المراسلة في "تلفزيون لبنان" زينب ياسين من التلفزيون، على خلفية منعها من الظهور بالحجاب على الشاشة، أن تمر مرور الكرام، لولا أن مساعد المدير العام ندى صليبا التي بررت الإجراء، كانت قد ظهرت على الشاشة في وقت سابق بصليب في عنقها.. 
وكان يمكن للاستقالة أن تمر من دون ضوضاء، لولا أن توقيت منعها، جاء بعد عام من تغطيتها للاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب، حيث كانت تغطي "باللحم الحي" حين تعذر وجود مراسلين للمحطة الرسمية، في ظل الأزمة المالية التي تعانيها القناة. 

ومع أن حادثة منع ياسين من الظهور على الهواء، ليست الحالة الأولى بسبب أنظمة التلفزيون الذي "يمنع إظهار الرموز الدينية على الشاشة الوطنية"، حسبما تقول مصادره، وتشير في الوقت نفسه الى حادثة إستبعاد المذيعة ندى الحوت عن الشاشة حين ارتدت الحجاب، إلا أن قضية ياسين ترتبط ببعديَن آخرين، هما البيان الصادر عن صليبا، وتوقيت اتخاذ القرار، مما دفع بلبنانيين الى اتهام الشاشة الوطنية، بأنها "تمارس الانتقائية الطائفية"، من جهة، و"تتجاهل القانون والنظام عند حاجتها، وعندما تنتفي الحاجة، تطبق القانون".


رسالة ياسين لمرقص
وفي التفاصيل، نشرت ياسين، رسالة كانت قد توجهت بها في 13 آذار/مارس الفائت لوزير الإعلام بول مرقص، تقدمت بها باستقالتها، قالت فيها إنها شاركت في تغطية العدوان الإسرائيلي على البلاد خلال أيلول الماضي، وكانت "أول فتاة محجبة تظهر في شاشة الوطن الرسمية". وأوضحت ياسين أن هذه الخطوة "لاقت تشجيعًا واستحسانًا من جميع اللبنانيين ومن مختلف المناطق". 

وأضافت ياسين في رسالتها لمرقص: "لكن بعد التفكير مليًا في كل الأحداث التي حصلت وتحصل مؤخرًا في التلفزيون، أتقدم بخالص محبتي وامتناني لكم، وبتقديم استقالتي من العمل في تلفزيون لبنان". 

وقالت ياسين: "ربما الحجاب الذي أرتديه يسبب الإزعاج لبعض الشركاء في الوطن"، واتهمت المؤسسة بـ"ازدواجية المعايير"، وختمت بالقول: "أتقدم باستقالتي من هذه المؤسسة الوطنية، التي تبين أنها وطنية مجتزءة، وهي وطنية لمن لا يرتدين الحجاب فقط"، على حد تعبيرها.

وبعدما احتل البيان مساحة واسعة في النقاش بين اللبنانيين في مواقع التواصل، كتبت ياسين في حسابها الخاص في منصة إكس:" من حينها حتى الآن، معالي الوزير لا يملك وقتًا لإعطائي موعدًا كي يسمعني وأضعه في حيثيات الموضوع، وفضل التعامل بلا مبالاة، للأسف، شاشة الوطن، ليست لكل المواطنين". 

جدل حقوقي
وأثار البيان جدلاً واسعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، وصلت تردداته الى لجنة "الاعلام والاتصالات النيابية" واللجان الحقوقية لحماية الصحافيين.


ودان "اللقاء الوطني للعاملين في القطاع العام" في لبنان في بيان ما اعتبره "محاولات ترسيخ التمييز والعنصرية في الوظيفة العامة التي تمثّلت في منع الإعلامية زينب ياسين من الظهور على شاشة تلفزيون لبنان بسبب ارتدائها الحجاب، مما دفعها إلى تقديم استقالتها احتجاجًا على هذا القرار الجائر". 

ورأى اللقاء أن ذلك "يشكل انتهاكًا صارخًا للدستور الذي يكفل المساواة بين المواطنين، كما يُناقض صيغة العيش المشترك التي قام عليها لبنان وتجاوزًا خطيرًا للحقوق والحريات الأساسية، ويهدد بتكريس نهج تمييزي في المؤسسات الرسمية". 

رد "تلفزيون لبنان"
وسرعان ما ردّ "تلفزيون لبنان" على الاتهامات قائلاً إنه "لا يعتمد تاريخيًا وعُرفًا أي إشارات أو شعائر أو رموزًا دينية لإبرازها على الشاشة من أي نوع كانت، مع احترامه الكامل والتام للأديان السماوية، وهو ينقل على شاشته جميع المناسبات الدينية على اختلافها". 

ولفت البيان الذي صدر عن مساعدة مدير التلفزيون ندى صليبا إلى إن "جميع مجالس الإدارة السابقة التزمت بهذا التوجه، إذ لم يُسمح للمذيعات من الطوائف المسيحية والإسلامية ارتداء أو وضع أي رمز ديني خلال الظهور على الشاشة. كما يتم الاستماع دائمًا إلى كل موظف أراد الظهور على الشاشة برمز ديني من دون استثناء على الإطلاق". 

وأشارت صليبا الى أن الصحافية ياسين "ليست مراسلة في قسم الأخبار وهي تعمل في قسم السوشيال ميديا وتحديدًا في الشريط الإخباري، وقد استُعين بها كمراسلة في فترة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وهي تضغط اليوم بالاستقالة حتى يُسمح لها بالظهور على الشاشة. وهذا الأمر ليس وليد الساعة، بل أُثير في عهد سابق وحُسم بعدم تعديل هذا التوجه". 

وشددت المدير المساعد في الشاشة الرسمية على أن "أي تغيير في هذه المعايير المعتمدة منذ عقود طويلة، والتي تعود إلى تاريخ انطلاقة هذا التلفزيون، هو من صلاحيات مجلس الإدارة حصرًا، والذي يعمل وزير الإعلام بول مرقص على تشكيله". 


ندى صليبا
واثار بيان صليبا جدلاً مقابلاً، فقد انتشرت لها ثلاث صور وهي تضع في عنقها الصليب، أثناء ظهورها فيى الشاشة، مما دفع بالأسئلة عما إذا كانت الشاشة الوطنية "تعترف بأديان سماوية ولا تعترف بأخرى"، وما إذا كان "مرحباً بالرموز الدينية اذا كانت مسيحية فقط"، فيما ذهب آخرون الى اعتبار أن الحجاب "ليس رمزاً دينياً، بل فريضة، يجب ألا تكون عائقاً أمام عمل المرأة وتمكينها"، في وقت ذهب آخرون الى السخرية والقول إن الشاشة "علمانية تشبه علمانية فرنسا!"
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها