عاد اسم الصحافي الفلسطيني-السوري مهند عمر إلى الواجهة بعدما نشرت والدته وثيقة صادرة عن "القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة" في سوريا، تتضمن حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت بحقه، إلى جانب عدد من المعتقلين من بينهم الكاتب والسيناريست عدنان الزراعي، ما أثار حزناً وغضباً واسعاً في وسائل التواصل الاجتماهي.
الوثيقة المؤرخة في 1 آب/أغسطس 2013، والتي حملت صفة "سري للغاية"، تشير إلى أن التنفيذ كان مقرراً في 6 آب/أغسطس من العام نفسه في السجن العسكري الأول بدمشق المعروف بسجن صيدنايا، وشملت التهم الموجهة له التحريض على التمرد وتقويض النظام والتعامل مع جهات معادية، استناداً إلى مواد من قانون العقوبات العسكرية.
التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي كان واسعاً وغاضباً، إذ أعاد عشرات الصحافيين والمثقفين والناشطين نشر الوثيقة مع تعليقات تندد بجريمة الإعدام خارج القانون، وتطالب بكشف مصير الآلاف من المختفين قسراً في سجون النظام البائد، خصوصاً في سجن صيدنايا الذي تحول رمزاً للقتل الممنهج تحت غطاء قضائي صُوري، كما وثقت منظمات حقوقية.
واعتقل مهند عمر في شباط/فبراير 2012 في دمشق، وكان صحافياً شاباً يكتب في الصحافة السورية والفلسطينية ومتزوجاً وأباً لطفلين، واستدرج عمر إلى كمين أمني عبر الإعلامي اللبناني الموالي للنظام حسين مرتضى، حسبما أفادت عائلته سابقاً في شهادة بثها "تلفزيون سوريا"، ليختفي بعدها أثره، ويبقى مصيره مجهولاً.
أما عدنان الزراعي فهو كاتب وسيناريست معروف من مدينة حمص، وكان أحد كتّاب لوحات مسلسل "بقعة ضوء"، واعتقل قبل مهند بثلاثة أيام فقط في 26 شباط/فبراير 2012، بعد سنوات من نشاطه الفني الذي حمل نبرة نقدية ضمنية للنظام، ورغم تداول اسمه سابقاً ضمن صور "قيصر" المسرّبة العام 2020، إلا أن هذه الوثيقة تعد أول إشارة رسمية إلى تاريخ إعدامه.
ويقترن اسم عدنان الزراعي في ذاكرة السوريين بلقب "الرجل البخاخ"، وهي شخصية رمزية في أعماله تمثل الثورة والتمرد، فيما تحولت قضية مهند عمر إلى رمز للغياب الصامت للصحافيين الفلسطينيين في المعتقلات السورية، في تقاطع مأساوي بين قضيتين وشعبين جمعهما الخوف والقمع والاختفاء.
وأثار توقيت ظهور الوثيقة تساؤلات حول مصير ملفات مشابهة ما زالت طي الكتمان، وحول احتمالية وجود نسخ مماثلة في أرشيف المحكمة الميدانية العسكرية، ما يعزز الدعوات لتشكيل لجان وطنية ودولية متخصصة بمراجعة كل أحكام الإعدام الصادرة في تلك المرحلة والتدقيق في مصداقيتها والمطالبة بكشف لوائح الدفن والمقابر الجماعية المرتبطة بها.
