رحب جمهور ثنائي "حزب الله – حركة أمل" بموقف رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي وجّه الجيش اللبناني إلى التصدي لأي توغّل إسرائيلي في الأراضي اللبنانية الجنوبية، وتحول الترحيب الى إطراء، إذ وُصف الموقف بأنه "تحرّك سيادي أعاد للدولة حضورها وهيبتها"، في لحظة يتواصل فيها العدوان الإسرائيلي على القرى الحدودية منذ أكثر من عام.
ورأى كثيرون أن الرئيس تصرف بما يليق بإبن المؤسسة العسكرية، وأنه "انتفض لكرامته وكرامة لبنان"، معتبرين أن ما فعله لم يكن مجرّد توجيه للجيش، بل إعادة تموضع لرئاسة الجمهورية، وتعزيز لوقوفها في موقع المبادرة والمسؤولية والدفاع عن اللبنانيين، وخصوصاً أبناء الجنوب الذين يواجهون العدوان والتهجير المتواصل.
وتكررت الإشارات إلى أن هذا الموقف سيجعل "الأميركي يسعى إلى إرضائه"، في إشارة رمزية إلى أن الرئيس فرض احترام موقعه السياسي داخلياً وخارجياً.
السيادة ليس فقط احتكار السلاح
التفاعلات المؤيدة، انطلقت من فكرة أن السيادة لا تقتصر على امتلاك السلطة أو احتكار السلاح، بل هي ممارسة فعلية لمسؤولية الدولة في الدفاع عن الأرض والمواطنين.
في القراءة العامة لهذه المواقف، بدا أن الرئيس أعاد تعريف السيادة كفعلٍ لا كشعار، وفقاً لجمهور "الثنائي"، وأن خطوته "حرّكت إحساساً وطنياً راكداً بعد مرحلة طويلة من الاكتفاء بالبيانات الرسمية" التي كان كثيرون من جمهور "الثنائي الشيعي" يعتبرونها رمزية وغير كافية.
الآراء التي انتشرت في هذا السياق، وصفت الموقف بأنه "قرار متقدّم وشجاع"، لأنه وجّه البوصلة نحو العدو الحقيقي وكشف "ازدواجية من يهاجمون المقاومة ويتجاهلون الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة".
وانعكس هذا المزاج في عبارات تُعبّر عن التفاف واضح حول الرئيس والجيش، إذ رأى كثيرون أن الموقف "أعاد الثقة في المؤسسة العسكرية"، وأنه "عبّر عن الدولة الحاضرة لا المتفرّجة".
..أو تصرف متهور
ولم يخلُ الموقف من انتقاداتٍ متباينة اللهجة، تصدرها الجمهور المعارض لـ"الثنائي". فقد صدرت مواقف اعتبرت أن ما قام به الرئيس "تصرف متهوّر قد يعرّض لبنان والجيش لمواجهة غير محسوبة مع إسرائيل"، محذّرين من "جرّ البلاد إلى مغامرة سياسية وعسكرية لا قدرة لها على تحمّل تبعاتها".
وهنا وجّه مؤيدو موقف الرئيس انتقادات حادة لهؤلاء المعترضين، معتبرين أنهم يعانون ازدواجية في الخطاب والموقف. فكثيرون منهم يطالبون تارةً بحصر السلاح في يد الجيش اللبناني وبأنّه الجهة المعنية حصراً بالدفاع عن لبنان وأراضيه، ثم يعودون لانتقاده عندما يطلب منه الرئيس التأهب للتصدي لأي عدوان.
ورأى المؤيدون أن هذا التناقض يعكس فهماً غير متوازن للسيادة، إذ لا يمكن مطالبة الجيش بالمسؤولية من جهة، ومن جهة أخرى رفض منحه الصلاحية للتحرك عند الحاجة، وكأن المطلوب من الدولة أن تبقى متفرجة في مواجهة العدوان. واتهم جمهور "الثنائي"، خصومه بأنهم "يزايدون على موقف الدولة، لأنهم يريدون التطبيع مع العدو".
الخطوة الناقصة
في المقابل، برزت فئة أخرى انتقدت الموقف من زاوية مختلفة، معتبرة أنه خطوة ناقصة مؤسساتياً، إذ إن توجيه الجيش في قضايا تتصل بالدفاع والحدود يجب أن يصدر بقرار عن الحكومة اللبنانية مجتمعة لتأمين الغطاءين القانوني والسياسي معاً.
ورأت هذه الفئة أن ما قام به الرئيس، رغم أهميته الرمزية والوطنية، يظل ناقصاً من حيث الشكل الدستوري، لأن الدفاع الوطني مسؤولية تشاركية بين الرئاسة والحكومة.
