أثار مقطع فيديو مسرب من حفلة زفاف ابنة أحد كبار المستشارين العسكريين في إيران، غضب المحافظين في طهران. وأظهر مقطع فيديو تم نشره عبر وسائل التواصل الاجتماعي علي شمخاني وهو يقود ابنته، التي ارتدت فستان زفاف مكشوف الكتفين، عبر قاعة الزفاف، في ما اعتبر "تقليداً للغرب".
وتم التقاط الفيديو في نيسان/أبريل 2024 عندما حدث الزفاف لكن تسريبه فجأة حدث في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، وأحدث تفاعلاً واسعاً بين الإيرانيين ووسائل الإعلام المحلية، حسبما نقلت "وكالة الأنباء الألمانية".
ويظهر المقطع القسم المخصص للنساء، وهو المكان الذي يدخل إليه والد العروس والعريس لفترة وجيزة في حفلات الزفاف التقليدية الإيرانية. وأعربت الصحافية الإيرانية-الأميركية في صحيفة "نيويورك تايمز"، فرناز فصيحي، عن دهشتها في تغريدة عبر منصة "إكس": "صور مذهلة تكشف الحياة المزدوجة لمسؤول إيراني رفيع المستوى، هو علي شمخاني". وأضافت فصيحي: "في زفاف ابنته الباذخ، لا أثر للممارسات الإسلامية الصارمة والتقوى التي يعظون بها."
وأظهر المنشور مقاطع فيديو للعروس ووالدها وضيوف آخرين. ووجه المحافظون الإيرانيون انتقادات حادة للصور ولشمخاني نفسه. وتساءل أحد المعلقين: "هل يدرك هؤلاء المسؤولون وضعهم الاجتماعي وسلوكهم الخاص والعام؟" وتابع: "هل يحترمون هم أنفسهم الحدود الدينية بين الرجال والنساء التي يطالبون المجتمع بالالتزام بها؟".
ويعد شمخاني عضواً في "مجمع تشخيص مصلحة النظام" ومستشاراً سياسياً للمرشد الأعلى علي خامنئي، كما شغل سابقاً مناصب أمين مجلس الأمن القومي ووزير الدفاع ووزير في الحرس الثوري. وأثار الحفل الذي أقيم العام 2024 انتقادات حتى عند حصوله، حيث ذكرت صحيفة "آرمان ملي" في تقرير بعنوان "جدل حول زفاف في فندق إسبيناس بارسيان" أن كلفة المناسبة بلغت نحو مليار و400 مليون تومان (21540 دولاراً أميركياً تقريباً)، وهو رقم ليس كبيراً في واقع الأمر لكنه يثير الجدل بسبب انهيار الاقتصاد الإيراني وانتشار الفقر بين الإيرانيين عموماً.
والحال أن الجانب الديني هو الذي أثار الجدل بعد تسريب الفيديو من "قسم النساء" حيث تفصل إيران بين قاعات الرجال والنساء في المناسبات المماثلة. وما لفت الانتباه هو أن كثيراً من النساء الحاضرات لم يلتزمن بالحجاب واللباس المحتشم الذي تفرضه السلطات بالقوة، رغم حضور شمخاني، بوصفه رجلاً.
وذكرت الخدمة الفارسية لـ"بي بي سي": "عادة في إيران يدخل العروسان القاعة معاً، وليس من المعتاد كما في الأعراس الغربية أن يمسك الأب أو الأم بيد العروس ويدخلا معها، خصوصاً في العائلات المتدينة"، فيما رأى منتقدون أن نشر صور ومقاطع من حفلة خاصة لسياسي أعيد تعيينه ممثلاً للمرشد في "مجلس الدفاع" تم بصورة مقصودة لأهداف سياسية داخل النظام الإيراني، بينما اتهم المحافظون "الموساد" في إسرائيل بعملية التسريب من أجل خلق البلبلة.
وعلق شمخاني ومقربون منه بالقول أن هذه التقارير تنشر بـ"دوافع سياسية" وتهدف إلى "تشويه صورته" مهاجمين "الإعلام المأجور" على عملية التسريب. وقال مهدية شادماني، وهي ابنة مسؤول إيراني قتل في غارات إسرائيلية على طهران في وقت سابق من العام الجاري أن تسريب الفيديو "مشروع من الموساد"، مضيفة: بعد فشل الاغتيال الجسدي، الهدف الآن هو اغتيال الشخصية".
ووصفت وكالة "دانشجو" التابعة لجماعة "الباسيج" المسلحة التابعة للحرس الثوري، نشر الفيديو بأنه انتهاك للخصوصية، لكنها طالبت شمخاني بتقديم توضيحات. أما الناشط السياسي سعيد شريعتي فكتب: "في بلد تستخدم أجهزته الأمنية نشر الاعترافات والمقاطع الخاصة كأداة بيدها، لن يسمع صوت أمين مجلس الأمن القومي السابق، السيد شمخاني، أنت تتحمل المسؤولية عن هذا الوضع".
وذكرت "بي بي سي" أنه على مدى أعوام أثيرت في الإعلام ومواقع التواصل قضايا تتعلق بـ"الثروة الأسطورية" لعائلة شمخاني، وتم تداول صور لما يقال أنها منازل فاخرة تعود إليه أو لأصهاره، لكنهم ينفون ذلك، علماً أن أبناء شمخاني ناشطون في المجال الاقتصادي، وأبرزهم حسين شمخاني، الابن الأكبر، وتشير تقارير إلى أنهم يملكون شركة "أدميرال" المتهمة بالالتفاف على العقوبات وبيع النفط الإيراني.
ورغم ذلك يبقى المبلغ المدفوع على الزفاف بسيطاً مقابل الثروة الأسطورية التي يتم الحديث عنها في التقارير ذات الصلة.
