الثلاثاء 2025/04/15

آخر تحديث: 16:56 (بيروت)

"أمنستي" وهيومن رايتس ووتش" تشجبان استهداف "درج" وميغافون"

الثلاثاء 2025/04/15
"أمنستي" وهيومن رايتس ووتش" تشجبان استهداف "درج" وميغافون"
increase حجم الخط decrease
قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن الصحافيين والمؤسسات الإعلامية ومنظمات مجتمع المدني في لبنان يواجهون الاستخدام المتكرر لتهم القدح والذم الجزائية، وغيرها من النصوص القانونية الغامضة رداً على عملهم الذي يزعم وجود فساد وتجاوزات مالية في البلاد.

وفي 10 نيسان/أبريل الجاري، استدعت النيابة العامة اللبنانية صحافيين من المؤسستين الإعلاميتين المحليتين "درج" و"ميغافون"، والمديرة التنفيذية لمنظمة "كلنا إرادة" العاملة على قضايا الحوكمة، للاستجواب في 15 نيسان/أبريل. وكانت الأجهزة الأمنية استدعت صحافيي "درج" أيضاً في آذار/مارس الماضي للاستجواب.

وعلق نائب مديرة الشرق الأوسط في "هيومن رايتس ووتش" آدم كوغل: "التحولات السياسية الأخيرة في لبنان لم تمنع السلطات من التضييق على المؤسسات الإعلامية ومنظمات المجتمع المدني المستقلة التي تحقق في مزاعم سوء الإدارة المالية والفساد وتنشر التقارير عنها. ها نحن نشهد مجدداً تسخير قوانين القدح والذم الجزائية ونصوص قانونية أخرى مشكوك فيها لخنق محاولات تسليط الضوء على سنوات من التجاوزات المالية".

وأكملت المنظمة بأنه يجب على الرئيس والحكومة الجديدين في لبنان، بما يشمل وزير الإعلام، بالإضافة إلى المجلس النيابي الحالي أن يتعهدوا علناً بحماية الحق في حرية التعبير، علماً أنه منذ آذار/مارس الماضي، قام "مكتب مكافحة الجرائم المعلوماتية وحماية الملكية الفكرية" اللبناني، وهو وحدة ضمن "قوى الأمن الداخلي" مهمتها محاربة الجرائم المعلوماتية وتعزيز الأمن السيبراني، مرتين باستدعاء رئيس تحرير "درج" على خلفية دعاوى قضائية متعلقة بالتحقيقات التي يجريها الموقع الإعلامي.

وأفاد محامي درج لـ"هيومن رايتس ووتش" بأن الوثائق التي اطلع عليها والمتعلقة بالدعاوى قدمها رئيس مجلس إدارة مصرف "سوسيتيه جنرال" في لبنان أنطون صحناوي. وتتهم الدعاوى "درج" بـ"القدح والذم" واتهامات غامضة أخرى، رفعت في أعقاب نشر المؤسسة تقارير عن تجاوزات مالية مزعومة نسبت إلى "سوسيتيه جنرال" والقطاع المصرفي اللبناني بشكل عام.

وذكرت تقارير إعلامية ومحامي "درج" أن صحناوي قدم إخبار قدح وذم ضد رئيس التحرير حازم الأمين والصحافية جنى بركات في آذار/مارس 2024 رداً على تقرير استقصائي صدر العام 2023 حول تجاوزات مالية مزعومة من قبل "سوسيتيه جنرال" وصحناوي في السنوات التي سبقت الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان العام 2019 وما بعدها.

وأوضح المحامي أن صحناوي رفع دعوى ثانية ضد الأمين في 10 آذار/مارس 2025 على خلفية تقرير مصور يعلق على دعوى صحناوي الأولى واستدعاء الأمين من قبل مكتب جرائم المعلوماتية. ووجهت "هيومن رايتس ووتش" رسالة إلى صحناوي في 4 نيسان/أبريل تبين فيها النتائج التي توصلت إليها وتطرح أسئلة، لكن لم تتلق أي رد.

واتهمت دعوى ثالثة رفعها ثلاثة محامين في آذار/مارس "درج" و"ميغافون" بـ"النيل من مكانة الدولة المالية"، و"زعزعة الثقة بمتانة النقد الوطني"، و"الحض على سحب الأموال من المصارف وبيع سندات الدولة"، و"إثارة الفتنة"، و"النيل من هيبة الدولة والاشتراك في المؤامرة عليها"، و"إضعاف الشعور القومي"، و"الحصول على أموال خارجية مشبوهة وتمويل حملات إعلامية بهدف ضرب الثقة بلبنان واقتصاده". وبتاريخ 26 آذار/مارس، أحال النائب العام التمييزي اللبناني الشكوى إلى النيابة العامة الاستئنافية.

وفي 11 آذار/مارس، رفعت مجموعة منفصلة من المحامين دعوى ضد منظمة "كلنا إرادة"، بتهمة نقل أنباء "كاذبة أو مبالغ فيها" "من شأنها أن توهن نفسية الأمة"، و"تنال من هيبة الدولة أو مكانتها المالية"، و"لإحداث التدني في أوراق النقد الوطنية وسنداتها وجميع الأسناد ذات العلاقة بالثقة المالية العامة". وفي 25 آذار/مارس، أفادت محطة تلفزيونية لبنانية أن النائب العام اللبناني أحال الشكوى أيضاً إلى النيابة العامة الاستئنافية.

ووثقت "هيومن رايتس ووتش" في السابق استخدام السلطات اللبنانية المتزايد لقوانين القدح والذم والتحقير لإسكات الصحافيين والناشطين وغيرهم ممن ينتقدون سياسات الحكومة والفساد. وقالت المنظمة أنه رغم أن القضاء يرفض هذه الدعاوى بسرعة، فإنها تشكل أسلوب ترهيب قد يحبط العمل الإعلامي ويؤدي إلى الرقابة الذاتية.

وقالت المنظمة أنه بينما يناقش "مجلس النواب" قانوناً جديداً للإعلام، ينبغي له تأكيد الالتزامات الحقوقية الواقعة على لبنان بإلغاء نصوص القدح والذم والتحقير من قانون العقوبات واستبدالها بعقوبات مدنية، مضيفة أنه ينبغي لمجلس النواب ضمان توافق قانون الإعلام الجديد مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، ويشمل ذلك إلغاء جميع التهم والعقوبات المتعلقة بالتعبير السلمي.

وقال كوغل: "من دون إصلاحات جادة، تستغل قوانين القدح والذم في لبنان بسهولة لخنق التعبير المشروع. في حين تتعهد الحكومة اللبنانية بإصلاحات مالية وقضائية واجتماعية جوهرية، ينبغي لها أيضاً العمل على تعزيز حماية حرية التعبير التي يكفلها القانون اللبناني".

من جهتها، قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" أنه يجب على السلطات اللبنانية أن تسقط فوراً الشكوى الجنائية المقدمة ضد "درج" و"ميغافون"، على خلفية نفس الاتهامات والشكاوى المقدمة ضدهما، مضيفة أن "هذا الاستهداف يشكل تصعيداً خطيراً في الجهود المستمرة لقمع الصحافة المستقلة في لبنان، كما أنه يتناقض بوضوح مع بطء التحقيقات في قضايا الفساد وسوء السلوك، بما في ذلك التعذيب".

وقالت نائبة المديرة الإقليمية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في "أمنستي" كريستين بيكرلي أن "قرار السلطات اللبنانية باستدعاء درج وميغافون للتحقيق يظهر استعدادها للسماح للمصالح السياسية والمالية النافذة باستخدام النظام القضائي الجنائي لترهيب الأصوات المنتقدة ومضايقتها. يجب على السلطات حماية حرية الصحافة، لا تقويضها".

وأضافت بيكرلي أن "استهداف هاتين الوسيلتين الإعلاميتين يشكل تصعيداً خطيراً في المساعي المستمرة لترهيب الصحافة المستقلة في لبنان، وإسكات الرقابة الضرورية التي تمارسها مؤسسات مثل درج وميغافون من خلال تقاريرها حول دور الفاعلين الأقوياء في خلق الأزمة المالية والاقتصادية وإطالة أمدها، وهي أزمة مازالت تؤثر بشكل كارثي على حقوق الناس".

وشددت بيكرلي أنه "يجب على السلطات اللبنانية أن تسقط فوراً الشكوى المقدمة، وتضمن أن تتمكن وسائل الإعلام المستقلة من أداء عملها من دون خوف من الترهيب أو المضايقة".

ورأت المنظمة أن الإجراءات المتخذة بحق "درج" و"ميغافون" تنتهك القوانين المحلية المتعلقة بالتحقيقات الجنائية، بما في ذلك تلك التي تضمن الحماية للصحافيين، حيث أكدت المؤسستان الإعلاميتان أنه تم إبلاغهما بالاستدعاء عبر مكالمة هاتفية، من دون تزويدهما بتفاصيل مكتوبة عن التهم الموجهة إليهما أو الأساس القانوني للاستدعاء.

وتنص المادة 147 من قانون أصول المحاكمات الجزائية اللبناني على أن الاستدعاء يجب أن يكون خطياً، وأن يتضمن، من بين أمور أخرى، الجريمة موضوع التحقيق والأساس القانوني لها. كما ينص قانون المطبوعات على أن الشكاوى المتعلقة بالأعمال الصحافية يجب أن تحال إلى محكمة المطبوعات، وليس إلى النيابة العامة.

ووثقت "أمنستي" تزايداً مقلقاً في استخدام نصوص قانونية فضفاضة لاستهداف الصحافيين والناشطين والمنتقدين في لبنان، حيث تعرض الآلاف لتحقيقات جنائية منذ بداية الأزمة الاقتصادية العام 2019. ويشكل استدعاء "درج" و"ميغافون" مثالاً جديداً على إساءة استخدام هذه النصوص لقمع الأصوات النقدية.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها