إسرائيل تعلن صيغة التطبيع المقبلة: تحييد سوريا ولبنان

أدهم مناصرةالأحد 2025/07/06
ترامب نتنياهو الشرع عون.jpg
ملصق في تل أبيب يروج للتطبيع مع دول عربية (غيتي)
حجم الخط
مشاركة عبر

كشف الاعلام الإسرائيلي عن أهداف تل أبيب في فرض التطبيع على لبنان وسوريا ودول المنطقة، عبر سردية مستجدة تقوم في عرض التطبيع على بيروت ودمشق وغيرهما، على منطق العنترية والعربدة، بهدف التحييد، وهو الأسلوب نفسه الذي تنتهجه الدولة العبرية في حروبها وعدوانها أيضاً.

فمفهوم تل أبيب للتطبيع والسلام، لا يقوم على أساس ندّي، ولا إعادة الحقوق الفلسطينية والعربية والأراضي التي احتلتها قديما وجديداً، وإنما سادّي واستعلائي، أما تعريفه في أقصى حالاته فلا يخرج عن مفهوم أمني معناه الإسرائيلي هو "التحييد" للدول المجاورة لفلسطين وعموم المنطقة، عن المواجهة والصراع لسنوات طويلة، مع مواصلة نهج التوسع واستباحة الجميع، تحت عنوان "إسرائيل المُنتصرة".. فمفهوم التطبيع المستجد بالنسبة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو هو "مجاني" وبلا ثمن تدفعه إسرائيل؛ لأنها تأخذ ولا تُعطي!

 

فرص إقليمية

وهذا ما كان واضحاً في تصريحات المسؤولين الإسرائيليين في الأيام الأخيرة عن التطبيع الجديد، أبرزهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته جدعون ساعر. فالأول، يرى أن ما وصفه بـ"النصر الكبير" على إيران قد فتح "فرصاً إقليمية كبيرة"، مدعياً أنه "لولا قوة إسرائيل.. لما بادرت دول عربية وإسلامية للتقرب منّا"، في إشارة إلى أن تل أبيب لا تستجدي التطبيع.. بل العرب هم مَن يريدونه! 

في حين، قرن ساعر دعوته لدخول سوريا ولبنان إلى ركب التطبيع، ببقاء سيطرة إسرائيل على الجولان، وأن يُراعي التطبيع المصالح الأمنية الإسرائيلية، وكأنّ التطبيع حاجة عربية لكف ما أمكن من شرّ إسرائيل فقط!

 

التطبيع "المثالي"

وبهذا المعنى، فإن حكومة نتنياهو ترى أن التطبيع "المثالي" هو ذلك الذي يمكن فرضه على دول عربية مصنفة "بالضعيفة" الآن، في إشارة إلى سوريا ولبنان، وذلك اعتقاداً منها أنه حالٌ يمكنها من إجادة توظيف أسلوب الابتزاز والعنترية والمقايضة. وكان هذا جلياً أيضاً عندما أثارت القناة العبرية الرسمية "مكان" قبل أيام مسألة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا ورئيسها، وكأنّ لتل أبيب دور في ذلك، وأن الأخيرة بانتظار الاتفاق مع دمشق ك"مكافأة"، بموازاة طرح إسرائيل نفسها وكأنها تمتلك "مصباح علاء الدين"، وأن التقرب منها سيحل مشاكل دول المنطقة!

 

اتفاق أمني يتسع تدريجياً

وثمة دافع آخر وراء خطاب التطبيع السادّي من قبل إسرائيل، ألا وهو البعثُ برسالة ضمنية وصريحة إلى الدول العربية والإسلامية، مفادُها أنها لا تريد علاقات سرّية ولا مجرد لقاءات في غرف مغلقة، بل تطبيعاً علنياً أمام الجميع، سواء بدأ شاملاً.. أو أمنياً جزئياً "يتسع تدريجياً". وبهذا المعنى، روّج نتنياهو لعدوانه على غزة والعابر للحدود، بأنه يندرج تحت عنوان "حرب.. من أجل سلام المنطقة والعالم"، أي أنه الغاية هي فرض التطبيع بالقوة والاستيلاء على دول المنطقة، أي أن نتنياهو طرح "الانتصار الإسرائيلي" المزعوم وكأنه "نهاية التاريخ"، أي الشكل الحتمي والنهائي للشرق الأوسط الجديد.

 

مفهوم تطبيعي.. مُغايِر!

ورغم أن فهم إسرائيل لاتفاقات التطبيع والسلام يقوم تقليدياً على منطق الاستعلاء والقوة، إلا أن الحكومة اليمنية الإسرائيلية عززت في السنوات الأخيرة مفهوما تطبيعياً أكثر انتهازية وعنترية، حتى أصبح معناه مغايِراً للسابق بعد 7 تشرين أول/أكتوبر 2023. وهذا ما أكده أيضاً المتخصص بالشؤون الإسرائيلية عادل شديد لـ"المدن"، حيث قال إنه بناء على المفهوم الإسرائيلي المستجد، فإن تل أبيب لم تعد تتصرف على أساس أنها مستفيدة من التطبيع، وإنما تقدم سردية تزعم أن الدول الأخرى هي التي تستفيد من "قوة إسرائيل الأمنية والتكنولوجية والاقتصادية".

ومن خلال الخطاب السادي والاستعلائي، تحاول إسرائيل تثبيت معادلة أنها حققت "انتصارا"، إذ تعزو كل التغييرات الأمنية والسياسية التي حصلت في لبنان وسوريا وعموم المنطقة إلى القوة الإسرائيلية، وأنها لولا هذه القوة لما "تراجعت إيران". 

 

"مكافأة".. وتطبيع النقاش العربي

وعلى أساس هذا الادعاء، تبني الدولة العبرية سرديتها القائلة "إننا حررناكم من إيران.. ولم يبقَ أمامكم إلا التطبيع"، بموازاة دعوة العرب إلى "مكافأة إسرائيل وشكرها"! وهنا، بدا لافتاً حصر أقلام عبرية لمفهوم الاتفاق المحتمل مع سوريا، في سياق التنسيق الأمني بشأن الجنوب السوري، ورهن النشاط الأمني والعسكري للسلطات السورية الجديدة في المنطقة، بإذن إسرائيل والتنسيق معها.

ولا يخفى أيضاً أن سادية التطبيع الذي تطرحه إسرائيل الآن، مبنية على أساس نظرتها إلى الفلسطيني والعربي، بأنهم وجدوا "لخدمة" اليهود وإسرائيل، وأن كسرهم للعرب هو من جعلهم يعودون لطلب "السماح وخدمة تل أبيب".

وإلى جانب ذلك كله، تسعى تل أبيب إلى تحقيق "إنجازات" أخرى من ترويجها لتطبيع آتٍ، وهو أنها تريد أن تجعله نقاشاً طبيعياً ومألوفاً وحتمياً في الوسط الشعبي والرسمي للدول العربية، أي تطبيع النقاش العربي للتطبيع.. أفقياً وعمودياً.

Loading...

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث