newsأسرار المدن

العثور على قطع أثرية في قصور عائلة الأسد

المدن - ميدياالثلاثاء 2025/05/13
آثار سورية في المتحف الوطني بدمشق (Getty).jpg
آثار سورية في المتحف الوطني بدمشق (Getty)
حجم الخط
مشاركة عبر
لم تتوقف جرائم النظام السوري عند قتل وتشريد الملايين خلال العقود الماضية، بل امتدت لتطال الإرث الحضاري والثقافي الذي يعود لآلاف السنين، وهو ما أكد عليه الدكتور أنس حاج زيدان، المكلف بتسيير المديرية العامة للآثار والمتاحف في سوريا، في مقابلة ضمن بودكاست "بتوقيت دمشق".

وقال زيدان أن النظام السوري بدءاً من حافظ الأسد مروراً ببشار الأسد، اتبع سياسة ممنهجة لتخريب الهوية التاريخية لسوريا، من خلال الإهمال المتعمد لقطاع الآثار، وفتح الباب أمام شبكات التهريب والنهب التي تشرف عليها شخصيات نافذة في النظام، وعلى رأسهم ماهر الأسد وأسماء الأسد، بدعم مباشر من الميليشيات الإيرانية والروسية.



وأشار زيدان إلى أن إيران عملت خلال السنوات الماضية على شراء عقارات ومبان أثرية داخل البلدة القديمة في دمشق، وتسجيلها بأسماء إيرانية أو سورية وهمية، بتواطؤ مباشر من الأجهزة الأمنية التابعة للنظام السوري.

ومن أبرز الأمثلة التي ذكرها، العقار رقم 186 الذي تم تحويله إلى ما يعرف اليوم بـ"المدرسة الفاطمية"، إضافة إلى التوسع الكبير الذي شهده مجمع مقام السيدة رقية، الذي تجاوزت مساحته الأصلية بأكثر من 25 ضعفاً منذ تأسيسه.

وأوضح زيدان أن هذه التوسعات جرت تحت مسميات دينية، لكنها في حقيقتها جزء من عملية "احتلال ناعم" للمدينة القديمة، شملت شراء مدارس دينية أثرية مثل "الحسينية" و"اليوسفية"، وتحويلها إلى مراكز تابعة للميليشيات الإيرانية، وأضاف أن هذا التوسع العمراني الطائفي أنجز عبر وسائل عدة منها الترغيب المالي أو الضغط الأمني، والمصادرة غير القانونية، ما أدى إلى طمس واسع للهوية المعمارية والثقافية لدمشق، وتحويلها تدريجياً إلى نموذج "لدولة داخل الدولة"، تحاكي التصور الإيراني للنفوذ الثقافي والديني في المنطقة.

وكشف زيدان أن عمليات التنقيب غير الشرعي لم تقتصر على الميليشيات، بل شملت أيضاً قصور عائلة الأسد، حيث عثر على قطع أثرية ثمينة مخزنة داخل منازل ومقار تابعة لمقربين من النظام، وأوضح أن وزارة الدفاع، في عهد أحد الوزراء السابقين، كانت تحتوي على مدفن أثري كامل في مدينة الرستن بمحافظة حمص، إلى جانب اكتشافات مماثلة في منازل ضباط كبار، مؤكداً أن التهجير القسري الذي مارسه النظام كان له بعد آخر يتمثل في تفريغ المناطق من سكانها، تمهيداً لنهب تراثها وتزوير هويتها التاريخية.

وأشار زيدان إلى وجود تقاطع واضح بين شبكات تهريب الآثار وتجارة المخدرات وتجارة الأعضاء البشرية، مؤكداً أن الطرق والمسارات نفسها التي استخدمت لنقل الكبتاغون والأسلحة كانت استخدمت لتهريب القطع الأثرية إلى لبنان وروسيا ودول أخرى، معتبراً أن هذا النمط من التهريب لم يكن نشاطاً هامشياً، بل سياسة مركزية أشرف عليها النظام لضمان ولاء ضباطه وكبار رجالاته، وشاركت فيها بشكل فعال شخصيات من الصف الأول مثل أسماء الأسد وماهر الأسد.

واتهم زيدان النظام بمحاولة منهجية لتشويه الهوية الإسلامية للمواقع الدينية، من خلال ترميمات تجميلية في الجامع الأموي الكبير بدمشق، بدأت في عهد حافظ الأسد العام 1992، واستكملت لاحقاً بأساليب هدفت إلى محو معالم أساسية من الزخارف والنقوش التاريخية، مشيراً إلى أن الزوايا الأثرية داخل الجامع تضررت بسبب استخدام الخرسانة المسلحة، بينما تركت لوحة الفسيفساء الشهيرة المتضررة من حريق 1893 بلا ترميم.

واعتبر زيدان أن الإهمال المتعمد للفترة الإسلامية يعود إلى "عقيدة النظام التي سعت إلى خلق مسافة ثقافية بين الدولة والمجتمع، وتشويه صورة الحقبة الإسلامية لصالح فرض هويات طائفية هجينة، تدعم النفوذ الإيراني وتبرر وجوده الرمزي".

وأكد زيدان أن "المديرية العامة للآثار والمتاحف" تعمل اليوم على استراتيجية شاملة لإعادة توثيق وجرد القطع الأثرية، بالتعاون مع منظمات دولية مثل اليونسكو، بهدف استرجاع الآثار المنهوبة، وإعادة تأهيل المواقع المتضررة، لافتاً إلى أن بعض القطع أعيدت بالفعل من دول مثل سويسرا ولبنان وكندا، وأن العمل جار على بناء قاعدة بيانات رقمية جديدة، وتدريب كوادر متخصصة، وتحديث أنظمة الأمان داخل المتاحف.

وقال إن المديرية تعمل أيضاً على وقف عمليات الاستملاك غير الشرعي، خصوصاً في الأسواق التاريخية مثل سوق الحميدية، الذي شهد عمليات شراء لعقارات بأسماء إيرانية بدعم من النظام.

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها

تابعنا عبر مواقع التواصل الإجتماعي

  • image
  • image
  • image
  • image
  • image
subscribe

إشترك في النشرة الإخبارية ليصلك كل جديد

اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث