نقاش في "الملتقى الإعلامي العربي" في بيروت.. وادعاءات النجاح

رين قزيالأربعاء 2025/11/05
Image-1762269474
الملتقى الاعلامي العربي في بيروت
حجم الخط
مشاركة عبر

باستثناء الجلسة المعنية بمكافحة اضطراب المعلومات والتضليل، التي شارك فيها عشرات الطلاب، لم تستقطب جلسات "الملتقى الإعلامي العربي" التي عقدت في بيروت الأسبوع الماضي، العدد المطلوب من المشاركين، والكافي للقول إن الملتقى "حقق نجاحاً باهراً"، وفق ما قال المنظمون في ختامه. 

فالحديث عن نجاح الملتقى، يحتاج الى تدقيق، كون عناوينه، لا تحاكي هموم الإعلاميين وتحولات هذه الصناعة الضخمة حول العالم، تقنياً وبصرياً، وغرقت في عناوين التنمية التي لم تشمل تنمية الإعلام نفسه، مما يحيله إلى مؤتمر سياحي، بما يتخطى كونه ملتقىً إعلامياً، وهو نقاش مفتوح ومطلوب في هذا الوقت، تأخّر كي لا يُتهم المنتقدون بالتشويش عليه، أو بفرملة الاندفاعة الرسمية اللبنانية لرعاية ملتقىً يُقام للمرة الأولى منذ 21 عاماً، خارج دولة الكويت، وخارج الجامعة العربية. 

 

غياب إشكالية الحِرفة والمؤثرين

وغنيّ عن القول إن آفاق التنمية في لبنان والعالم العربي، لا تحتاج الى توجيه إعلامي على النحو الاستعراضي الذي حيكت فيه عناوين الجلسات.. بالنظر الى أن الإعلام يتعامل مع ما هو موجود، وليس دوره خلق خطط من العَدَم.. 

كما أن وزير الاعلام بول مرقص، يدرك هموم المهنة في لبنان، أكثر من سواه، لقربه من الإعلاميين، وانخراطه في النقاشات المتصلة بالحريات وقانون الاعلام وغيرها... وهي هموم غير تنموية، ولا سياحية ولا فنية، تلك العالقة على إيقاع انتاجي مختلف، تدخل في ميدان الصناعة التلفزيونية والفنية. في حين أن هموم التنمية الاعلامية، تتصدر هواجس الصحافيين في ظل التحولات بالمهنة، التي تنتقل، تدريجياً، من "حِرفة" بشكلها التقليدي، الى إعلام المنصات والذكاء الاصطناعي ومؤثري السوشيال ميديا.. وهو ما لم يحضر في نقاشات الملتقى. 

 

المال السياسي

كان صادماً أن المؤتمر، لم يتناول الهم التنموي، بمعنى الصناعة الاعلامية، وفرص خلق نموذج اقتصادي يعيد تمويل وسائل الاعلام، ويحيلها الى مستوى تحدي الوجود بالبقاء. وحده رئيس الجمهورية جوزاف عون، تطرق إلى هذا الهم في كلمته، حين تحدث عن المال السياسي، بمناشدته الإعلاميين الحفاظ على استقلاليتهم المادية. كانت تلك العبارة أساسية لمقاربة الهم التنموي، وأفق التطور بعدما خرجت المنطقة العربية من "الضخ غير المدروس" للأموال باتجاه الإعلام، إلى تقلص الكعكة الإعلانية، وتقلص إنفاق المال السياسي على الإعلام. 

هل قارب المؤتمر هذا الملف؟ لا.. غَرق في الكليشيهات الإعلامية، واستعراضات الإعلاميين. تحوّل الى ميدان للعلاقات العامة، بما يتخطى مناقشة هموم الإعلاميين وقطاع الإعلام. 

 

مطاعم وفنادق وطيران

ومع ذلك، ينظر وزير الاعلام بول مرقص إلى جلسات الندوات بوصفها "مهمة"، متوقفاً في حديث مع "المدن" عند "الجلسة التدريبية المخصّصة لطلاب الجامعات؛ إذ تتيح لهم فرصة التفاعل المباشر مع الجيل الإعلامي المخضرم، وهذا ما يثري خبراتهم بالمعارف والتجارب الميدانية". 

وقال: "نحن نحترم أجندة وجدول أعمال الملتقى الإعلامي العربي في دورته الـ21، الذي يُنظَّم هذا العام في بيروت بعدما كان يُعقد عادةً في الكويت أو في مقر جامعة الدول العربية. وقد رحّبنا بإقامة الملتقى في لبنان عبر دعم القطاع الخاص وشركات التنظيم التي سهّلت عملية التنقل والإقامة، بما في ذلك المطاعم والفنادق، وعلى رأسها شركة الميدل إيست التي تولّت تأمين تذاكر السفر وقدّمت القاعة التي يُقام فيها الملتقى، وهو ما مكّن لبنان من استضافة هذا الحدث الإعلامي البارز". 

ويدافع مرقص عن طروحات الملتقى، بالقول: "سنوياً، يُسلّط الملتقى الضوء على القضايا الشائكة في الإعلام، وقد جاء عنوان الدورة الحالية: التنمية والشراكة وتعزيزها"، وأضاف: "تحقَّقت مكتسبات مهمة في ما يتعلق بالاستفادة من التكنولوجيا والتقدّم المعلوماتي في المجال الإعلامي، مع التوقف أيضًا عند سلبيات التكنولوجيا التي تؤدي أحيانًا إلى انتشار الأخبار الزائفة والتضليل الإعلامي". 

 

تأثير اجتماعي وثقافي

من جهته، دافع منسق الملتقى في بيروت، جمال فياض، عن الجلسات، وقال "للمدن" إنّ "الإعلام اللبناني ما زال مؤسسة رائدة على مستوى العالم، يسعى دومًا إلى التميّز والإبداع والانفتاح على محيطه العربي والدولي". 

وتوجه إلى الإعلاميين بالقول: "نحن نحاول أن نتجاوز حدود الواقع التقليدي للإعلام اللبناني، وأن نركّز على القضايا الاجتماعية الراهنة، بعيدًا من السياسة والأمن، لنقدّم نموذجًا جديدًا في التعامل مع الإعلام كمجال للتأثير الاجتماعي والثقافي". وقال: "هذا المشروع لا يقتصر على مرحلة محددة؛ بل هو دراسة مستمرة تهدف إلى فهم أعمق لكيفية التعامل مع الإعلام، وكيفية تطوير أدواتنا ومقارباتنا في العمل الإعلامي".

وتابع: "قد يسأل البعض: لماذا لا نتحدث عن الاتفاقيات السياسية أو المواضيع اليومية؟ والجواب هو أن هذا اللقاء ينعقد تحت مظلّة الإعلام العربي في مجال الفن والثقافة، وهو مساحة للحوار وتبادل الخبرات والتجارب، وليس فقط للحديث عن السياسة أو الأخبار".

ورأى أن الإعلام في الفنّ "يلعب دورًا أساسيًا، فهو مساحة للقاء، ولتبادل الرؤى، ولتعزيز التواصل والتعاون بين الناس والمؤسسات الإعلامية على امتداد الوطن العربي". 

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث