حجم الخط
مشاركة عبر
في مشهد يعكس حجم التحولات السياسية والدينية داخل الطائفة العلوية في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، شهدت مدينة حمص، الأحد، لقاءً تشاورياً موسعاً للمجالس العلوية في محافظات دمشق وحماة وحمص واللاذقية، نتج عنه الإعلان عن تشكيل "هيئة تشاورية للطائفة العلوية"، في خطوة وصفت من قبل المنظمين بأنها تهدف إلى ضمان مشاركة الطائفة في الحوار الوطني، والعمل على إنهاء الانقسام وتعزيز المصالحة المجتمعية.
هيئة تشاورية جديدة
وحسب البيان الختامي للقاء، فإن الهيئة التمثيلية الجديدة تضم ممثلين عن المجالس الدينية العلوية في المحافظات الأربع، وتناط بها مهمات تتعلق بالتشاور مع الحكومة السورية، ودعم السلم الأهلي، وتحقيق العدالة الانتقالية، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، وتعويض المتضررين، وتحقيق المصالحة الوطنية الشاملة.
البيان الذي حمل توقيع كل من الشيخ صبحي الدين السلوم (رئيس مجلس حمص)، والشيخ حسين العباس (حماة)، والدكتور علي أحمد أحمد (اللاذقية)، والشيخ علي شعبان ضرير (دمشق)، أكد أن الهيئة لا تدّعي التمثيل المطلق، بل تنطلق من إرادة داخلية لمعالجة القضايا الراهنة، مشدداً على أهمية فتح قنوات الحوار بين جميع الأطراف.
بيان "الشباب العلوي": رفض قاطع للهيئة الجديدة
ولم تمضِ ساعات على صدور البيان حتى ظهر ردّ علني تحت عنوان "بيان الشباب العلوي"، نشر عبر صفحة "الحقيقة السورية" في فايسبوك، عبّر فيه موقّعوه عن رفضهم الكامل لتشكيل الهيئة الجديدة، معتبرين أنها تمثل محاولة "لتفتيت الصف العلوي"، وتجاهُل المجلس العلوي القائم الذي يترأسه الشيخ غزال غزال، واصفين الهيئة الجديدة بأنها "تفتقر للإجماع وتهدد وحدة الطائفة".
وأكد البيان أن المطالب المطروحة في بيان الهيئة، كإطلاق المعتقلين وتحقيق العدالة "ليست جديدة"، بل كانت جزءاً من الخطاب العام للمجلس العلوي القائم، معبراً عن خشية من "محاولات موازية لخلق جسم بديل يهدد وحدة الصف".
غزال غزال يرد ويعزل المشايخ
التصعيد لم يتوقف عند هذا الحد، إذ تداول ناشطون بياناً رسمياً جديداً عن المرجعية الروحية العليا للطائفة العلوية، الشيخ غزال غزال، مكتوباً بخط اليد، أعلن فيه عزل رؤساء المجالس الدينية الأربعة المشاركين في اللقاء، واعتبر أن ما جرى "انحراف عن المسار"، واتهم بعض القائمين على المجالس الفرعية بـ"بيع القضية والتنكر لدماء الشهداء والمعتقلين".
وأشار غزال في بيانه إلى تشكيل "لجنة استشارية دينية جديدة" تمثل المحافظات كافة وتكون مسؤولة أمامه مباشرة، مؤكداً: "لا يُعترف بأي مجلس أو لجنة تدعي تمثيل الطائفة من دون إجماع علني وصريح من المكوّن العلوي".
ردود أفعال متباينة
بيان غزال غزال وما تبعه من حملات دعم، أثار أيضاً ردود أفعال حادة في وسائل التواصل الاجتماعي، حيث انقسم العلويون بين مؤيدين يعتبرون غزال "المرجعية الوحيدة للطائفة"، وبين رافضين وصفوه بـ"رجل المرحلة الماضية".
وفي منشورات تداولها نشطاء مؤيدون لغزال، تم التحذير من "مؤامرة لتشكيل مجلس علوي بديل"، متهمين مشايخ اللقاء التشاوري بـ"تنفيذ أجندات تهدف إلى تخدير الطائفة وإقناعها بالتخلي عن حقوقها".
في المقابل، رد معارضون لهذا الخطاب، قائلين إن غزال غزال "نصّب نفسه مرجعية روحية من دون شرعية أو إجماع"، متهمينه بأنه "من بقايا النظام السابق"، وأن "مجلسه الجديد لا يمثل الطائفة بل يمثل منطق الهيمنة الدينية الفوقية".
وكتب أحد المنتقدين: "هذا غزال غزال ومجلسه المزعوم لا يمثلنا، ولم يكن له وجود قبل سقوط النظام، وهو يحاول اليوم توظيف خطاب الطائفة لمصالحه الشخصية".
أزمة تمثيل أم بداية نقاش علوي مفتوح؟
الجدل المتصاعد بين مؤيدي الهيئة التشاورية، وداعمي غزال غزال، ورافضي الطرفين، يكشف أزمة تمثيل فعلية داخل الطائفة العلوية في لحظة مفصلية تمر بها البلاد، وسط غياب مرجعية واضحة قادرة على تمثيل مطالب الطائفة في السياق الوطني من دون الوقوع في فخ التوظيف السياسي أو الاصطفاف الفئوي.
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها