لم تسفر نقاشات مواقع التواصل في ذكرى مرور عامين على "طوفان الأقصى"، عن انقسامات جدلية في فحوى الحرب. فتلك الفكرة، تجاوزها الكثير من المغردين العرب، وثبت التباين بين فكرتين: التمسك بالسلاح في ظل الاحتلال، وهو رأي يتقاطع مع بيان حركة "حماس" الإثنين، فيما ذهب الرأي الآخر الى المطالبة بالبحث عن مقاربة مختلفة تُخفف عن الناس أعباء الحرب، مع حفاظها على إيمانها برمزية اليوم ودلالاته الوطنية والتاريخية.
وعبّر نشطاء كُثر عن تمسّكهم بخيار السلاح، وأكدوا أن عملية "طوفان الأقصى" كانت عملية لا بديل عنها لإعادة التذكير بالقضية الفلسطينية. ودعم هؤلاء العملية، بوصفها رمزًا للمقاومة والدفاع عن الحقوق الوطنية.
هذه التفاعلات، اكتسبت زخمها بدعم خيار السلاح والكفاح المسلح، بدءاً من تصريح "حركة حماس" لوكالة "رويترز"، حين أكدت أنها لن تُلقي سلاحها إلا بانتهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية، خصوصًا مع تصاعد الحديث عن مفاوضات واتفاق محتمل لوقف الحرب تتضمن مطلبًا إسرائيليًا بنزع سلاح الحركة.
وتضاعف الدعم بنشر "حماس" فيديو محاكاة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يجسّد اللحظات الأولى من عملية "طوفان الأقصى"، ويُظهر مشاهد للقائدين محمد الضيف ويحيى السنوار وغيرهما من قادة الهجوم. وقد أضفى الفيديو قوةً إضافية للتفاعل الرقمي، ورأى الكثيرون فيه رسالة واضحة وركيزة أساسية لتجديد روح المقاومة وبقائها، وتأكيدًا على أن الحركة لا تزال تعتبر هذه اللحظة التاريخية جزءًا من مسار الصراع وخيارها المسلح.
في المقابل، برزت أصوات أخرى عبّرت عن موقف نقدي تجاه العملية ذاتها، معتبرةً أن السابع من أكتوبر كان بداية الجحيم الذي فُتح على أهل غزة، وأن الكلفة الإنسانية الباهظة للحرب تجاوزت حدود الاحتمال. وقد نشر ناشطون بنشر صوراً لمجازر وجرائم ارتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، تأكيدًا على رأيهم بأن الثمن الذي دفعه المدنيون كان فادحًا، وأن العملية – رغم رمزيتها – فتحت مرحلة غير مسبوقة من المعاناة.
وقد رأى هؤلاء أن استمرار القتال بعد عامين من الدمار لم يترك للغزيين سوى التطلع إلى نهاية الحرب بأي ثمن سياسي، حتى وإن ظلّ التمسك بالمقاومة حاضرًا في وجدانهم.
ورغم تمسك قطاعات واسعة من الفلسطينيين برمزية السابع من أكتوبر واعتباره تعبيرًا عن حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه واستعادة حقوقه الوطنية، فإن الذكرى الثانية للهجوم ترافقت مع تصاعد الدعوات إلى إنهاء الحرب التي طال أمدها وأثقلت كاهل المدنيين في غزة، بالموت والدمار والمجاعة. وبالرغم من الأصوات الحماسية الداعمة لخيار المقاومة المسلحة، إلا أنّ هناك مساحة مشتركة بين مختلف الاتجاهات تتقاطع عند رغبةٍ واحدة تقول: "يا ليت الحرب تنتهي اليوم".
وقد انعكس هذا المزاج في مظاهر البهجة والارتياح التي رافقت إعلان الرئيس الأميركي عن مقترحٍ جديد للاتفاق، رغم ضبابية تفاصيله. فكل إشارة إلى احتمال وقف القتال تبقى بصيص أملٍ لسكان غزة الذين يتطلعون إلى نهايةٍ لمعاناتهم وعودةٍ إلى حياةٍ طبيعية تنهي دوّامة الألم.
