حجم الخط
مشاركة عبر
بعد 12 عاماً على مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية، التي ارتكبها نظام بشار الأسد في 21 آب/أغسطس 2013، ما زالت الشهادات الحية تخرج لتوثق حجم الفاجعة، وسط شعور بالخذلان من المجتمع الدولي الذي فشل في تحقيق العدالة، حيث قدم الدكتور أحمد البقاعي، أحد أبرز الأطباء الميدانيين في الغوطة آنذاك، شهادة مؤلمة وشاملة تكشف خفايا ما جرى، وتوثّق حجم الانتهاك ضمن حلقة من بودكاست "بتوقيت دمشق".
الغوطة تحت الحصار: الطريق إلى المجزرة
في شهادته، يروي الدكتور البقاعي أن الغوطة الشرقية كانت منذ بداية الثورة هدفاً مباشراً للنظام، حيث تعرضت المنطقة منذ العام 2011، لعمليات اقتحام واعتقال واسعة، لتتحول لاحقاً إلى واحدة من أكثر المناطق السورية تضرراً من الحصار.
ويصف البقاعي عن مؤسسات بديلة عن النظام، أبرزها المكتب الطبي الموحد، الذي لعب دوراً أساسياً في توثيق المجازر وتقديم الرعاية في ظل غياب الدولة. وتحدث عن مجازر سبقت مجزرة الكيماوي، ومنها مجزرة في بلدة المليحة راح ضحيتها 89 مدنياً أحرقوا داخل محطة وقود بعد استهدافهم بالطيران.
ويصف البقاعي عن مؤسسات بديلة عن النظام، أبرزها المكتب الطبي الموحد، الذي لعب دوراً أساسياً في توثيق المجازر وتقديم الرعاية في ظل غياب الدولة. وتحدث عن مجازر سبقت مجزرة الكيماوي، ومنها مجزرة في بلدة المليحة راح ضحيتها 89 مدنياً أحرقوا داخل محطة وقود بعد استهدافهم بالطيران.
تفاصيل المجزرة: "يوم لا يمكن نسيانه"
ويروي البقاعي أنه عند الساعة الثانية من فجر 21 آب/أغسطس 2013، وردت إشارات عبر اللاسلكي بوجود روائح غريبة في زملكا وعين ترما، عندها حاول الدكتور البقاعي الوصول إلى الموقع رغم شحّ الوقود، ليصطدم بمشهد قال عنه: "القيامة قامت".
كانت العائلات ممددة في أماكنها، كما هي: أزواج ماتوا على الأرائك وفناجين القهوة بين أيديهم، أطفال مختنقون في الحمّامات، عائلات كاملة قضت وهي نائمة، ولم تكن هناك إصابات ظاهرة، بل شلل عام في التنفس.. وفي المشافي، كانت الساحات مغطاة بأجساد بشرية، غالبية الضحايا من الأطفال والنساء.
1500 شهيد و10 آلاف مصاب
وقال الرفاعي ان المكتب الطبي الموحد وثق حينها 1466 شهيداً بالاسم خلال أول 48 ساعة، بينما ارتفع العدد لاحقاً إلى أكثر من 1500 بعد وفاة مصابين في العناية المشددة، وأُصيب نحو 10 آلاف شخص، ودفن الضحايا في مقابر جماعية متعددة الطوابق في زملكا وحمورية وعربين.
تحقيق دولي متأخر و"صمت متواطئ"
في مفارقة صادمة، تحدث الرفاعي كيف كان فريق التحقيق الدولي في دمشق وقت الضربة، على بعد كيلومتر واحد فقط من موقع المجزرة، لكنه لم يصل إلى الغوطة إلا بعد سبعة أيام، ورغم تقديم كافة الأدلة والعينات والتقارير، اكتفى مجلس الأمن بقرار 2118، الذي لم يطبّق، كما لم تحاسب أي جهة، وهنا قال البقاعي: "المنظمات الدولية كانت شريكة في الجريمة. العالم لم يكن وفياً لتضحيات السوريين، بل تواطأ بصمته".
محاولات طمس الحقيقة
واتهم البقاعي النظام السوري باستخدام الإعلام والكوميديا والدراما لتشويه الحقيقة، مشيراً إلى مزاعم اختطاف الأطفال من اللاذقية، وإنتاج أفلام تنكر حدوث المجزرة، كما تحدث عن إجبار أطباء على الشهادة زوراً في لاهاي تحت التهديد، وتحدث عن إحدى الناجيات، وهي الطفلة إيمان، التي بقيت قيد الإقامة الجبرية منذ 2018 حتى سقوط النظام.
رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية
وأسس البقاعي مع آخرين "رابطة ضحايا الأسلحة الكيميائية" العام 2022، بهدف توثيق المجازر وتقديم ملفات قانونية للمحاكم الدولية، ووفق شهادته، ساهمت الرابطة في إدراج بشار وماهر الأسد على قوائم المطلوبين لدى المحكمة الجنائية الدولية، ووتضم الرابطة حالياً نحو 200 عضواً من المصابين وذوي الشهداء.
شهادات مؤلمة ومطالب بالعدالة
وتحدث البقاعي عن حالات مؤثرة، كناجين فقدوا جميع أفراد عائلاتهم، وأطفال يعيشون حتى اليوم بأعراض عصبية ونفسية بسبب الغاز، مؤكداً أن الكوادر الطبية حينها أنقذت كثيرين رغم افتقارها للعتاد والكمامات الواقية.
ودعا في ختام شهادته إلى محاسبة جميع المسؤولين، من رأس النظام حتى أصغر منفذ، قائلاً: "الثورة لم تنتهِ، والعدالة هي الخطوة الأخيرة نحو النصر".
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها