والوثائقي الممتد 25 دقيقة، يدمج بين المقابلات المباشرة مع أصدقاء حمادة المقربين، الذين تحدثوا عن تفاصيل حياته الشخصية وتحولاته النفسية، وبين مَشاهد تمثيلية مصورة بأسلوب الرسوم المتحركة، تصور طرق التعذيب القاسية التي تعرض لها في المعتقلات السورية.
واستعرضت الحلقة شهادات من اصدقاء حمادة تحدثوا عن نشأته في مدينة دير الزور شرقي سوريا، في كنف عائلة يسارية معارضة، حيث عمل في قطاع النفط قبل أن ينخرط في الحراك الثوري العام 2011. عرف عنه التزامه السياسي واندفاعه في المشاركة في التظاهرات والنشاطات الثورية منذ بدايتها.
وتعرض حمادة للاعتقال ثلاث مرات، كان أطولها العام 2012، حين أمضى قرابة عام ونصف العام في سجون النظام السوري، حيث تعرض لتعذيب ممنهج شمل الضرب والاغتصاب وكسر الأضلاع، وفق شهادته المصورة قبل اختفائه. وقال أحد أصدقائه: "كان مازن طفلاً قبل الاعتقال، وتحول بعده إلى إنسان آخر"، و أضاف عن تعرض الحمادة للاغتصاب في المعتقل.
وأكد حمادة في شهاداته أنه تعرض لأنواع مختلفة من التعذيب منها "الشبح والخازوق والتعذيب عن طريق استهداف الأعضاء التناسلية، واستخدام الزيت الحار والماء المغلي، وإطفاء السجائر في أجساد المعتقلين". كما برز حمادة كناشط سياسي حين نشر مقاطع فيديو قال فيها أنه التقى مسؤولين غربيين لدراسة قضايا تتعلق بالثورة السورية، فيما أغلق حساباته في مواقع التواصل قبل عودته إلى سوريا.
بعد خروجه من المعتقل، وجد حمادة مدينته تحولت إلى أنقاض، فقرر الهرب إلى أوروبا مروراً بتركيا واليونان ليستقر في هولندا. هناك، كرس حياته للدفاع عن المعتقلين السوريين وشارك في التظاهرات في دول عديدة. ورغم نشاطه المكثف، أصيب حمادة بخيبة أمل جراء ما اعتبره تخلياً من المجتمع الدولي عن القضية السورية، خصوصاً بعد تقارير مثل صور "قيصر" وتقرير منظمة العفو الدولية "أمنستي" عن سجن صيدنايا. وفشلت محاولات علاجه من الصدمة النفسية، وبدأ يعاني العزلة والانهيار، ورفض الاستمرار في العلاج.
ثم بدأ حمادة يفكر بالعودة إلى سوريا، في خطوة أثارت صدمة لدى أصدقائه. أشارت الشهادات في البرنامج إلى دور السفارة السورية في برلين بتسهيل عودته، من خلال منحه جواز سفر مرتين من دون مقابل. ورجحت الشهادات أن الاستخبارات السورية استغلت ضعفه النفسي لإقناعه بالعودة تحت مسمى "المصالحة الوطنية".
في 2 شباط/فبراير 2020، شوهد حمادة آخر مرة في مطار برلين متوجهاً إلى بيروت، قبل أن يختفي أثره تماماً. لاحقاً، أفاد أحد المعتقلين السابقين أنه التقى به داخل سجن المزة العسكري في دمشق، حيث تعرض لتعذيب قاسٍ وضغوط لإجباره على الظهور في الإعلام الرسمي لنفي شهاداته السابقة، وهو ما رفضه.
وتم العثور على جثة حمادة من بين عشرات الجثث التي وجدت في مستشفى حرستا العسكري بريف دمشق، في كانون الأول/ديسمبر الماضي، ويعتقد أنها تعود لمعتقلين من سجن صيدنايا وبعضهم كانوا منشقين ومعارضين لنظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، وبعضهم قتل حديثاً. ووضعت على الجثث أشرطة لاصقة كتبت عليها رموز وأرقام وتواريخ من دون أسماء، وتعود لسجناء قضوا في سجن صيدنايا وتعرضوا للتعذيب حتى الموت. وكانت بعض الجثث سوداء اللون، بسبب سوء الحفظ، ولا يوجد من يقوم بحفظها بسبب انقطاع الكهرباء.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها