أدلى الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربرغ بإفادته أمام المحكمة، الإثنين، في محاكمة تاريخية لمكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة حيث يواجه عملاق وسائل التواصل الاجتماعي اتهامات بإساءة استخدام قوته السوقية للاستحواذ على تطبيقي "انستغرام" و"واتساب" قبل أن يتحولا إلى منافسين.
وبددت المحاكمة آمال زوكربرغ في أن توقف الحكومة تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار ضد شركات التكنولوجيا الكبرى مع عودة دونالد ترامب إلى السلطة، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".
وتولت لجنة التجارة الفيدرالية "إف تي سي"، وهي وكالة حماية المستهلك في الولايات المتحدة، رفع القضية التي قد تؤدي إلى إجبار مالك "فايسبوك" على التخلص من "انستغرام" و"واتساب" اللذين تحولا إلى قوتين عالميتين منذ شرائهما.
وفي الشكوى التي قدمت قبل خمس سنوات إبان ولاية ترامب الرئاسية الأولى، تتهم السلطات الأميركية المجموعة التي تتخذ في كاليفورنيا مقراً لها، بشراء التطبيقين لسحب البساط من تحت أقدام منافسين محتملين. وكثف زوكربرغ، وهو ثالث أثرى أثرياء العالم، المبادرات لكسب ود ترامب منذ فوزه بولاية رئاسية ثانية في تشرين الثاني/نوفمبر. وعين مؤسس موقع "فايسبوك" حلفاء للجمهوريين في مناصب بارزة في "ميتا" وبادر إلى تليين قواعد ضبط المحتوى وقدم مساهمات مالية.
وتردد زوكربرغ في الفترة الأخيرة إلى البيت الأبيض في مسعى لإقناع الإدارة بالتوصل إلى تسوية بالتراضي. وقال أندرو فيرغسون رئيس وكالة حماية المستهلكين "اف تي سي" المعين من الرئيس الجمهوري في تصريحات لموقع "ذي فيرج" المتخصص في الشأن التفني "سيفاجئني جداً حدوث أمر كهذا".
وقال محامي "لجنة التجارة الفدرالية" دانيال ماثيسون في مرافعته الافتتاحية أمام المحكمة: "قرروا أن المنافسة صعبة جداً وسيكون من الأسهل شراء منافسيهم بدلاً من التنافس معهم". ورد محامي "ميتا" مارك هانسن بأن "عمليات الاستحواذ بهدف تحسين وتنمية شركة" ليست أمراً غير قانوني في الولايات المتحدة، وهذا ما فعلته شركة "ميتا"، التي كانت تعرف آنذاك باسم "فايسبوك".
وأدار المحاكمة القاضي جايمس بوازبيرغ الذي يرأس أيضاً قضية بارزة تتعلق بترحيل البيت الأبيض مهاجرين فنزويليين باستخدام قانون غامض يعود إلى زمن الحرب، على أساس أنهم ينتمون إلى عصابات خطيرة.
وتسعى الوكالة إلى إثبات أن "ميتا" التي كانت حينذاك "فايسبوك" استغلت موقعها المهيمن لشراء "إنستغرام" العام 2012 مقابل مليار دولار و"واتساب" العام 2014 مقابل 19 ملياراً. وترتكز القضية على تعريف ماهية السوق.
وبالنسبة إلى "وكالة حماية المستهلكين" "استمرت ميتا لأكثر من عقد في الولايات المتحدة في احتكار خدمات التواصل الاجتماعي الشخصية" التي تسمح بالبقاء على اتصال بالعائلة والأصدقاء. أما "ميتا" التي مقرها في "وادي السيلكون" فتدحض هذا الطرح وتؤكد أن "اختلاف هذه الخدمات ببعض نواحيها، عن تطبيقات ميتا كاف ليثبت أن أكبر المنافسين يبتكرون أدوات وخاصيات لكسب اهتمام المستخدمين".
وستسعى الوكالة خلال المحاكمة الممتدة على ثمانية أسابيع إلى أن تثبت أن احتكار "ميتا" انعكس تدهوراً في الخدمات التي اضطر مستخدموها لتحمل الكثير من الإعلانات والتغييرات شديدة الوطأة. وتنوي الوكالة أيضاً استعراض سلسلة من الرسائل الإلكترونية لزوكربرغ لدعم حججها.
وكان مؤسس "فايسبوك" كتب قبل شراء "إنستغرام" أن "الأثر المحتمل لإنستغرام مهول بالفعل، لذلك علينا أن ننظر في احتمال دفع أموال كثيرة". وباتت خدمة تشارك الصور والتسجيلات المصورة اليوم، تضم ملياري مستخدم.
وينوي وكلاء الدفاع عن "ميتا" التركيز على الاستثمارات الطائلة التي حولت التطبيقين الناشئين إلى شركات ضخمة، مع الإشارة إلى أن هيئة "اف تي سي" وافقت على صفقتي الشراء وينبغي ألا يسمح لها بالعودة عن قرارها.
ومحاكمة "ميتا" هي واحدة من خمس دعاوى كبيرة لمكافحة الاحتكار أطلقتها الإدارة الأميركية في ميدان التكنولوجيا. وفي آب/أغسطس الماضي، أدينت "غوغل" باستغلال وضعها المهيمن في عمليات البحث عبر الإنترنت، في حين تخضع "آبل" و"أمازون" لملاحقات بدورهما.
لكن "وكالة حماية المستهلكين" تكبدت عدة انتكاسات أمام المحاكم. وفشلت في منع شراء "ويذين" من قبل "ميتا" و"أكتيفيجن بليزارد" من قبل "مايكروسوفت". وسبق للقاضي بوازبيرغ المكلف بهذه الدعوى أن حذر الهيئة الفيدرالية من "أسئلة صعبة حول متانة هذه الحجج أمام المحكمة".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها