إسرائيل تفتح ملف المعارضين الشيعة: الحرب لم تنتهِ

أدهم مناصرةالجمعة 2025/10/31
3.jpg
(علي علوش)
حجم الخط
مشاركة عبر

كثّفت إسرائيل حملتها الدعائية ضد لبنان وحزب الله بالترافق مع تصعيد اعتداءاتها كماً ونوعاً في الأيام الأخيرة، كأنها لم تكتفِ بوتيرة العدوان الحالي؛ بل تبحث عن أيّة ذريعة، لتغذية بروباغاندا تمهد لخرق إسرائيلي أكبر لاتفاق وقف إطلاق النار، سواء بنوعية الشخصيات المستهدفة بالاغتيال، وربما المديات والجغرافيا وطبيعة الأهداف التي تخطط لضربها.

لهذه الغاية، سمحت الرقابة العسكرية الإسرائيلية لهيئة البث العبرية، بنشر نبأ عن دراسة إسرائيل إمكانية تصعيد عملياتها العسكرية وزيادة هجماتها على لبنان، وأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقد مساء الخميس جلسة أمنية مقلّصة، لبحث الوضع هناك؛ بدعوى أن حزب الله يواصل مساعيه لتعزيز قدراته العسكرية، وأن هذا يشكل "خرقاً لبنانياً مباشرا" لاتفاق وقف إطلاق النار الذي يقترب من إتمام عامه الأول. في حين، نقلت الإذاعة العبرية الرسمية عما وصفته بـِ "مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى"، بأنّ حزب الله "يحاول وينجح إلى حد معين" في إعادة بناء قدراته الهجومية والدفاعية.

 

"ملف مفتوح.. والحرب لم تنتهِ"!

ورصدت "المدن" في أكثر من مداخلة للمراسل العسكري للتلفزيون العبري "مكان"، نقلاً عن مصادر عسكرية إسرائيلية، بأن ما يجري في الجبهة الشمالية، يؤشر إلى أن "الملف اللبناني يبقى مفتوحاً"، وأن الجيش الإسرائيلي يعتبر أن الحرب في كل الجبهات "لم تنتهِ بعد"، وإن اتخذت أشكالاً أخرى. في حين عدّت مذيعة تلفزيون "مكان" أن دعوة الرئيس اللبناني جوزاف عون لمواجهة أي توغل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية، "نوع من التصعيد"، وتعكس غضباً لبنانياً رسمياً من مراوحة الميدان مكانه، وعدم وجود آفاق بحل يردع هجمات تل أبيب واحتلالها لأراضٍ لبنانية.

وترسيخاً لعقلية التحريض والعدوانية، قال رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير في الساعات الماضية، إنه "لن يكون هناك تسامح" مع أيّ انتهاك قد يهدد أمن إسرائيل في أي ساحة، ملوحاً بأن جيشه سيعود للعمل في بعض الساحات بقوة أكبر "مما عرفناها خلال العامين الماضيين". 

 

تهديد باحتلال لبنان: رسالة لترامب

واللافت أن المحلل العسكري لصحيفة "معاريف"، آفي أشكنازي، وضع تصريح زامير في سياق "رسالة" منه إلى نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب، مفادها أن الجيش الإسرائيلي لن يتوقف عن العمل بكثافة ضد حزب الله و"حماس". كما اعتبر أشكنازي، وهو جنرال متقاعد، أن التصريح يدل أن زامير "سئم" من الوضع الحالي، ويرغب برفع وتيرة الضربات وأهدافها.

ووسط الحملة الدعائية المتصاعدة، تبرز تساؤلات بشأن ما تخطط له إسرائيل للبنان؟، وما إذا كانت تنوي مفاوضة الدولة اللبنانية بقوة نارية أشد، لمحاولة فرض واقع تنشده؟، خصوصاً أن المواقع العبرية الأمنية تواظب بالآونة الأخيرة على الترويج كثيراً لمصطلحات وتعبيرات من قبيل "إسرائيل تفقد صبرها" و"قد نعمل على نحوٍ أحادي"، بحجة أن حزب الله "يعيد بناء ترسانته من الأسلحة ويجند مقاتلين جدد"، بالرغم من تنفيذ تل أبيب أكثر من 1000 غارة خلال 11 شهراً من سريان اتفاق وقف إطلاق النار؛ أي بواقع 90 غارة كل شهر!

وعبّرت مواقع أمنية إسرائيلية عن غضبها مما أسمته "تردد الدولة اللبنانية" في معالجة سلاح حزب الله، بل وذهبت رئيسة قسم الأبحاث في موقع "علما" المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية، تال بيري، إلى اتهام الجيش اللبناني بعدم الجدية في حسم الأمر، وأنه يتبع منهجية "الباب الدوّار" مع حزب الله، بزعم أنه يدخل مواقع الحزب بتنسيق مسبق، ثم يعيدها له بعد فترة زمنية معينة، وفق قولها.

 

تناقض بدعاية إسرائيل الأمنية

لكنّ ما نوهت بيري له خلال مقابلة أجراها معها موقع "كل اليهود" العبري، يعكس تناقضاً في دعاية الاحتلال بشأن ما يفعله حزب الله الآن؛ إذ تدعي أن جهود الحزب تتركز أساساً على الحفاظ على القدرات التي كانت لديه قبل الحرب وإنقاذها، وليس بناء قدرات جديدة، وهو ما يُخالف ما تدعيه وسائل إعلام عبرية نقلاً عن جهات أمنية إسرائيلية، بأن الحزب "نجح أحياناً في بناء بعض القدرات".

كما اعترفت الباحثة تال بيري أن الاستخبارات الإسرائيلية لا تعلم كل شيء عمّا يفعله حزب الله، مشيرة إلى مقولة يرددها عناصر الاستخبارات، وهي "أنت لا تعرف ما الذي لا تعرفه"، مما يؤكد أن تل أبيب تتعامل دائماً بمنطق هواجس مزعومة وخيالات مُبالغ بها بخصوص أنشطة الحزب! لكن بيري ادعت أنه وفق ما تفهمه، فإن كل ما تعرفه إسرائيل تعمل ضده، سواء بقوة النار، أو بوسيلة أخرى (لم تكشفها).

مع ذلك، حاولت بيري التظاهر أنها تعلم عن الحزب، كأنها داخله، حيث قالت إن المعطيات المتوفرة لديها، تفيد أن حزب الله يحدّث استنتاجات مستفادة من دروس الحرب، ويجري عمليات تنظيمية، كإلغاء أو دمج بعض وحداته، معتبرةً أن الحزب "تضرر بشدة.. لكنه لم ينهر".

وادعت بيري أن مركز "علما" يعلم أن هناك "مشاركة إيرانية ميدانية" في عملية إعادة بناء حزب الله، متسائلة: "لا أعرف لماذا لا تقتل إسرائيل المسؤولين الإيرانيين الذين يذهبون هناك ويرافقون عملية البناء؟". ولعل هذا التساؤل يستدعي توقفاً عما إذا كانت تل أبيب تريد اختلاق ذريعة من هذا القبيل؛ لتسويغ شن هجوم أو اغتيال كبير في الأيام القادمة.

 

الأمن.. بوصفه غطاء لدوافع انتقامية وسياسية؟

بكل الأحوال، ما يزعج إسرائيل أكثر، ليس ما تدعيه أمنياً؛ بل فشلها في عزل حزب الله عن بيئته الشيعية، حيث ذكرت رئيسة قسم الأبحاث في موقع "علما" الأمني، أن نسبة كبيرة منها ما زالت مؤيدة لحزب الله بالرغم من كل شيء، وأن المعارضين للحزب من الطائفة الشيعية "غير فاعلين" وموجودون في الخارج لا داخل لبنان، مروراً بادعائها أن نسبة كبيرة ممن يخدمون بالجيش اللبناني، هم "شيعة"، وفق قولها. وهذا يعني أن ثمة دافعاً نفسياً وانتقامياً من البيئة الشيعية، يقف خلف تحريض الاحتلال ودعايته حيال لبنان.

في حين، أقرت تحليلات عبرية بأن دوافع إسرائيل من وراء الحملة الدعائية المتصاعدة ضد حزب الله والحكومة اللبنانية، بالترافق مع رفع وتيرة "نشاطها" العسكري، يتعدى حدود الذرائع العسكرية والأمنية، إلى مآرب سياسية؛ إذ تبدو تل أبيب غاضبة من الجانب الرسمي اللبناني، بدعوى أنه ما زال يتعامل مع إسرائيل بـِ "عقلية ما قبل 7 أكتوبر 2023.. كأن الأمور لم تتغير"، في إشارة إلى إصرار بيروت على مفاوضات غير مباشرة، وبما لا يتعدى المستوى العسكري، من أجل إنهاء العدوان الإسرائيلي، إلى جانب رفضها إبرام اتفاق أمني جديد يلزم الجيش اللبناني بدور "الشرطي" لإسرائيل، وبما يثبت واقعاً جديداً تنشده الدولة العبرية، وتكون فيه الآمر الناهي ميدانياً وسياسياً في لبنان والمنطقة برمتها!

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث