تكامل المحتوى الإعلامي، لا يمكن أن يتحقق من دون انسجام عنصري القصة، أي المصور والمراسل، منعاً لقصور المضمون، أو لتغييب أحدهما. وهو ما ناقشته الدورة التدريبية "الشراكة تصنع الحكاية" التي نظمتها نقابة المصورين الصحافيين في لبنان، وجمعت المصورين بالمراسلين، لتأكيد هذا التوجه.
وغالباً ما يستحوذ المراسل على الضوء، بعد انتاج قصة صحافية مهمة. فالصحافي، يظهر قبالة الكاميرا، فيما يسرد المصور من ورائها قصة بلا شروحات. يجتمع العنصران على إنتاج قصة واحدة، لا يمكن أن تظهر بنتيجة مثالية، من دون تكامل بين الطرفين: يشرح المراسل أغراضه، ويتولى المصور توثيقها وتفسيرها بصرياً.
"هي علاقة جدلية متكاملة تُسهم في إنجاز المحتوى الإخباري في الميدان"، يقول المدربون والصحافيون والمصورون المشاركون في الدورة التدريبية التي نُظمت السبت في مقر الجمعية العربية الصينية للتعاون والتنمية، وتطرح الدورة العلاقة بين المصوّر والمراسل الصحافي. يجمع المشاركون على أن التعاون، جزء من كلّ. ما يُراد في هذه العلاقة، هو التكامل. التغريد على الموجة نفسها. أحدهما يفسر بالكلام، والآخر بالصورة، تلك التي تصنع المشهدية، وتحسم التخيلات، وتحيلها إلى وقائع موثقة.
التكامل بين الكلمة والصورة
وغالباً ما تواجه هذه عراقيل وضغوطًا ميدانية ناجمة عن اختلاف الخبرات أو ظروف التغطية. وتشرح الصحافية مي عبدالله لـ"المدن"، أن التلاقي بين سردية الكلمة وسردية الصورة، يبدأ من إشراك المصوّر في تفاصيل محتوى التقرير الذي سيعمل عليه. وتضيف: "الصورة إذا لم تعبّر عن السردية البصرية للنص، فلن يكون العمل متكاملًا. نحن الصحافيون نعتمد كثيراً على الصورة، لأنها توحي لنا بالكلمة. جدلية العلاقة يجب أن تقوم على الاحترام المتبادل والاعتراف بانجازات الآخر".
أهمية الصورة
والصورة، بحد ذاتها، قد تنطق بمعنى كامل؛ مثل صورة محمد الدرة التي اختصرت القضية الفلسطينية بأكملها في لقطة واحدة. في هذا السياق، يقول المنتج سامر مراد لـ"المدن"، إن "الصورة من أهم أدوات التأثير اليوم، فهي تشكّل رأيًا عامًا وتخلق ثورات". من وجهة نظره، "أول ما يجب أن يدركه المصوّرون هو مدى تأثيرهم، وأن نقل الفكرة من خلال الصورة يمكن أن يؤذي أو يلهم". ويضيف أن الدورة جاءت لتسليط الضوء على الإشكالية بين المراسل والمصوّر، وهذه الإشكالية إذا تم حلّها يتحقق التكامل، ويُنفذ عمل أفضل بين الطرفين.
المصور هو الجندي المجهول
وكانت النقابة قد نظّمت في السابق سلسلة دورات تهدف إلى حماية المصوّرين الصحافيين جسدياً وتمكينهم مهنياً، عبر ورش تناولت الأمن والسلامة الجسدية للصحافيين وتطوير مهاراتهم الميدانية.
وتوضح المصورة وعضو نقابة المصوّرين الصحافيين جوسلين جريس، أن هذه الدورة تأتي استكمالًا لتلك الجهود، مشيرةً إلى أن خلاصة هذه المبادرات تؤكد أن المصوّر الصحافي هو القلب النابض في الميدان والحروب، وهو "الدينامو" الحقيقي، والجندي المجهول الذي تُهدر حقوقه، ونادراً ما يُسلَّط الضوء على عمله، لذلك تعمل النقابة على تحفيز المصوّرين وتشجيعهم على المثابرة.
