ناجيات يروين الاغتصاب في فروع الأسد

المدن - ميدياالاثنين 2025/10/20
النساء في سوريا (أناضول)
قالت أسماء انها حملت قسراً، وحاولت إنهاء الحمل بوسائل منزلية خطرة بعد إطلاق سراحها
حجم الخط
مشاركة عبر

بث تلفزيون "فرانس24" وثائقياً جديداً يضم شهادات ثلاث سوريات، أسماء وياسمين وهدى، استخدم فيه تمويه الصوت وإخفاء الهوية، وقدّمن روايات تفصيلية عن تعرضهن لاغتصاب متكرر وتعذيب داخل مراكز احتجاز تابعة لأجهزة الأسد الأمنية، بينها "فرع فلسطين" و"الفرع 215". 

 

 

اغتصاب 13 مرة

وتعيد الشهادات وضع العنف الجنسي في سياقه المؤسسي  كأداة قمع، وتربط بينه وبين منهجية الاعتقال التعسفي التي شهدتها البلاد منذ ربيع 2011. 

وروت أسماء، المعتقلة في 2016 لمدة 18 يوماً، أنها تعرضت للاغتصاب 13 مرة، وأن الاعتداءات الأولى نفّذها ضابط ثلاث مرات قبل أن تتناوب عليها مجموعة داخل غرفة حديدية السرير، فيما بقيت معصوبة العينين لا ترى وجوه المعتدين، لكنها تميّز أصواتهم ونداءهم "سيدي"، وأضافت أنها أُجبرت على شرب سائل "بلون الحليب" سبقته رائحة كحول صريحة في المكان، وأنها بدأت بالتقيؤ قبل أن يستكمل الاعتداء عليها.

وقالت أسماء انها حملت قسراً، وحاولت إنهاء الحمل بوسائل منزلية خطرة بعد إطلاق سراحها، في اعتراف قاسٍ بأن العنف امتد خارج السجن إلى قرارات الجسد واليأس من الوصول إلى رعاية آمنة بعد رفض الأطباء مساعدتها في إنزال الجنين. 

 

مكتب تعرية قسرية

ياسمين ناجية أخرى من الاعتقال والاغتصاب، تم توقيفها لمدة أربعة أشهر في العام 2015، سردت نمطاً متكرراً يتمثل باستدراج إلى مكتب تعرية قسرية، ثم اغتصاب متتابع يقوم به سجان ويليه آخرون يراقبون الباب. وقالت ياسمين إنها تذكر بوضوح غرفة أرشيف صغيرة استخدمت كمكان للاعتداء، مع تكبيل اليدين بشريط بلاستيكي، وبعد نقلها إلى الفرع "215" رميت شبه عارية في زنزانة مكتظة، وحرمت من الاستحمام والعلاج 25 يوماً. 

 

"جهاد النكاح"

هدى معتقلة آخرى، أشارت إلى تهمة "جهاد النكاح" كذريعة للاعتقال، مع ابتزاز بالتوقيع على اعترافات ملفقة تحت تهديد الإعادة إلى الفرع ذاته حيث وقع الاغتصاب، وهو ما يكرّس الخوف من التكرار كجزء من عقوبة مستمرة حتى بعد انتهاء التحقيق. 

ولا يكتفي الوثائقي بالشهادات الفردية، بل التقى خبراء وطبيباً عمل في شمال غربي سوريا وثقوا ذروة استخدام العنف الجنسي في الاحتجاز بين 2013 ونهاية 2017، حيث أكدوا أن الأدوات وأساليب الاعتداء كانت مدروسة ومتكررة على نحو يسمح بتوقع ما سيتعرض له المعتقل حتى قبل سماع قصته، بما يوحي  بتوجيهات هرمية لا تجاوزات فردية.

وأشار الوثائقي إلى توزيع أقراص لمنع الحمل داخل بعض الأفرع، وإلى امتناع كثير من الناجيات عن طلب خدمات طبية بعد الإفراج بسبب الوصمة الاجتماعية، ما يطيل أمد الألم الجسدي والنفسي ويضاعف آثاره داخل الأسرة. 

 

جرائم ضد الإنسانية

ووضعت "فرانس 24" هذه الشهادات في إطار قانوني أوسع، حيث يصنف الاغتصاب والتعذيب في أماكن الاحتجاز كجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وفق تقارير أممية متراكمة منذ 2012، وبينها تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة عن العنف الجنسي القائم على النوع الاجتماعي، ووثائق الأمم المتحدة الخاصة بسوريا التي تؤكد وقوع الاعتداءات في مراكز احتجاز رسمية ومؤقتة تابعة للنظام وأطراف أخرى. هذه الأدبيات تُظهر أن الصمت المُكره والخوف من الوصمة عائق بنيوي أمام التبليغ والإنصاف. 

وعلى مستوى التوثيق الحقوقي، راكمت منظمات سورية ودولية مواداً مساندة، مثل تقارير "محامون وأطباء من أجل حقوق الإنسان" التي وثقت أنماط العنف الجنسي ضد نساء ورجال في الاحتجاز، مع نسب مرتفعة من الانتهاكات بين الذكور أيضاً، وفتحت شكاوى قضائية خارج سوريا لتوصيف هذه الأفعال كجرائم ضد الإنسانية.

 كما أسست تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش" وملف "صور قيصر" خلفية دامغة عن التعذيب والموت في الفروع الأمنية، بينما شكل حكم محكمة كوبلنتس الألمانية "2022" ضد الضابط السابق أنور رسلان سابقة قضائية اكدت قابلية هذه الجرائم للملاحقة بموجب الولاية القضائية العالمية. 

 

العنف الجنسي كعقوبة

وعلى المستوى المجتمعي، يظهر الوثائقي كيف يتحول العنف الجنسي إلى عقوبة مضاعفة: جسدية داخل المعتقل، ثم اجتماعية خارجه، وهو ما أشارت إليه الطبيبة زينة حلاق حيث تحدثت أن كثيرات يعجزن عن استعادة حياة طبيعية داخل البيت، وأن اضطرابات النوم والقلق وفقدان القدرة على الإنجاب تظهر لاحقاً، فيما تؤدي وصمة العار إلى طلاق أو عزلة قسرية. في المقابل، تتحدّث ناشطات عن حاجة مُلحة لبيئة أمان وسكن ودعم قانوني ونفسي وتعويضات مستدامة، بوصفها جزءاً من مسار إنصاف لا يقتصر على العقوبة، بل يشمل الاعتراف الرسمي، وجبر الضرر وضمان عدم التكرار. 

 

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث